بلاد تتعانق فيها قمم الجبال مع السماء

جورجيا.. سياحة بعين الصقر

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا أردت أن ترى كيف تبدو الأرض بعيون الصقر خلال تحليقه بين قمم الجبال، فعليك زيارة البلد المناسب لذلك تماماً، ألا وهو جمهورية جورجيا التي تتربع بشموخ بين قمم سلسلة جبال القفقاس الشهيرة، وقد تصادف خلال زيارتك لهذا البلد الجميل ثلة من السكان المحليين يرقصون مع السحاب على سفوح الجبال تحت القمم المغطاة بالثلوج في عز الصيف وهم يرتدون زيهم الفلكوري الشهير على أنغام الرقصات القفقاسية الشهيرة التي تضخ الدم في عروق الراقصين بحركاتهم السريعة والرشيقة بينما تتمايل الفتيات برقة على إيقاع موسيقى الأوكورديون.

حسن الضيافة

الانطباع الأول الذي يتبادر إلى ذهن المرء عند الوصول إلى جورجيا هو دماثة شعبها على الرغم من الخشونة والصلابة التي عادة ما تتسم بها الشعوب الجبلية، لكن الجورجيين، ورغم الحروب والغزوات الطويلة التي تعرضوا لها عبر التاريخ، يتسمون بالانفتاح والوداعة وحسن الضيافة، وهو ما تلمسه عبر مصادفتك لمجموعات سياحية من مختلف جنسيات العالم في شوارع المدن والقرى الجورجية، وتستطيع أن ترى شغف السياح للاطلاع على حكاية هذا البلد وتاريخه السحيق الضارب في القدم.

حدائق غناء

يطغى اللون الأخضر على ملامح أراضي جورجيا، فمن النادر أن ترى أرضاً قاحلة لا يكسوها العشب أو الشجر، وخاصة في الأرياف التي تشبه الحدائق الغناء، وحتى في الوديان، حيث ترتمي الأشجار بدلال على أحضان الأنهار فيما تتفجر جداول المياه وتنساب برقة بين صخور الجبال، ويمكنك أيضاً تذوق المياه المعدنية المتفجرة من قلب الجبال لتوري بها عطشك خلال السفر عبر الطرقات الريفية باتجاه الجبال.

حقبات تاريخية

تعد العاصمة تبليسي إحدى أكبر المدن الجورجية، وتقع في الجزء الجنوب الشرقي لأوروبا. ويعود تاريخ وجود تبليسي إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وشهدت المدينة حقبات تاريخية لعبت دوراً مهماً في صياغة المجتمع القائم في أحياء تبليسي التي تقف اليوم جنباً إلى جنب مع العمارة الحديثة والمصممة بذوق رفيع لتحافظ على هوية المدينة التاريخية والثقافية.

وبالرغم من أهميتها كعاصمة للبلاد، إلا أن تبليسي تتمتع أيضاً بالهدوء والبساطة في أسلوب الحياة، فهي ليست مزدحمة بحركة السير والتلوث، وعبر زيارة الحارات والأماكن السكنية، يلمس الزائر ما تتمتع به هذه المدينة من انفتاح وتسامح في منطقة مليئة بالصراعات التاريخية.

حيث تحتضن منذ مئات السنين جاليات متنوعة من مختلف دول القفقاس، وتحتضن أماكن عبادة لمختلف الأديان السماوية، ومنها الإسلام، حيث يعيش الجميع في مجتمع متناغم على الرغم من التناقضات العرقية والدينية، فعلى سبيل المثال، ترى الحي الأذري بجوار الحي الأرمني في تلبيسي على الرغم من العلاقات المتوترة بين أرمينيا وأذربيجان، وهو دليل على أن جورجيا تنقل التسامح والانفتاح لجميع زوارها وساكنيها.

تأسست المدينة في القرن الخامس الميلادي على يد ملك جورجيا، وفتحها العرب عام 735 بقيادة مروان بن محمد زمن ولايته على أرمينية وأذربيجان، وكانت المدينة مسكونة منذ الألف الرابع ق.م. أما أول ذكر لها في المدونات الكتابية فيعود إلى القرن الرابع الميلادي.

وقد نمت المدينة بفضل موقعها المهم على ملتقى الطرق التجارية التي تربط شرق جورجيا مع جنوب شرق القفقاس وإيران وأرمينيا وتركيا وسوريا، وصارت عاصمة لشرق جورجيا في عهد ملكها داتشا بن الملك فاختانغ الأول بدلاً من العاصمة القديمة متسخيتا.

