قطاع الدعم اللوجستي في الإمارات أظهر صلابته بوجه تحديات الجائحة

دور حيوي لدبي في ضمان استدامة الكفاءة التشغيلية للشحن

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد متخصصون أن دبي لعبت دوراً حيوياً من خلال إرساء دعائم متينة لضمان استدامة الكفاءة التشغيلية لمراكز الشحن البحري والتأكد من عدم انقطاع سلاسل الإمداد العالمية حتى خلال ذروة الأزمة.

يأتي ذلك فيما توقع متخصصون في قطاع الشحن البحري بأن يفرض ارتفاع أسعار الشحن البحري من الصين منذ مطلع العام الجاري تحديات جديدة على حركة سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار السلع والمنتجات خلال الفترة المقبلة، وذلك نتيجة النقص الكبير في الحاويات الفارغة في ظل تأخر تفريغ حمولات الحاويات في العديد من الموانئ العالمية بسبب عمليات الإغلاق الشامل في الكثير من الدول.

وأوضحوا لـ «البيان الاقتصادي» أن أسعار الشحن البحري من الصين ارتفعت خلال العام الجاري من 1450 دولاراً للحاوية إلى 8000 دولار للحاوية، ولفتوا إلى أن هذا الارتفاع يضاف إلى التحديات العديدة التي شهدها قطاع الشحن البحري خلال العام الماضي منذ بداية الجائحة.

تعثر

وقالت جاسمين فيشت، المؤسس والشريك الإداري في مؤسسه «فيشت وشركائه» القانونية والمتخصصة في القطاع البحري، إن التداعيات الاقتصادية التي تسببت بها جائحة (كوفيد19) تعتبر من التهديدات الكبرى التي واجهها وما زال يواجهها العالم.

وقد شهد قطاع النقل البحري تعثراً بسبب عمليات الإغلاق والقيود على الحركة، بالإضافة إلى انخفاض الطلب على السلع، وشهد العالم انخفاضاً في عدد نداءات السفن في مطلع مارس 2020 بلغ 45,038 ليستمر بالانخفاض وصولا لـ 38,728 نداء في الأسبوع الثامن عشر من عام 2020، مقارنة بـ 46,231 نداء في الأسبوع ذاته من عام 2019.

وأضافت: رغم الظروف التي فرضتها الجائحة، أفاد تحليل صادر عن غرفة تجارة وصناعة دبي بأن قطاع الشحن والدعم اللوجستي الإماراتي أظهر متانته وصلابته في وجه التحديات التي تسببت بها الأزمة، مشكلاً عامل قوة في دعم الشبكة اللوجستية العالمية لمواجهة جميع التحديات. وشهدت موانئ دبي العالمية – إقليم الإمارات ارتفاعاً قدره 3.1٪ في الكمية الإجمالية للمناولة خلال الربع الثالث 2020.

تكاليف

وحول تغيرات أسعار وتكاليف الشحن البحرية عالمياً، قالت فيشت: في مطلع العام الماضي تسببت الأزمة بارتفاع قدره 60٪ في تكاليف الشحن البحري عالمياً، وذلك يعود بداية إلى امتناع كبرى شركات الشحن البحري من العمل في السوق الصيني والذي يعتبر من أضخم الأسواق عالمياً والمورد الأكبر لمعظم البضائع، بعدها بدأت عمليات الإغلاق وفرض قيود الحركة في مختلف بلدان العالم والذي زاد الأمر سوءاً، وبعد اتفاق العديد من الخطوط الملاحية العالمية على تخفيض السفن المشاركة في حجم التجارة العالمية، زادت عمليات الاندماج والاستحواذ بين شركات الشحن البحري وملاك السفن، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النقل البحري.

ومع حلول عام 2021 ارتفعت أسعار الشحن من الصين من 1450 دولاراً للحاوية وصولاً إلى 8000 دولار للحاوية، ما سيؤدي إلى تزايد في أسعار المنتجات النهائية في الأيام المقبلة.

تفوق

وفيما يتعلق بأهمية دبي كمركز دولي للشحن البحري، قالت فيشت: وفقاً لمؤشر تطوير مراكز الشحن الدولية، احتلت دبي المركز الخامس للعام الثالث علي التوالي كأفضل مركز بحري عالمي للشحن البحري متفوقةً على عدد من كبريات المدن العالمية منها نيويورك وطوكيو.

ويؤكد هذا الإنجاز الكبير قدرة دبي التنافسية وجاذبية بيئتها الاقتصادية والبحرية المحلية للارتقاء ببنيتها التحتية ومكانتها كمركز بحري عالمي، إضافة إلى تنوع الخدمات البحرية والإمكانات اللوجستية التي تقدمها موانئ دبي. ويعود هذا التميز لتوجيهات قيادة دبي الرشيدة والتي مكنتها من التغلب على الأزمة والتخفيف من وطأتها الاقتصادية.

بناء على المعايير الموضوعية التي يستند إليها مؤشر تطوير مراكز الشحن الدولية، منها جودة وكفاءة البنية التحتية وإنتاجية الموانئ واتساع خدمات الدعم البحري وتنافسية بيئة الأعمال والاستثمار وغيرها، أثبتت مدينة دبي تميزها في إرساء دعائم متينة لضمان استدامة الكفاءة التشغيلية لمراكز الشحن البحري والتأكد من عدم انقطاع سلاسل الإمداد، حتى خلال ذروة الأزمة.

