أذهلت دبي العالم خلال العقود القليلة الماضية بإنجازاتها غير المسبوقة على الصعد كافة، وبقدرتها الدائمة على التجدد والابتكار. ويكمن السر في روح الطموح والابتكار التي تميز الإمارة والتي شكلت مثالاً يحتذى به في كيفية تطوير المشاريع العقارية والترفيهية العملاقة، التي كانت وما زالت تذهل العالم.
ومن هذه البيئة الخلاقة، وبرعاية كريمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، انطلقت فكرة «ديب دايف دبي» التي تمثل إضافة فريدة إلى المشاريع الرياضية والترفيهية في الإمارة التي تسعى إلى تحويل الرؤى المبتكرة إلى واقع ملموس، وذلك بفضل تضافر مجموعة واسعة من الخبرات البشرية.
قال عبدالله بن حبتور، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في «شمال القابضة»، الشركة المالكة للمشروع، في حديث مع «البيان»، إن الفكرة الرئيسية من «ديب دايف دبي» تتمثل في إتاحة الفرصة للجميع لاستكشاف ثراء وتنوع وعظمة عالم الأعماق. وقد استغرق البناء الفعلي المستمر، باستثناء مرحلة التخطيط والتطوير، حوالي خمس سنوات.
وأضاف: بهدف توفير تجربة استثنائية، قمنا ببناء أعمق حوض للغوص في العالم، ترقد في قعره مدينة غارقة تمنح عشاق الغوص الفرصة لممارسة هوايتهم الأثيرة في مكان مفعم بالغموض والإثارة، واستخدمنا لذلك أحدث التجهيزات والتقنيات المعتمدة. إضافة إلى ذلك، قمنا بتأسيس أكاديمية للغوص تقدم دورات تدريبية ذات مستوى عالمي، وكلها مقومات تهدف لإعادة تعريف تجربة الغوص وتوفير مغامرة لا تنسى لزوار «ديب دايف دبي».
تجارب استثنائية
وحول المساهمة في إثراء المشهد السياحي والترفيهي وأنشطة الرياضات المائية في دبي، أكد ابن حبتور أن «ديب دايف دبي» تعد من المشاريع الرياضية والسياحية المهمة التي تسهم في تعزيز مكانة الإمارة كإحدى أهم الوجهات السياحية على الخارطة العالمية بما تضمه من مقومات جذب فريدة ومتنوعة. وهي تعد مثالاً بارزاً يعكس العلاقة الوثيقة بين السياحة والأنشطة الرياضية التي تستقطب جمهور السائحين والزوار الساعين إلى قضاء عطلات استثنائية وإثراء تجاربهم الشخصية وروح المغامرة لديهم.
وأضاف: لم يعد يخفى على أحد أن دبي أضحت اليوم أيقونة الوجهات السياحية العالمية، حيث تخطى نمو السياحة فيها متوسط النمو العالمي للقطاع.
وجاءت «ديب دايف دبي»، بما تتمتع به من مواصفات فريدة لتنضم إلى قائمة أبرز الأماكن المفضلة لدى السياح وبشكل خاص عشاق الرياضات المائية، كونها تضم أعمق حوض للغوص في العالم، وفقاً لموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، حيث يمكن لزوراها الاستمتاع بمختلف أنشطة الغطس الحر والغوص طوال العام، فضلاً عن توفير تجارب استثنائية بإدارة أشهر محترفي الغوص الدوليين في هذه المجالات.
أولويات
وتتميز «ديب دايف دبي» باحتوائها على مجموعة واسعة من المرافق المتخصصة متعددة الجوانب والاستخدامات والمجهزة بأحدث التقنيات وأكثرها تطوراً، بحسب ابن حبتور الذي يقول: في حين تمثلت الأولوية بالنسبة لنا في عامنا الأول بالتركيز بشكل كبير على تعزيز العمليات وتوسيع نطاق الخدمات وتحسين تجربة الزوار، وفي الوقت ذاته ضمان الجودة الفائقة وتأمين أقصى مستويات السلامة لجميع المشاركين، إلا أننا بدأنا بالفعل باستخدام هذه المرافق في عدد من مشاريع التصوير تحت الماء لما تتميّز به من إمكانات ومواصفات استثنائية.
وكان البرنامج التلفزيوني الأول الذي جرى تصويره هو برنامج رواد الفضاء، والذي تضمن عمل المشاركين فيه تحت الماء في بيئة مشابهة لعملهم في المهمات الفضائية بهدف حل العديد من التحديات الصعبة، بينما يقوم الحكام المتواجدون على السطح بالمراقبة عن كثب وتوجيه فرقهم.
وتابع قائلاً: إضافة إلى ذلك، نفخر بدعم مجموعة متنوعة من الإنتاجات الإبداعية القصيرة، بما في ذلك العروض الترويجية ليوم التكنولوجيا الإماراتي، وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي.
كما أجرينا محادثات مع العديد من الشركات والعلامات التجارية المتميزة التي تنوي إطلاق منتجاتها أو الترويج لها عبر أعمال يتم تنفيذها في «ديب دايف دبي»، هذا بالإضافة إلى عدد من المشاريع المثيرة الأخرى التي سيتم الإعلان عنها قريباً.
