كيف نحقق أقصى استفادة من البيانات في المستقبل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترك وباء «كوفيد 19» بصمة كبيرة على الأعمال التجارية من مختلف الصناعات ليلقي بظلاله على الاقتصادات حول العالم. وعلى الرغم من أن بعض الأسواق تأثرت أكثر من غيرها، تعيّن على الشركات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دولة الإمارات، إجراء تغييرات كبيرة وسريعة للتكيف مع هذه الأوقات الصعبة غير المسبوقة.

لقد فرض الوباء خلال فترة قصيرة جداً، تغييرات كبيرة في طريقة سير العمل اليومي والعمليات المتبعة، التي كانت تتطلب في الحالة الطبيعية عمليات تخطيط تستغرق الكثير من الوقت قبل تنفيذها.

وعلى الرغم من أن تداعيات الوباء كانت ولا تزال تثقل كاهل الكثيرين، نعتقد أن بعض التحديات التشغيلية التي تمخضت عنها هذه الأزمة قد تكون مفيدة في نهاية المطاف، وقد تحمل معها الكثير من فرص الازدهار والنمو للشركات في هذا الواقع الجديد.

فلو عدنا بالذاكرة إلى السنة الماضية، سنرى أن الكثير من الشركات بدأت خلال تلك الفترة باغتنام كل فرصة تمكنها من خفض التكاليف من أجل تخطي هذه الأوقات الصعبة بنجاح.

وقد تعلمت العديد من العلامات التجارية الكثير مع تفشي الوباء، بحيث لم تعد العمليات المصممة للبقاء على المدى القصير كافية. واليوم حان الوقت بالنسبة للمؤسسات التقدمية لبدء العمل على مرحلة التعافي والتركيز على وضع قيم جديدة وتصحيح مسارها واعتماد سياسات جديدة وتسريع تحولها الرقمي. وفي وقت اعتمد فيه الكثيرون على العمل عن بُعد بشكل كامل، من المهم اليوم أكثر من أي وقت مضى تعزيز مستويات المرونة والتنويع ضمن نماذج عمل الشركة.

ولا شك أن هذا هو الوقت المناسب لقادة الأعمال الراغبين بتحقيق الانتعاش على مستوى الإيرادات، للبحث عن سبل جديدة لخلق قيمة طويلة الأمد، وضمان استمرارية الأعمال واستبدال الحلول المؤقتة بأخرى دائمة.

والحقيقة أن العديد من الشركات اليوم تدرك أن الوقت قد حان لتعزيز المناقشات حول إدارة البيانات بمختلف جوانبها، من إمكانية الوصول إلى التوافر والتسليم والأمان. ويساعد التركيز على هذه العناصر الأساسية الأربعة في تحسين الأثر المرجو لاستراتيجية إدارة البيانات الحديثة على الأداء العام للشركة.

1.    وفورات في التكلفة

تتعرض العديد من الشركات اليوم لضغوط كثيرة وغير مسبوقة لا تسمح لها بتحقيق الوفورات. ومع ذلك، يتوقع منها أن تقوم بمعالجة كميات ضخمة من البيانات والاحتفاظ بها. وعادة ما يؤدي ذلك لشغل مساحات مهمة وفرض تكاليف غير ضرورية من أجل الحصول على السعة، إلى جانب تكاليف استهلاك الكهرباء.

ولضمان أن تكون عملية إدارة البيانات في الشركة ذكية قدر المستطاع، نوصي بـ:

•    البدء بتصنيف البيانات ومراجعتها بما يتوافق مع التزامات الامتثال لضمان عدم تصنيف ما يفوق حاجتها من البيانات. ومن الضروري هنا أن تكون الشركة صارمة بخصوص ما ترغب بالاحتفاظ به، أو في حال كان ذلك صعباً، أن تكون على الأقل صارمة بخصوص نوع البيانات التي تحتاج إلى حمايتها.

•    تطوير نظام تصنيف قوي لمطابقة مختلف أنواع البيانات مع حلول التخزين الأكثر ملاءمة وفعالية من حيث التكلفة.

•    النظرة الشاملة لتخزين البيانات، سواء أكانت مملوكة أم مدارة، على موقع مشترك أم على السحابة، من أجل تحديد فرص التحسين. وهنا يبرز سؤال مهم: هل يناسب حجم مركز البيانات لديك لاحتياجات شركتك، أم أنه يمكن تفريغ بعض العقارات أو استخدامها لأغراض أكثر إنتاجية؟

•    السعي لتحسين قدرات البحث في المؤسسة، بما يسهل على الموظفين البحث في البيانات ويعزز الإنتاجية.