تميز

ومن جانبه، قال خميس بوعميم، مؤسس شركة كى.بي.أي للاستثمار ورئيس مجلس دبي للصناعات البحرية والملاحية: لمع نجم مدينة دبي في القطاع البحري، حيث بات الجميع يعرفها كمركز بحري متميز سبّاق في التطوير والتنمية المستمرة حتى حينما كانت الأزمة في أشدها، لذلك جاء إنشاء مدينة دبي الملاحية تأكيداً للدور المهم الذي تلعبه مدينة دبي محلياً وعالمياً.

وأكد أن موقع مدينة دبي الملاحية الاستراتيجي حيث تقع في قلب مدينة دبي، إضافةً إلى خدماتها المتعددة والمتميزة التي تقدمها ساعدا على اكتسابها شهرة كمجمع استثنائي متكامل يجمع كل أطراف الصناعة البحرية ما يعزز هذا القطاع ويسرع عجلة التنمية على مستوى المنطقة، بالإضافة إلى توفر قوى عاملة مدربة تمتلك قدرات عالية المستوى ومهارات وخبرات نادرة في الصناعة البحرية، كما أن جميع مرافق هذا المجمع صديقة للبيئة تماشياً مع رؤية الدولة في تنويع الأنشطة الاقتصادية والاعتماد على مصادر الطاقة المستدامة.

وأشار إلى أن تجربة دبي في التغلب على الأزمة والتخفيف من تداعياتها كانت خير برهان للعالم أجمع على رؤية قيادتها الرشيدة وقدراتها التنافسية عالية المستوى، وعلى الرغم من ذلك، يجب على جميع العاملين في القطاع البحري الاستمرار بالالتزام بجميع التدابير الوقائية وتجهيز أنفسهم للتحول القادم في نموذج العمل والذي يستدعي القدرة على استخدام التقنيات الحديثة بشكل فعال من قبل جميع العاملين في القطاع، حيث يجب تأهيل وتدريب جميع العاملين تقنياً لضمان نجاح هذا التحول.

جاذبية

وقال المهندس إبراهيم البحيري، العضو المنتدب والمدير التنفيذي في منطقة الشرق الأوسط لشركة وين جي. دي الدولية والمتخصصة بتزويد محركات سفن الحاويات وناقلات النفط العملاقة: جاء اختيارنا للإمارات مكاناً للاستثمار على خلفية اعتبارات عدة، أولها الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به دولة الإمارات والذي يستقطب رؤوس أموال ضخمة ومستثمرين عمالقة، إضافة إلى قوة البنى التحتية لموانئ الإمارات وخدماتها المختلفة عالية المستوى مما جعلها بيئة جاذبة ووجهة مفضلة لملّاك السفن، حيث يمكن للسفن أن تحصل على خدمات الصيانة وقطع الغيار خلال فترة توقفها في موانئ الدولة لتحميل وتنزيل البضائع، والتزود بالوقود.

ولفت البحيري إلى أن دبي أثبتت قدرتها المميزة في دعم سلاسل التوريد العالمية حتى خلال فترة ذروة الجائحة، ورغم إضراب سلاسل الإمداد عالمياً وعجز معظم دول العالم في تأمين المواد الغذائية الأساسية خلال الأزمة، استطاعت الإمارات تزويد مستهلكيها بجميع احتياجاتهم من غير نقصان.

منذ بداية الجائحة، طبقت مدينة دبي عدداً من القوانين والتدابير الصارمة لسلامة وحماية العاملين في قطاع النقل والشحن البحري وضمان التدفق المستمر للتجارة، إضافة إلى ذلك، كان التوظيف الفعال للتقنيات الرقمية في موانئ دبي واستخدام أحدث التكنولوجيات من قبل صناع ومشغلي السفن الحل الأمثل للاستمرار خلال الأزمة والمنقذ الوحيد للموقف، وتشمل هذه التقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، وإنترنت الأشياء، والواقع المعزز.

قدرات

ومن جانبه قال الربان الدكتور أحمد يوسف، نائب عميد كلية النقل البحري والتكنولوجيا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري فرع الشارقة: تماشياً مع التغييرات والتحولات الجذرية التي نشهدها في عصرنا هذا، إنه لمن واجبنا كذراع أكاديمية بحرية بأن نزود قطاع النقل البحري والصناعة البحرية بأجيال شابة مسلحة بالمعرفة العلمية والعملية لخدمة هذا التحول في نموذج العمل والذي يتطلب قدرات تقنية متطورة، حتى أنها أصبحت بنظري حاجة ملحة وضرورية.

هذا التحول قادم لا محاله، لذلك يجب علينا أن نعمل يداً بيد ونكون على أهبة الاستعداد لاستقبال هذا التحول والتكيف مع تغييراته المختلفة حتى نتمكن من الاستفادة منه قدر الإمكان ونحرز قصب السبق عالمياً في التعافي من آثار الجائحة والتخطيط لحقبة ما بعد كوفيد.

تحديات غير مسبوقة أمام القطاع البحري

فرضت الأزمة العالمية تحديات غير مسبوقة على القطاع البحري، ومن أكبر هذه التحديات تحويل نموذج العمل التقليدي القديم إلى نموذج متعدد النطاقات، أكثر مرونة وفعالية، بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار اللوائح والتدابير التنظيمية الجديدة للمنظمة البحرية الدولية 2020.

ويتطلب هذا التحول تبني المزيد من التقنيات الحديثة وأساليب أتمتة جديدة، لبناء منظومة شحن بحري ذكية وأكثر استدامة، لذلك يجب على صناع القرار النظر بمزيد من الجدية للبدائل المستدامة للوقود، وهذا التحول يحتاج إلى بنى تحتية ذات قدرات تكنولوجية عالية وقوى عاملة مؤهلة رقمياً وقادرة على استخدام هذه التقنيات بفعالية.

 

 

Email