وقد دخل العرب المسلمون جورجيا في منتصف القرن السابع الميلادي، في العام 22 هجري، وكان قائد الفتح حبيب بن مسلمة، وذلك في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وقد عرفت في المصادر العربية بـ«تفليس»، وبدءاً من ثلاثينات القرن الثامن الميلادي، أصبحت تبيليسي عاصمة لما سُمي الإمارة العربية، وقد استمرت هذه الإمارة بالوجود حتى عام 1122 حين قضى عليها الملك الجورجي دافيد الذي جعل من تبيليسي عاصمة للمملكة الجورجية الموحدة.

في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميلادي، تعرضت جورجيا لهجوم جيوش تيمورلنك، ما أحدث تدميراً كبيراً شمل العاصمة تبليسي. وخلال الفترة بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر الميلاديين، تعرضت لهجوم العثمانيين، والصفويين.

وفي عام 1802 ضُمَّت جورجيا إلى القيصرية الروسية، وتحولت المدينة إلى مركز إداري لمحافظة جورجية، وفي العام 1846 صارت مقرّاً للقيادة العسكرية الروسية في القفقاس.

في 25 شباط 1921 استولى الشيوعيون على السلطة في جورجيا، وأصبحت تبيليسي عاصمة لجمهورية جورجيا السوفييتية الاتحادية، وحين تفكّك الاتحاد السوفييتي عادت تبيليسي لتصبح عاصمة جمهورية جورجيا المستقلة.

ملاذ للطمأنينة

تشكل جورجيا ملاذاً للسياح الهاربين من ازدحام المدن وهموم الحياة اليومية وضغوط العمل، حيث يتقاطر إليها الباحثون عن الهدوء والطمأنينة للاسترخاء على أكتاف الجبال والقرى المتناثرة على الهضاب المرتفعة، على غرار مدينة خازبيغي، التي تقع شمال جورجيا، على بعد 10 كيلو متر من الحدود الروسية، وترتفع 1740 متراً عن سطح البحر.

وتتميز القرية بموقعها الخلاب الذي يطل على جبال القوقاز ومساحات خضراء شاسعة، بالإضافة إلى مناخها المعتدل الذي يسمح لزوارها بالاستمتاع بجمال المنطقة الجبلية الخلابة في أي يوم من أيام السنة والقيام بأنشطة مختلفة كتسلق الجبال وركوب الخيل والتنزه وزيارة الأماكن الأثرية وغيرها.

ويمكن للباحثين عن الرفاهية الطبيعية، أي تلك البعيدة عن البذخ والتكلف، الإقامة في منتج «رومز هوتيل» التابع لمجموعة «أدجارا غروب للضيافة» في قرية خازبيغي، إذ يكفي الجلوس في شرفة الغرفة أو في التراس الأمامي للمنتجع لتأمل المنظر الطبيعي الرائع.

فالإطلالة أشبه بلوحة فنية هاربة من القصص الخيالية، حيث تستلقي أكواخ القرية على سفوح قمم جبال القوقاز أمامك وتسابق الغيوم لاحتضان القمم الثلجية في صراع أسطوري مع الشمس الساطعة، فيما تنساب النسمات العليلة لتشعرك بالانتعاش والنشاط.

ويمكن في المساء التأمل في السماء الصافية والاستمتاع بأطيب المأكولات الجورجية التقليدية، وفي مقدمتها الـ«خاتشابوري» وهو عبارة عن خبز وجبن، لكنه الطبق الأشهر والأساسي في التراث الجورجي، خاصة وأنه يناسب جميع الوجبات سواء الفطور أو الغداء وحتى العشاء.

بالإضافة إلى طبق «خنكالي» وهو صرة من العجين المسلوق بداخلها لحم مفروم متبل ومرق، والـ«باجيل» وهو صلصة الجوز بالبهارات وبها قطع لحم، تقدم مع المقبلات ويغمس الخبز بها، ويكون الـ «تشورتشخيلا» مسك الختام.

فهي الحلوى التقليدية الأكثر شهرة، ويتم إعدادها من خلال غلي العنب حتى يتبخر ثلثاه منتجاً عصيراً مركزا يتم غمس الجوز فيه ثم تركه ليجف، كما يمكن تناول الكباب بأنواعه المتعدد، سواء على الطريقة الأذرية أو التركية.

أقدم المدن

ومن الضروري بمكان زيارة مدينة متسخيتا، التي تقع على بعد 20 كيلو متراً شمال العاصمة تبليسي، وتعد واحدة من أقدم المدن المسكونة في جورجيا والعالم. ويعود تاريخ بعض الآثار الموجودة في متسخيتا إلى أكثر من 1000 عام ويذكر بعض المؤرخين أن مستخيتا كانت عاصمة المملكة الأيبرية في الحقبة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الخامس بعد الميلاد.

لا يمكن أن تغادر جورجيا إلا بعد اتخاذ قرار حازم بالعودة إليها في أقرب فرصة ممكنة، خاصة وأنها على مرمى 4 ساعات سفر بالطائرة من دبي على متن «فلاي دبي» التي تضيف المزيد من المتعة للرحلة نظراً لرقي خدماتها وتميز مرافقها وطائرتها بأسعار تنافسية تجعل من زيارة جورجيا رحلة لا تُنسى.

