دبي مدينة التناغم الثقافي والتراثي

أسواق دبي القديمة تزخر بالعديد من المصنوعات اليدوية | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استطاعت دبي تأسيس هوية ثقافية فريدة من نوعها تعكس الانسجام والتناغم في التقاليد والعادات والمعتقدات والثقافات للجنسيات من شتّى أنحاء العالم التي تعيش فيها. فهي تفتخر بجذورها العربية وتحوّلها إلى مجتمع فريد متعدد الثقافات ويتميز بتقبّل الآخر. بالإضافة إلى غناها بالكنوز التاريخية والمتاحف والمناطق التراثية التي تأخذك في رحلة إلى الماضي.

ولا تزال دبي مدينةً يتألق فيها سحر التقاليد العربية، فيما يتزين أفقها بناطحات السحاب، والأبنية الشاهقة، وقبب ومنارات المساجد المهيبة، وكذلك تفوح في الأجواء أزكى روائح التوابل والأعشاب والعود من مختلف أنحاء العالم. كما أنّ تنوع الثقافات الناتج عن تعدد القبائل التي استقرّت في الإمارة قديماً، وتركت تراثاً ثقافياً غنياً لا يزال واضحاً حتى اليوم في التقاليد المحلية. وقد أوجد هذا الالتزام التام بالتراث المحلي، إضافة إلى التأثيرات الدولية مزيجاً مثيراً للفضول بين ما هو قديم وجديد.

ومنذ زمن ليس ببعيد لم تكن دبي إلا قرية متواضعة تقع بجوار خور دبي. بينما تسارعت وتيرة النهضة التي شهدتها دبي، فقد ارتقت بالأساليب التقليدية للبقاء حتى غدت تراثية تتغنّى بأمجاد الماضي العريق.

ويمكن معرفة الكثير عن تاريخ دبي العريق في متحف دبي الذي يقع في قلب أقدم مبنى عرفته المدينة، إذ تمّ تشييده في عام 1799، وفيه يمكن مشاهدة تماثيل بالحجم الطبيعي لحرفيي صناعة الخزف والنسيج وصيد السمك، حيث تعكس الحياة في دبي قبل اكتشاف «الذهب الأسود» في العام 1966. ويشير التنقيب عن الآثار العائدة إلى مختلف العصور إلى وجود ماضٍ ثقافي عريق. فقد تم العثور على منتجات من العصر الحجري القديم التي تعكس كيف قطعت دبي شوطاً كبيراً في رحلتها الثقافية المذهلة. في الواقع، يعتبر الوقت الحالي الوقت الأمثل للاطلاع على تطورها. ويمكن أيضاً القيام بزيارة أحد المتاحف العديدة الأخرى في المنطقة، مثل متحف المرأة ومتحف اللؤلؤ، أو متحف ساروق الحديد للقيام برحلة إلى العصر الحديدي، حيث تعود القطع الأثرية المعروضة إلى العصور القديمة.

ويعد متحف الشندغة أحدث إضافة لتحول الخور إلى مركز ثقافي وتقليدي إقليمي، والذي يأخذ الزوار في رحلة عبر التطور الدراماتيكي للمدينة على مر القرون من خلال تجربة الوسائط المتعددة الحديثة. وتتميز الجولة التي تم تنظيمها بعناية، بمقاطع فيديو تفاعلية وشاشات تعمل باللمس وصور تاريخية وأعمال فنية، لتمكن الزوار من التعرف على ما كان عليه الحال بالنسبة للعائلات الإماراتية للعيش عبر الممرات المائية، وكيف أثرت التجارة البحرية على سبل عيشهم.

