الحرب التجارية مقدمات لنظام عالمي جديد

■ عالم جديد بحقائق جديدة في طور التكوين حالياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

مخطئ من يتصور أن الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الصين منذ مارس 2018 هي مجرد تعريفات جمركية حمائية فرضها رئيس ذو نزعة شعبوية بُغيةَ حماية الصناعة الوطنية في بلاده، فالأمر أكبر من مجرد نزاع تجاري وتعريفات متبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم حالياً، وإنما يتعلق بنظام عالمي جديد يتولد الآن بعد مرحلة مخاض طويلة استمرت على مدى العقود الثلاثة الماضية، ومن شأنه أن يأتي بعد اكتمال ولادته بموازين جديدة للقوى الاقتصادية العالمية، وبالتالي واقع اقتصادي عالمي جديد مختلف تماماً عن ذي قبل.

وبحسب تقرير تحليلي نشرته أخيراً مجلة «تايم» الأمريكية، فإن من أهم ملامح هذا النظام الجديد أن 17 مدينة من أصل الــ 20 مدينة الأسرع نمواً على مستوى العالم حالياً تقع في الهند- وهي بالمناسبة واحدة من أبرز الدول المُتوقع لها أن تغير موازين القوى في العالم الجديد- منها المدن العشر الأوائل. وعلاوة على ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي لهذه المدن الــ 20 سيعادل نظيره في كافة المدن بأمريكا الشمالية بحلول عام 2027، أي بعد 8 سنوات فقط من الآن.

عالم جديد بحقائق جديدة في طور التكوين حالياً.. عالم جديد يشهد شراء مستثمرين صينيين، هنود، روس وشرق أوسطيين لأبرز اللوحات والأعمال الفنية التي أبدعها كبار فناني أوروبا في عصر النهضة وما بعده، وأيضاً لأكبر وأقوى أندية كرة القدم الأوروبية.

عالم جديد يشهد إطلاق الصين لمبادرة تجارية مبتكرة تعتمد على الاتصال بين عدد كبير من الدول، وأطلقت عليها اسم «مبادرة الحزام والطريق».

عالم يشهد نمو قوى جديدة تنتمي غالبيتها إلى دول آسيا، وتعتمد في نموها بالأساس على التقدم التقني والازدهار التجاري، ولا تكترث كثيراً بالرطانة التي ترددها أوروبا وأمريكا عن الحريات.

عالم تتضاءل فيه مكانة أوروبا وأمريكا على نحو متزايد لصالح آسيا، فلم تجد ممثلتا العالم الغربي المتقدم أمامهما من وسيلة لإيقاف هذا التضاؤل سوى باتباع السياسات الحمائية في وجه البضائع القادمة من القارة الصفراء.

لذا، وبحسب ما ذكرت «تايم»، فالحرب التجارية ما هي إلا انعكاس لخوف أمريكا وأوروبا من مصيرهما الذي بات قريباً، وهو تضاؤل دورهما وتأثيرهما في النظام العالمي الجديد المنتظر.

Email