أوساط المال البريطانية تعيش حالة من الغموض

الأسواق العالمية تتجاهل رفض خطة «بريكست»

Ⅶ متعامل يتابع بقلق تطورات بريكست على شاشات في بورصة فرانكفورت | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

ساد هدوء غريب أسواق المال البريطانية أمس، عقب الرفض الواسع للنواب البريطانيين لاتفاق «بريكست»، الذي يثير أعلى درجات القلق في عالم الشركات فيما تجاهلت البورصات العالمية القرار وتحذيرات بنك إنجلترا من أن عدم التوصل إلى اتفاق للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يسبب كساداً اقتصادياً أسوأ من الأزمة المالية العالمية في 2008.

وفتحت الأسهم الأمريكية على ارتفاع بدعم من الأسهم المالية بعد أرباح قوية حققها جولدمان ساكس وبنك أوف أمريكا.

وارتفع مؤشر داو جونز 0.31 % في بداية التعاملات وستاندرد آند بورز 0.17 % وزاد مؤشر ناسداك 0.14 %.

وتخلفت الأسهم البريطانية في الأداء عن السوق الأوروبية قليلاً أمس بعد الهزيمة المدوية لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في تصويت على اتفاقها للخروج من الاتحاد البريطاني، لكن في مواجهة استمرار الضبابية السياسية ركز المستثمرون على نتائج الأعمال وأنباء الاندماج والاستحواذ.

وجرى وضع الهزيمة بالفعل في الحسبان، لكن حجمها جاء مفاجئاً.

وفسر محللون ومستثمرون النتيجة على أنها إيجابية للسوق، لتجعل من المرجح أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أكثر سهولة.

وخلال التعاملات انخفض المؤشر فايننشال تايمز البريطاني 0.3 % فيما ارتفع مؤشر ستوكس لأسهم منطقة اليورو 0.2 %.

وتراجعت الأسهم اليابانية من أعلى مستوى في 4 أسابيع مع إقبال المستثمرين على بيع أسهم الشركات المنكشفة على اقتصاد الصين لجني الأرباح بعد يوم من ارتفاعها بدعم آمال بشأن التحفيز الصيني.

ومثل معظم أسواق الأسهم، تجاهلت الأسهم اليابانية رفض المشرعين البريطانيين اتفاق تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتراجع مؤشر توبكس 0.3 % لينهي الجلسة عند 1537.77 نقطة.

وقدمت أسهم البنوك أكبر دعم للمؤشرات الأوروبية في الوقت الذي يراهن فيه المستثمرون على أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وهو ما ينطوي على اضطرابات، أقل احتمالاً بعد التصويت البرلماني.

هبوط اليورو

وانخفض اليورو إلى أدنى مستوى له في 7 أسابيع مقابل الجنيه الاسترليني وتراجع مقابل الدولار بفعل مخاوف بشأن اقتصاد منطقة اليورو، بينما صعد الاسترليني قبيل التصويت على حجب الثقة عن حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

وعلى الرغم من أن الاسترليني انخفض بأكثر من 1 % مقابل الدولار أول من أمس فإنه ارتفع بعد تصويت البرلمان برفض اتفاق ماي وهو ما يعتقد أنه سيدفع بريطانيا إلى البحث عن خيارات أخرى.

وخلال التعاملات نزل اليورو 0.3 % مقابل الجنيه الاسترليني في المعاملات المبكرة وسجل أدنى مستوى خلال 7 أسابيع عند 88.44 بنساً، ثم جرى تداوله عند 88.57 بنساً بانخفاض 0.20 %.

وتراجع اليورو أيضاً 0.3 % مقابل الدولار إلى أدنى مستوى منذ 4 يناير عند 1.1378 دولار.

ونزل الدولار 0.1 % إلى 108.80 ينات، بعدما ارتفع 0.5 % مقابل العملة اليابانية أمس، في ظل مزيد من الانحسار في الإقبال على المخاطرة مع تحقيق الأسهم الأمريكية مكاسب قوية.

وسجل الفرنك السويسري 0.99 مقابل الدولار.

