«تريندز» تستشرف التغيير المحتمل في النظام الدولي في عالم ما بعد كورونا

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر عن «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، أخيراً، العدد الثاني من سلسلة اتجاهات استراتيجية تحت عنوان (عالم ما بعد «كوفيد 19»: حدود التغيير المحتمل في النظام العالمي)، التي تحلل طبيعة التأثير الذي أحدثه وباء «كورونا» المستجد في النظام الدولي الراهن والقوى الفاعلة فيه، وتستشرف حدود التغيير المحتمل في هذا النظام في مرحلة ما بعد كورونا، خصوصاً في ظل سعي العديد من القوى الإقليمية والدولية إلى تعزيز مكانتها في هذه المرحلة.

واستعرضت الدراسة في البداية التغيّرات التي لحقت ببنية النظام العالمي القائم في مرحلة ما قبل جائحة «كوفيد 19»، كإطار للمقارنة ومعرفة حدود التغييرات التي أحدثتها، أو يُتوقع أن تُحدثها، هذه الجائحة على النظام العالمي، ومن بينها: الصعود السريع واللافت لبعض القوى الناشئة وعلى رأسها الصين، ولا سيما في المجال الاقتصادي، التي جعلت كثيرين يتنبؤون بإمكانية تجاوزها للولايات المتحدة، كأكبر وأقوى اقتصاد في العالم.

وعملية الانتشار غير المنظم للسلطة والقوة على المستوى الدولي، نتيجة تنامي القدرات الاقتصادية والتكنولوجية للدول الكبرى، وصعود العديد من القوى التي تملك عناصر قوة رادعة.

وتوقعت الدراسة أن يعاني النظام الدولي في مرحلة ما بعد كورونا التخبط والاضطراب، وتزايد التوجه الانعزالي للولايات المتحدة وعدم تدخلها الفاعل في الأزمات الدولية، وهو ما قد يفسح المجال للقوى الدولية الأخرى للعب أدوار أكبر على المستوى الدولي، ولا سيما روسيا والصين، وتغيّر نمط التحالفات والعلاقات بين القوى الدولية.

وتفاقم حدة الأزمات الدولية وانتشار رقعتها بفعل ظاهر العولمة وعلى رأسها ظاهرة الأوبئة والإرهاب الدولي وتزايد حدة الأزمات الاقتصادية العالمية ووتيرتها، وتفاقم خطر هذه الأزمات نتيجة عدم التوافق الدولي حولها، وتنامي ثورة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات بكل ما يترتب عليها من تأثيرات على توازنات القوى التي بدأت تميل بشكل ملحوظ لصالح القوى الدولية التي استطاعت استغلال هذه الثورة المعرفية والتكنولوجية وتطبيقاتها في تعزيز قدراتها في المجالات المختلفة.

وتجادل الدراسة بأن جائحة «كوفيد 19» لن تُحدث تحولات جذرية في بنية النظام الدولي الراهن، مثلما يتوقع كثير من الباحثين والخبراء.

ولكنها ستعزز الاتجاهات التي كانت سائدة بالفعل من قبل مثل: إبطاء مسار العولمة وتزايد الانكفاء على الذات، واتجاه موازين القوى الدولية إلى مزيد من التوزيع والتعددية، مع تنامي حدة الطابع الصراعي/التنافسي بين القوى الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة والصين في ظل استمرار القضايا الخلافية بينهما، وخصوصاً ما يتعلق منها بالتجارة والتكنولوجيا.

كما تؤكد الدراسة ضرورة أن تشكل هذه الأزمة وما نتج عنها من تأثيرات خطيرة على جميع المستويات حافزاً لجميع دول العالم، وقواه الرئيسية بصورة خاصة، للعمل على بناء نظام عالمي جديد أكثر تضامناً وتعاوناً في مواجهة الأخطار المشتركة، خصوصاً في ظل تعاظم التهديدات المحيطة بالبشرية جميعها. ورغم أن هذه الدعوة مثالية، فإنها تمثل – بحسب الدراسة – الطريق الوحيد، ربما، لتحقيق السلام والاستقرار والرفاه والعيش المشترك لجميع الدول والشعوب.

وتركز سلسلة «اتجاهات استراتيجية»، على تحليل التطورات الإقليمية والدولية على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، من خلال اعتماد أدوات البحث العلمي الرصين والجاد، لتقديم رؤى موضوعية حول مجمل القضايا. وتتيح هذه السلسلة نافذة للأكاديميين وللباحثين والخبراء لنشر إسهاماتهم العلمية شرط استيفاء الضوابط العلمية المتعارف عليها دولياً.

Email