تبليسي تُثرثر في حضن النهر والجبل

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

المدن تشبهُ أهلها، وتأخذ من مزاجهم رونقها، وتكاد تكون تبليسي أو تفليسي، وفق بعض المسميات، وجهاً قوقازياً محبوباً ومضيافاً، له من وجه تمثال الأم الجورجية أعلى جبل المدينة سمت، ذلك النصب الذي يغسل وجهه بالشمس كل يوم، ويعانق ظله الفارع نهر كورا وهو يتدفق ويبث الحياة بين الجبال.

حي شاردني

ملمح العاصمة الجورجية أوروبي معاصر بامتياز، لكنه مختزن بإرث تاريخي عريق يتضح جلياً في الكثير من الأماكن، خاصة في حي شاردني، أو تبليسي القديمة، حيث تبرز القلاع والأسوار والتماثيل والحمامات الكبريتية، والكنائس، كما يوجد في حي شاردني أقدم جامع في تبليسي وهو مسجد الجمعة، ويعود إلى أكثر من مئتي عام، ويقع قبالة الحديقة الأذرية، ويتميز هذا الحي بنمطه المعماري الخاص، فترتفع الأبنية بتدرج على حواف هضبته المرتفعة، فيما تعبره الدروب الضيقة، التي يجد فيها السائحون والأدلاء اللطفاء بغيتهم، وهم يصعدون مشياً إلى تلك التلة الرفيعة، تتناثر فوقها المنازل المغطاة بالقرميد الأحمر، على النمط الأوروبي التقليدي، تشرف من الأعلى على النهر وقاع المدينة النابض.

طابع معماري

وفي ذات المكان، تتيح عربات «التلفريك» إطلالة بانورامية على تبليسي القديمة، والأحياء المجاورة لها، حيث تطالعك صور مختلفة، تمزج بين العراقة ومظاهر التحديث، ويلحظ ذلك التغيير جلياً في تبليسي الجديدة، من خلال أحياء راقية ومبانٍ ذات واجهات زجاجية وتصاميم معاصرة، كما في «جسر السلام»، وهو يلتف معبراً منساباً فوق النهر، يجد فيه العابرون استراحة، ومسلكاً إلى قلب المدينة، حيث تتناثر البازارات والمطاعم والمقاهي، المكتظة بالرواد، تتسلل معزوفاتها كدقات الرقصات الجورجية التقليدية على أرصفة الشوارع.

كما ينتشر في المدينة طراز «الهابسبورغ» المعماري، موشى بذوق فني محلي، من خلال الشرفات الخشبية الواسعة، كما تلحظ بصمة كلاسيكية من العصر الباروكي، تبدو جلية في المباني الرسمية قبالة الميادين العامة، لكن الضواحي يغلب عليها نظام المكعبات السكنية السوفييتي الذي يتجلى في عمارات متشابهة متراصة وقديمة، يجد هواة الغرافيتي على جدرانها الواسعة فسحتهم للتعبير، بينما تسيج الفلل شبابيك خفيفة من الفولاذ، تتدلى منها عناقيد العنب المزروعة في البيوت، حيث يعد من أهم غلات هذا البلد الزراعية، وتعد مشتقاته من أهم مواردها.

سفح القوقاز

تبليسي تعود نشأتها إلى القرن الخامس الميلادي، وظلت بحكم موقعها الاستراتيجي عند سفح جبال القوقاز بين أوروبا وآسيا، معبراً ومستقراً، حيث اشتهرت على مر التاريخ عند الجورجيين بينابيعها الحارة، كما تحفل بالكنائس والأديرة القديمة، التي تنتمي إلى الكنيسة الأرثوذكسية، والتي تعد من أشهرها كنيسة جافاري، التي توصف بأنها مهد المسيحية في جورجيا، وتوجد على مشارف بلدة متسخيتا، على بعد نحو 20 كم شمالي العاصمة تبليسي عند ملتقى نهري كورا وآراغفي.

كما يومض الأدب من خلال شاعرهم العملاق شوتا روستافيلي، صاحب كتاب «الفارس في جلد النمر» الذي يعد من أهم المؤلفات الكلاسيكية في القرون الوسطى، ويمجد فيه هذا الشاعر قيم البطولة والدفاع عن الأرض، وقد كتب في عصر جورجيا الذهبي في عهد الملكة تمارا.

معالم وحدائق

ومن أهم معالم تبليسي نصب أم الجورجيين الذي صممه النحات الجورجي ألجيجا آماشكيلي سنة 1958، ويظهر هذا التمثال البرونزي العملاق في صورة سيدة تحمل قدحاً بيمينها لمن جاؤوا كأصدقاء، وسيفاً بيسارها لمن جاؤوا كأعداء، كما تحفل بالمتاحف والمسارح، ومن أشهر ميادينها البارزة ميدان الحرية، الذي تحيط به محطات المترو والمعابر الأرضية، المكتظة بالباعة المتجولين وفناني الشوارع، كما يتميز شارع مرجان تشفيلي برونقه الفسيح والرحب، كما يجد السائح العربي في شارع العرب بغيته، حيث تصطف المطاعم العربية بأنواعها.

ومن أهم وجهات المدينة أيضاً حديقة السلاحف، وبحيرتها الخلابة، وحديقة النباتات الوطنية «بوتانيكال»، وتعتبر من أكبر الحدائق النّباتيّة في جورجيا والقوقاز، وهي تقع على السّفح الجنوبيّ من جبل سولولاكي. وقد أُنشئت في تبليسي خلال القرن الخامس عشر ميلادي، وتتيح مجموعة من المغامرات، كالسير في الأحراش، والتمتع بمناظر تدفق الشلالات الطبيعية، وكذلك ألعاب التدحرج من جروف الجبال عبر الحبال «Zip-line».

انطباع

في بعض المدن، تلمس الحدة في الشوارع ووجوه الناس ونمط عيشهم، وفي تسارع وضغط وتيرة الحياة، لكن خلافاً لذلك فالشارع الجورجي شارع هادئ، وناسه هادئون ومسالمون، المقاهي مشرعة على النسائم ومعزوفات الموسيقى والمسنون تحت ظلال الأشجار يلعبون «الدومينو»، وأسراب الجميلات يطفن الشوارع فرادى وجماعات.

معالم

تضم تبليسي مجموعة من الأماكن التي ينصح بزيارتها، منها على سبيل المثال:

01

قلعة ناريكالا: هي حصن تاريخي قديم يطل على مدينة تبليسي، حيث تعتبر من أشهر معالم السياحة في تبليسي جورجيا ذات الطابع التاريخي.

02

متاتسميندا بارك: أحد أبرز الأماكن الترفيهية في تبليسي، وهي وجهة محببة للعائلة صغاراً وكباراً وتقع على قمة جبل متاتسميندا الذي يرتفع 770 متراً.

03

حديقة النّباتات الوطنيّة: تتميز بموقعها على السّفح الجنوبي من جبل سولولاكي وتعتبر أكبر الحدائق النباتية في جورجيا والقوقاز وأكثرها تنوعاً بالنباتات الطبيعية، الأمر الذي جعلها مزاراً لعشاق الطبيعة الخلابة

04

جسر السلام: هو جسر للمشاة على شكل قوس مبني من الزجاج والفولاذ ويقع فوق نهر كورا وسط العاصمة الجورجية تبليسي، ويعتبر الجسر رمزاً لمدينة تبليسي وواحداً من أهم أماكن السياحة في جورجيا.

Email