وزاد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة عملات رئيسية، بشكل طفيف إلى 96.146 متجهاً صوب أعلى مستوى في 11 يوماً عند 96.261 الذي سجله أول من أمس.

تقلبات الأسواق

وحذَّر محافظ بنك إنجلترا «مارك كارني» من أن الأسواق المالية من المحتمل أن تتعرض لتقلبات شديدة في أعقاب رفض البرلمان البريطاني لاتفاق «بريكست».

وأوضح «كارني» أنه يتوقع المزيد من التقلبات في أسواق الصرف الأجنبي، حيث تتأثر معنويات السوق بالتطورات السياسية وحالة عدم اليقين التي تشهدها البلاد حالياً.

وقال مفاوض الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنيه، بعد رفض البرلمان البريطاني بشكل قاطع اتفاق خروج بريطانيا من التكتل إن مخاطر الخروج من دون اتفاق «لا تبدو أبداً عالية للغاية».

وقال بارنيه أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية «أمامنا 10 أسابيع فقط من نهاية مارس وهي اللحظة التي اختارتها الحكومة البريطانية لتصبح دولة ثالثة».

وأضاف «اليوم ومع بقاء 10 أسابيع، فإنه لا تبدو أن مخاطر عدم التوصل لاتفاق أبداً عالية للغاية».

وحذر وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير من عواقب الخروج البريطاني غير المنظم من الاتحاد الأوروبي قائلاً: «سيخسر الجميع في أوروبا.. وخاصة البريطانيين، في حالة خروجهم بشكل غير منظم من الاتحاد الأوروبي».

وتوقع الوزير الألماني بأن يؤدي مثل هذا الخروج لعواقب وخيمة سواء بالنسبة لمستوى الرخاء أو فرص العمل في بريطانيا «.. ولكن هذا الخروج لن يمر بلا أثر على الاتحاد الأوروبي».

وفي الوقت ذاته دعا الوزير لالتزام الهدوء في ألمانيا وأوروبا حيال قضية الخروج وقال: «أعتقد أن علينا أن نمنح البريطانيين فرصة لتوضيح موقفهم، فليست هناك من وجهة نظري أغلبية داخل البرلمان البريطاني تؤيد الخروج غير المنظم».

السيناريو الأسوأ

ودعا اتحاد الشركات الفرنسية أعضاءه إلى الاستعداد لأسوأ سيناريو بشأن البريكست.

وقال رئيس «ميديف»،جيوفروي رو دو بزيو، في بيان إن تصويت البرلمان البريطاني «يضيف غموضاً إلى الغموض».

وحذر الاتحاد من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بلا اتفاق يعني نهاية فورية لحرية التنقل للأفراد والسلع والخدمات ورأس المال بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بداية من 29 مارس، مع وجود قطاعات مثل صيد الأسماك والخدمات المالية والطيران والسيارات والسياحة «في المقدمة».

إعادة التصويت

وفقاً لتحليل نشرته صحيفة «فايننشال تايمز»، بات احتمال تأجيل «البريكست» أو إعادة التصويت عليه هما الأرجح حتى الآن.

ويكاد يجمع المراقبون، خاصة الاقتصاديين منهم، أنه في حال أعيد التصويت بين البريطانيين على قبول «البريكست» أو رفضه، فسيتمخض يقيناً هذه المرة عن رفضه بأغلبية كاسحة، في ضوء المعاناة الهائلة التي ذاق مرارتها البريطانيون على مدى ما يزيد على العامين ونصف العام، لمجرد التوصل إلى صيغة اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن «البريكست».

ولم يتوصلوا، فما بالك بالمعاناة التي سيتجرعونها بعد مغادرة بلدهم للاتحاد فعلياً.

وأكد تحليل «فايننشال تايمز» أن أكثر العوامل المرجحة لاحتمال تأجيل «البريكست» أو إعادة التصويت عليه هو أن غالبية المصرفيين والعاملين في قطاع الخدمات المالية ببريطانيا باتوا يمارسون ضغوطاً متزايدة على الحكومة البريطانية من أجل تجميد فكرة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

Email