ويوجد أيضاً «متحف الاتحاد»، والذي يقع في مبنى جديد رائع في جميرا، ويأخذ الزوار في رحلة ملهمة وفريدة، حيث يروي قصة تأسيس الإمارات من خلال مجموعة من الأجنحة التفاعلية. ولفهم عادات وتقاليد دبي الثقافية الغنية بصورة أفضل، لا بد من زيارة مركز الشيخ محمد بن راشد للتواصل الحضاري الذي أنشئ لمساعدة الزوار على التعرف أكثر إلى الثقافة المحلية وتاريخها وشعبها. ففيه يتسنى للكل التفاعل مع مواطنين إماراتيين، ومشاركتهم وجبة إماراتية أصيلة. يقع هذا المركز في منطقة حي الفهيدي التاريخية التي تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، وكان يقطنها التجار الأثرياء الذين بنوا منازلهم الكبيرة المزينة بالشعاب المرجانية. وترى اليوم هذه المنازل التي تمّ ترميمها تنبض بالحياة، وتقف شاهدة على التراث العريق الذي شهدته دبي في العصور الفائتة، وتحتوي هذه المنازل على صالات عرض فنية ومتاجر راقية ومتاحف ومقاهٍ. ولعلّ أشهر هذه البيوت ذات البراجيل، هو المنزل الممتد على الخور في منطقة الشندغة، والذي كان يسكنه الشيخ سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي كان حاكماً لدبي خلال الفترة من 1912 حتى 1958، وفي فناء هذا البيت، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يلعب ويلهو وهو في مرحلة الطفولة.

معالم

تضم دبي العديد من المعالم التاريخية والتراثية التي يُنصح بزيارتها، منها على سبيل المثال:

 

البستكية

تعتبر البستكية من أحياء دبي العريقة، حيث التراث العمراني المكون من مبانٍ منفصلة مبنية من طابق أو طابقين، سكنتها العائلات الثرية. وينصح بزيارة الحي ضمن يوم سياحي تراثي في دبي يشمل زيارة متحف دبي، وإحدى الأسواق (سوق الذهب أو سوق التوابل) والإبحار التقليدي في خور دبي.

 

متحف دبي

يستعرض متحف دبي محتوياته من القطع الأثرية القديمة وقطع أثرية أخرى من بلدان آسيوية وأفريقية كانت ترتبط تجارياً مع دبي، عدا المعروضات من الحياة اليومية لسكان دبي قبل اكتشاف النفط.

 

خور دبي

تُعرف دبي بأبنيتها ومعالمها السياحيّة الحديثة إلا أنّ خور دبي كان وسيبقى القلب الحقيقي للمدينة. استقرّت قبيلة بني ياس بالقرب من الخور، حيث شكّلت مياهه نقطة أساسية لانطلاق اقتصاد دبي من خلال صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ.

 

قرية التراث

تعكس قرية التراث شكل الإمارة قديماً والحياة التقليدية البدوية ويتجسد ذلك في الخيام المصنوعة من شعر الماعز ومواقد النار والقهوة العربية، فكل ذلك يجعل منها متحفاً غير مغلق يجسد الحياة القديمة بصورة عصرية حديثة.

 

التطبيقات الذكية في خدمة زوار دبي

تصحب تطبيقات الجولات السياحية السمعية الزوار في رحلة عبر دبي لمساعدتهم على معرفة المزيد عن المواقع والمعالم التاريخية في الإمارة مرتكزة على تحديد الموقع بدقة، وذلك للانتقال تلقائياً من نقطة إلى أخرى في الزمن الحقيقي. وتحمل الجولات اسم (Metro Moments) و(Al Fahidi Architecture Tour) ويمكن تحميلها مجاناً من Apple Store وGoogle Play باللغة الإنجليزية والصينية والألمانية. كذلك، تتوفر الجولات على شكل نصوص وترفق بخريطة تساعد على التنقل.

وتتيح هذه التطبيقات للمستخدمين تحميل الجولات المجانية مسبقاً، بحيث يتجنّبون تكاليف التجوال الدولي. كما تساعد هذه الجولات الجديدة برفقة مرشد المسافرين الذين يعانون من صعوبات في النظر على الاستمتاع بوقتهم في المدينة، وذلك تماشياً مع سعي دبي لأن تكون مدينة مفتوحة لأصحاب الهمم، ولاستخدامها خدمات رقمية مبتكرة تسهّل تجارب الزوار وتعززها.

وتركز دبي على تسويق المنتج التاريخي لإمارة دبي، من خلال عرض المناطق التراثية والتاريخية والثقافية الموجودة في الإمارة، مثل منطقة الفهيدي ومتحف دبي ومنطقة الخور وغيرها عبر التطبيقات الذكية.

أما من يبحثون عن تجارب استكشافية شخصية، فيتيح برنامج الجولة السياحية على المدينة برفقة مرشد الاطلاع على تراث دبي الفريد ومطبخها المتنوع ومشهدها الطبيعي من وجهة نظر خبراء محليين.

Email