حصة حكومة ألمانيا في «كوميرتس بنك» مشكلة تبحث عن حل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يحب العاملون في مجموعة «كوميرتس بنك» المصرفية الألمانية العملاقة سماع وصف «المملوكة جزئياً للدولة» للمجموعة.

لكن الحقائق حقائق. فمنذ 10 سنوات وفي ظروف صعبة اضطرت الحكومة الاتحادية الألمانية للتدخل لإنقاذ ثاني أكبر مجموعة مصرفية في ألمانيا بضخ مليارات اليورو من أموال دافعي الضرائب.

في المقابل أصبحت الحكومة الألمانية أكبر مساهم في المجموعة المصرفية، ولا تلوح في الأفق أي فرصة لانسحابها من المجموعة لآن سعر سهمها مازال منخفضاً وهو ما يعني أن بيع الحكومة لأسهمها فيها لن يحقق لها العائد المطلوب.

وتنفي الحكومة الألمانية وإدارة البنك في مدينة فرانكفورت منذ وقت طويل فكرة أن الدولة ما زالت تسيطر على أمور المجموعة من خلف الستار، وبخاصة في القرارات المهمة. ويقول المسؤولون إن البنك لم يتعرض لأي ضغوط سياسية خلال المحاولة الأخيرة الفاشلة للاندماج مع منافسه «دويتشه بنك» أكبر مجموعة مصرفية في ألمانيا.

ويعود استحواذ الحكومة الألمانية على الحصة الأكبر من أسهم «كوميرتس بنك» إلى منتصف مايو 2009 في ذروة الأزمة المالية العالمية، حيث دعا البنك إلى عقد جمعية عمومية لمساهميه على مدار يومين وكان الهدف هو إقناع المساهمين باتخاذ قرار تاريخي يسمح للدولة بالتدخل لإنقاذ «كوميرتس بنك» وأن تصبح مساهماً فيه، وهي الخطوة التي أصبحت حيوية بعد استحواذ «كوميرتس بنك» على «درسدنر بنك» في 2008 قبيل تفجر الأزمة المالية العالمية في خريف 2008.

وفي مساء 16 مايو 2009 تمت الموافقة على حصول الحكومة الألمانية على حصة في البنك لتكون أول مرة تمتلك فيها الحكومة الألمانية حصة رئيسية في بنك خاص كبير. وقد وافق مساهمو «كوميرتس بنك» في ذلك اليوم بأغلبية 97.7% على زيادة رأسمال البنك ببيع حصة من أسهمه للحكومة.

وتبلغ حصة الحكومة الألمانية في «كوميرتس بنك» اليوم 15.6%، في الوقت الذي فقد فيه سعر سهم البنك جزءاً كبيراً من قيمته حتى تم شطبه من مؤشر «داكس» الرئيسي للأسهم الألمانية في بورصة فرانكفورت، ليتم تسجيله على مؤشر «إم داكس» الأوسع نطاقا الذي يضم الشركات متوسطة الحجم والقيمة.

في ذلك الوقت وقبل 10 سنوات من الآن، وقف مارتن بلسينغ، رئيس مجلس إدارة «كوميرتس بنك» بخنوع أمام المساهمين للحصول على موافقتهم على خطة الإنقاذ الحكومية وقال: «نحن أيضاً لدينا أخطاء»، ناظراً إلى الأزمة المالية التي تجتاح العالم ووضعت الكثير من البنوك على حافة الهاوية، مضيفاً: «ببساطة علينا الآن ممارسة التوافق الصحي بصورة أكبر».

ومازال بلسينغ الرئيس السابق لشركة الاستشارات القانونية والمالية «ماكينزي» يدافع عن صفقة الاستحواذ على «درسدنر بنك» التي تمت أوائل 2008. وقال إن الاندماج بين البنكين الكبيرين كانت له «مبررات استراتيجية»، معترفاً في الوقت نفسه بأنه لم يكن أحد يتوقع تعرض ميزانية «درسدنر بنك» لكارثة بعد تفجر الأزمة المالية العالمية.

ولم يكن حبر اتفاق استحواذ «كوميرتس بنك» على «درسدنر بنك» في 2008 قد جفّ عندما أعلن إفلاس بنك ليمان برازرز الأمريكي في منتصف سبتمبر 2008 ليفجر أزمة مالية عالمية. وعندما انهار دريسدنر بنك الذي كانت شركة «أليانز» قد تحمّلت أعباءه لسنوات عديدة، قبل استحواذ «كوميرتس بنك» عليه أصبح قضية طارئة بالنسبة للأخير.

من ناحيته، قال كلاوس نايدنغ، من منظمة «دي.إس.دبليو» للدفاع عن مصالح المساهمين إن شراء دريسدنر بنك كان السبب الذي جعل كوميرتس بنك على وشك الانهيار، حيث تمت الصفقة بتكلفة باهظة وأرباح قليلة وجهود كبيرة. وعلى مدى السنوات الماضية حاول «كوميرتس بنك» استيعاب صعوباته المالية والتكامل مع «دريسدنر» وهو ما جعله غير قادر على المضيّ قدماً.

ومع ذلك، فإن مطلعين على بواطن الأمور في «كوميرتس بنك» مقتنعون بأنه بدون الاستحواذ على «دريسدنر»، فإن بنكهم لم يكن ليصل إلى حالته القوية اليوم. فقد ظهرت آثار انكماش قاعدة عملاء الخدمات المصرفية الخاصة والشركات متوسطة الحجم، ومع أسعار الفائدة بالغة الانخفاض وارتفاع المنافسة، أصبح البنك يواجه صعوبة في كسب الأموال خلال السنوات الماضية.

مشكلات

تعرّض «كوميرتس بنك» للسخرية الشديدة في القطاع المصرفي، حيث أنه بعد 100 يوم فقط من تصريحات مروجة من مارتن بلسينغ، رئيس مجلس الإدارة للاستحواذ على «دريسدنر»، احتاج البنك إلى الإنقاذ بأموال دافعي الضرائب. واضطر بلسينغ إلى القبول باللقب الذي أطلق عليه في ذلك الوقت «مصرفي الدولة».

Email