30 ساعة من المفاوضات المُعقّدة.. والمشاركون يحذرون «على استحياء» من المخاطر

«العشرين» تتهرب من الدعوة لحل النزاعات التجارية

لاغارد ومنوشين وليو كون ووزراء مالية مجموعة العشرين عقب الاجتماع في مدينة فوكوكا اليابانية | أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر وزراء المالية وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين من المخاطر الناجمة عن تفاقم الخلافات التجارية، في ختام اجتماع هيمنت عليه الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.

ولم يصدر البيان الختامي للاجتماع إلا بعد مناقشات طويلة و«معقدة» بين الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء في المجموعة ودارت بحسب بعض المشاركين حول سطر واحد فيه، فيما قال مصدر مطلع على مجرى المحادثات إن الأجواء كانت متوترة، واستغرقت المفاوضات حوالي ثلاثين ساعة. وشدد المشاركون في الاجتماع المنعقد في اليابان أن النمو العالمي في طور الاستقرار على ما يبدو، لكنه يبقى ضعيفاً ولا تزال مخاطر التدهور قائمة. والأهم أن الخلافات التجارية والجيوسياسية تكثفت، بحسب نص البيان.

تهديد أمريكي

وصدر الموقف المخالف الوحيد عن الولايات المتحدة التي باتت الطرف المثير للبلبلة والذي قلب النظام التعددي. وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشن للصحافيين: نعم، هناك تباطؤ في أوروبا والصين ودول أخرى. لكنني لا أعتقد إطلاقاً أن التباطؤ المسجل في عدة مناطق من العام هو نتيجة الخلافات التجارية.

وكرر التهديد بفرض رسوم جمركية جديدة على الصين إذا لم يتوصل الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ إلى التفاهم بهذا الصدد خلال قمة مجموعة العشرين المقررة في نهاية يونيو في أوساكا. لكن شركاءه في مجموعة العشرين أجمعوا على لزوم خطاب تحذيري. وقال وزير الخزانة الأمريكي إنه عقد اجتماعاً بناءً مع محافظ بنك الشعب الصيني حيث أجرى مناقشات صريحة بشأن قضايا التجارة.

وذكر مسؤول ياباني كبير في ختام جلسات العمل الأولى: أعربت العديد من الدول عن قلقها حيال المخاطر الكبرى التي يواجهها النمو العالمي نتيجة تصعيد في الحرب التجارية.

وأبدت فرنسا بصورة خاصة مخاوف، وقال وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير لوكالة فرانس برس على هامش الاجتماع إن حرباً تجارية سيكون لها تأثير سلبي مباشر في اقتصادنا وحياتنا اليومية ووظائفنا نريد تجنبه بأي ثمن.

لاغارد تحذر

وكانت النبرة مماثلة في خطاب المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد التي أعلنت أن الخطر الرئيس ناجم عن الخلافات التجارية المتواصلة، في إشارة إلى الحرب التجارية الأمريكية الصينية. ودعت لاغارد مجموعة العشرين إلى إعطاء الأولوية لحل النزاعات التجارية من أجل تخفيف المخاطر التي تهدد النمو العالمي. وقالت في بيان بعد اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين: اجتمعنا في وقت يُظهر فيه الاقتصاد العالمي بوادر استقرار ومن المتوقع أن يتعزز النمو. وفي حين أن هذه أنباء جيدة، فالطريق أمامنا ما زال محفوفاً بالمصاعب والمخاطر.

وتابعت: لتخفيف تلك المخاطر، شددت أن حل النزاعات التجارية الحالية يجب أن يأتي في مقدمة الأولويات، بما في ذلك إلغاء الرسوم القائمة وتفادي رسوم جديدة، مضيفة إن العمل مطلوب أيضاً لتحديث نظام التجارة الدولية. وقالت لاغارد: سيكون ذلك أفضل طريق أمام صناع السياسات لإضفاء مزيد من اليقين والثقة على اقتصاداتهم، ولمساعدة النمو العالمي، لا عرقلته.

رسوم جمركية

وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الرسوم الجمركية المشددة المتبادلة بين واشنطن وبكين، بما فيها الرسوم القائمة منذ العام الماضي، قد تقتطع 0.5% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي عام 2020. وتبقى جميع المصارف المركزية الكبرى وفي طليعتها الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان في ترقب وعلى استعداد للتدخل عند الضرورة، ولو أن هامش التحرك أمامها بات محدوداً بعد التدابير المكثفة التي اضطرت إلى اتخاذها منذ الأزمة المالية قبل عشر سنوات. وأكد حاكم بنك اليابان هاروكيهو كورودا لزوم الحذر حيال الغموض المحيط بمستقبل الاقتصاد.

نظام الضرائب

وهيمن موضوع آخر على اجتماع مجموعة العشرين، وهو إصلاح نظام الضرائب على مجموعات الإنترنت الكبرى، فقد اتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين على إصلاح القواعد الدولية الخاصة بالضرائب المفروضة على الشركات العملاقة في قطاع التكنولوجيا، وذلك في ختام اجتماعهم الذي استمر يومين باليابان.

كما تطرق المشاركون إلى موضوع هام آخر وهو العملة المشفرة، حيث أفاد البيان بأن الإبتكارات التكنولوجية على غرار العملة المشفرة "بإمكانها تحقيق فوائد كبيرة للنظام المالي والاقتصاد الأوسع". وأضاف الوزراء أنه رغم ذلك، "وفي حين لا تشكل الأصول المشفرة تهديداً للاستقرار المالي العالمي في هذه المرحلة، نبقى متيقظين حيال المخاطر".

وقال المسؤولون في نهاية الاجتماع إن المجموعة تتعهد بمواصلة التعاون من أجل نظام ضرائب عالمي نزيه، ومستدام وعصري. وأضاف البيان: نرحب بالإنجازات التي تمت مؤخراً في ما يتعلق بالشفافية بشأن الضرائب، بما في ذلك التقدم في التبادل التلقائي لمعلومات الحسابات المالية من أجل أهداف تتعلق بالضرائب.

رد صيني

حذر وزير المالية الصيني ليو كون في كلمته خلال الاجتماع من أن الحمائية ستضر النمو العالمي، داعياً جميع الأطراف إلى التعامل بشكل متكافئ ومنطقي في الصراعات التجارية. وقالت وكالة بلومبيرغ إن الحكومة الصينية ستتخذ إجراءات مهمة في سياستها للإصلاح والانفتاح لتعزيز الاقتصاد الذي ينمو بشكل واسع هذا العام.

Email