وأكد أن مكانة دبي بتنوعها الثقافي المتفرّد وإمكاناتها الغنية وحداثتها التكنولوجية وتطورها المتسارع في كافة المجالات الثقافية والعلمية والفنية والإنسانية تسهم إلى حد كبير في الدور الريادي البارز الذي تلعبه «ديب دايف دبي» سواء في مجال التصوير السينمائي تحت الماء أو في أي ميدان آخر تتخصص به.
وحول التحديات الهندسية والإنشائية والتقنية التي واجهت المشروع وكيف تم التغلب عليها، أشار ابن حبتور إلى أنه غالباً ما يتطلب إنشاء مشروع غير مسبوق دحر الكثير من العقبات، وهذا بدوره يستدعي الدعم الإبداعي لأصحاب المهارات والخبرات التقنية والهندسية والابتكارية.
وأضاف: كان من أهم التحديات الإنشائية بالنسبة لنا وصولنا إلى مستوى المياه الجوفية عند أقل من 10 أمتار، حيث تطلب ذلك استخدام المضخات لسحب المياه والحفاظ على جفاف المنطقة بالكامل أثناء تشييدنا بنية مناسبة مانعة لتسرب المياه.
كذلك شكّل الحجم الهائل والعمق الكبير للمنشأة تحدياً آخر، مما أدى إلى مواجهة العديد من الصعوبات لإيصال العمال إلى كل زاوية من مناطق المدينة الغارقة التي تمتد بعمق 60 متراً وتضم بمجملها حجماً مائياً هائلاً يصل إلى ما يقرب من 15 مليون لتر.
وتابع: هنا لا بد من التذكير أن كل سم مربع كان يجب أن يتم بناؤه ومعالجته يدوياً أثناء تصميم المنطقة الواقعة الآن تحت الماء. وقد تطلب ذلك بناء السقالات من الأسفل إلى الأعلى على امتداد مختلف المساحات في جميع أنحاء المنشأة، وهذا يشبه إلى حد ما بناء ناطحة سحاب في الاتجاه المعاكس.
أضف إلى ذلك، التحدي المتمثل في تنفيذ وتركيب جميع التقنيات المطلوبة، وتمديد أكثر من 12 كيلومتراً من الكابلات لتفعيل 56 كاميرا و140 مصباحاً ونظاماً صوتياً متكاملاً تحت الماء، علاوة على أنظمة دعم الحياة الأخرى.
وأوضح: مع أن من أكثر ما يميّز «ديب دايف دبي» الحوض ذا العمق الكبير والبالغ 60 متراً وحجمه الضخم الذي يحتوي ما يقرب من 15 مليون لتر من الماء العذب، أي ما يعادل 6 مسابح أولمبية، تبقى التكنولوجيا المستخدمة والتصميم الشامل والمتكامل للبيئة من بين أهم الأشياء التي تبيّن فرادة «ديب دايف دبي»، فضلاً عن أنظمة فلترة المياه الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في المنطقة.
وقال: يتميز الحوض أيضاً بوجود غرفتي استراحة تحت الماء عند 6 و21 متراً، تتيحان للغواصين التوقف داخل مساحة جافة والتحدث مع بعضهم البعض أو التواصل مع المحطة على السطح، حتى إنه يمكن للغواصين إزالة المعدات والخروج تماماً من الماء. ويضيف: على حد علمنا، لا توجد مثل هذه المساحة الفريدة في أي مكان آخر في العالم.
تجربة
ولفت ابن حبتور إلى أن «ديب دايف دبي» ليست مصممة لاستقطاب أعداد غفيرة من الزوار، شارحاً ذلك: نركز على اكتساب الزوار تجربة متميزة تضمن أقصى قدر من المتعة والسلامة والجودة.
لذا فنحن نعمد إلى الحد من عدد الغواصين المتواجدين في الحوض في ذات الوقت إلى حوالي 20 شخصاً في الساعة لضمان حصولهم على الفرصة لاستكشاف المدينة الغارقة بكل تفاصيلها الدقيقة والاستمتاع بطبيعتها الفريدة الرائعة بالشكل الأمثل.
أما بالنسبة لإجمالي عدد الزوار، فقد تجاوزنا حاجز 10 آلاف زائر قبل انتهاء العام الأول من افتتاح «ديب دايف دبي»، وما زلنا في طور تطوير التجارب والخدمات المتاحة بما يدعم تنامي عدد الزوار حسب تطلعاتنا وأهدافنا.
ورداً على سؤال حول أبرز المشاهير الذين زاروا «ديب دايف دبي»، قال ابن حبتور: أود القول بأننا كنا محظوظين بما فيه الكفاية لاستقبال عدد كبير من المشاهير بشكل منتظم، ونحن نحترم خصوصيتهم من خلال عدم الكشف عن أسمائهم في حال لم يقوموا هم بذلك.
ومع ذلك، لم يخفِ الممثل الأمريكي ويل سميث حماسه وسعادته بتجربة الغطس في «ديب دايف دبي»، وقام بمشاركة ذلك مع وسائل الإعلام ومعجبيه على مواقع التواصل الاجتماعي. كذلك قام أسطورة الغوص الروسي أليكسي مولشانوف بزيارة الحوض والتمتع بالتجربة فيه وبالحديث عنها على مواقع التواصل الاجتماعي.