تاريخ عريق وإرث غني

إلى جانب طبيعتها الخلابة وجبالها الشاهقة، تتمتع جورجيا بتاريخ عريق يمكن للزائر أن يقرأه في آثارها المتنوعة من كنائس قديمة ومعالم تاريخية متنوعة، ويمكن العودة بتاريخ جورجيا إلى مملكتي كولخيس وأيبيريا، كما أنها من أول الدول التي اعتنقت المسيحية، في القرن الرابع.

وبلغت جورجيا ذروة مجدها السياسي والاقتصادي خلال حكم الملك ديفيد والملكة تامار في القرنين الحادي والثاني عشر.

 

عادات وتقاليد أصيلة

يتميز الشعب الجورجي بمحافظته على العادات والتقاليد الشعبية علي الرغم من الانفتاح الثقافي والسياحي الذي تتميز بها البلاد، حيث توجد عادات محددة ما يزال الجورجيون يطبقونها في مختلف نواحي الحياة، بدءًا بالاحتفالات والولائم وصولاً إلى الفنون الشعبية.

كما يتميز الجورجيون بأنهم شعب متدين محافظ لكن بتسامح عصري، حيث يشكل الدين جزءًا كبيراً من تاريخهم وحياتهم، بالإضافة إلى قصص وأساطير الحروب وبطولات التصدي للغزاة قديماً وحديثاً.

4 رحلات أسبوعية على متن «فلاي دبي» إلى تبليسي

 

ترصد «فلاي دبي» بمهارة الوجهات الواعدة وتبادر إلى اقتناص الفرصة وإطلاق رحلاتها لتعزز ترابط دبي السياحي والتجاري مع مختلف مدن ودول العالم، حيث بدأت رحلات «فلاي دبي» إلى جورجيا في 2011، وقبل ذلك لم يكن هناك خط جوي مباشر بين دبي مع هذا البلد القفقاسي.

وهي لغاية اليوم الناقلة الوحيدة التي تربط بشكل مباشر ومن دون توقف بين دبي والعاصمة الجورجية تبليسي بمعدل 4 رحلات أسبوعياً، وتقوم بإضافة المزيد من الرحلات في المواسم السياحية مثل الأعياد، ونسبة الإشغال على هذه الرحلات ممتازة.

ويمكن للباحثين عن الرفاهية خلال السفر إلى جورجيا التمتع بدرجة رجال الأعمال على متن طائرات «فلاي دبي» وبأسعار تنافسية، حيث تتميز مقاعد درجة رجال الأعمال المكسية بالجلد الإيطالي بأنها واسعة ومريحة، وتمنح إمكانية الإمالة ومساند الأقدام القابلة للتمدد فرصة مثالية للاسترخاء.

حيث يمكن للمسافر التمدد والتمتع بمشاهدة أحد الأفلام على شاشة النظام الترفيهي العالية الوضوح، أو وصل الكمبيوتر المحمول بالقابس الكهربائي والبدء بالعمل.

وتوفر خدمة درجة رجال الأعمال مجموعة واسعة من الامتيازات، بما في ذلك الأولوية في إنجاز إجراءات السفر، إمكانية استخدام الصالات في بعض المطارات المختارة، موظف خدمة جوية متفرغ، قوائم مأكولات عالمية ومقاعد جلدية توفر راحة استثنائية. لاحظ الفرق؛ سواء كنت تقوم برحلة عمل أو استجمام.

وتشمل خدمات درجة رجال الأعمال فريق خدمة متفرغاً وزيادة في وزن الأمتعة المسموح بحملها، بالإضافة إلى أولوية في إنجاز إجراءات السفر ومسار سريع لإنجاز الإجراءات الأمنية في بعض المطارات المختارة، إلى جانب إمكانية استخدام صالات رجال الأعمال في بعض المطارات المختارة، ومنها مطار تبليسي الدولي، بالإضافة إلى اختيار الوجبات من قائمة مأكولات درجة رجال الأعمال وشاشات عالية الوضوح مع تشكيلة واسعة من البرامج الترفيهية.

راحة واسترخاء

عند زيارة جورجيا، يغمرك شعور بالراحة والاسترخاء في أجواء الغابات العذراء، فهي بمثابة رحلة العودة إلى الطبيعة والابتعاد عن هموم الحياة اليومية، ونسيان ضغوط العمل من خلال الارتماء في أحضان السهول والجبال الخضراء والتأمل في السماء الصافية ومراقبة السحب وهي تتسابق لاحتضان قبب الجبال الثلجية مع استنشاق الهواء النقي الخالي من التلوث

Email