2.    حماية الموظفين والعملاء

أجبرت التدابير الاحترازية ومتطلبات التباعد الاجتماعي، التي فرضها تفشي الوباء، الموظفين على التكيف بسرعة مع طرق العمل الجديدة، داخل المكتب أو خارجه، وإعادة تقييم كل جانب من جوانب ممارسات عملهم. وفي حين أن التأثير الأكبر كان جسدياً من حيث كيفية ومكان وعدد مرات التواصل بين الموظفين والعملاء، فقد كان هناك تأثيرات افتراضية أيضاً، ارتبطت بالمجمل بتمكين العمل عن بُعد بفعالية، وحماية البيانات الحساسة الموجودة على الأجهزة البعيدة. وقد يكون من المرهق الاستجابة لهذه التحديات الجديدة، لا سيما مع بُعد المسافة التي تفصل بين فريق تكنولوجيا المعلومات والمستخدمين النهائيين. وهنا نطمئن قادة الأعمال من جديد إلى أن تمكين التقنيات الرقمية وخدمات الأعمال المناسبة قد يخفف الكثير من المخاوف التي تثقل كاهلهم، مثل:

•    توظيف الخدمات التي تقلل من مخاطر تخزين البيانات في الأجهزة المنزلية للموظفين، بما في ذلك حلول التحكم بسطح المكتب البعيد، وحلول التشفير والمصادقة الثنائية، وإغلاق الأصول عن بُعد.

•    الحصول على دعم الخبراء حول كيفية الامتثال في إدارة دورة حياة المعلومات، بما في ذلك المعالجة الآمنة لعمليات الفحص وسجلات الصحة العامة.

•    التعامل مع الباعة الذين يمكنهم تأمين تخزين آمن، مادي ورقمي، مع مراعاة المتطلبات الجديدة المتعلقة بوباء «كوفيد 19».

3.    بيانات 0.4

لقد أحدث الوباء تغييرات جذرية في طريقة استهلاك الناس للبيانات والوصول إليها واستردادها. وفرض أعباء جديدة على إدارات تكنولوجيا المعلومات والتسليم الإلكتروني للوثائق، لا سيما مع توسيع نطاق الاستخدام ليشمل المنازل في العديد من الحالات. وهنا يمكن أن تحقق ترقية إدارة البيانات فوائد كبيرة من بينها:

•    يوفر الاستثمار في خدمات إدارة البيانات المتقدمة الفرصة لأتمتة وتحسين كفاءة العملية وسير العمل، والحدّ من الأخطاء وتخفيف الأعباء عن الموظفين للتركيز على خلق القيمة في مكان آخر.

•    توفر تقنيات التعلّم الآلي فرصاً جديدة للاستفادة بشكل أفضل من البيانات، وإدارة نسخ البيانات بسلاسة مع تزايد أهمية المحفوظات الرقمية وتطبيق استراتيجيات الاحتفاظ المناسبة، بالإضافة إلى اكتشاف مصادر جديدة للإيرادات وفرص توفير التكاليف.

4.    الحدّ من تفريغ البيانات

يستخدم كل إنسان على الكوكب البيانات اليوم، وساهم الوباء في زيادة نمو استهلاك البيانات بسرعة أكبر من أي وقت مضى، حيث يجب تخزين كل «ميم» وكل «ستوري» وكل اجتماع مسجل في مكان ما. وكلما زادت أعداد العاملين عن بُعد، كلما زادت حاجة الشركة لتوسيع سعة تخزين بياناتها. وعلى الرغم من أنها قد تبدو «افتراضية»، فإن جميع البيانات تشغل مساحة وتستهلك الطاقة في مكان ما. ولهذا السبب، من الضروري التفكير في الأثر الذي نتركه على ما يسمى «تفريغ البيانات»، والبحث عن سبل للحد من مساهماتنا على هذا الصعيد:

•    تحتاج الشركات إلى البدء بتبني استراتيجية قوية لإدارة البيانات مع مراعاة جوانب الخصوصية والامتثال والأمان، وضمان تخزين البيانات المطلوبة فقط.

•    عوضاً عن استخدام منصات أقراص تخزن كميات كبيرة من البيانات، وتستهلك الكثير من الكهرباء، يعد الشريط وسيلة خاملة، حيث يمكنك تخزين تيرابايت من البيانات بقدرة 2-300 واط فقط لمساعدتك في تحقيق أهدافك البيئية.

وفي الختام لا بد من القول إن تداعيات الوباء لم تتوقف عند الخسائر الكبيرة في الأرواح، بل أدت للقضاء على الشركات غير المرنة أيضاً، مع الزيادة المستمرة في حصيلة الضحايا من الشركات. ولضمان بقائها على المدى الطويل، تحتاج الشركات لتعزيز مرونة نماذج أعمالها، حيث لم تعد السياسات والعمليات والأدوات الحديثة لإدارة البيانات مجرد خيار، بل هي ضرورة أساسية للبقاء.

 

Email