الأسواق العالمية تترقب لقاء الرئيسين الأميركي والصيني

«حمائية ترامب» تثير انقسامات داخل «العشرين»

■ الشك يسيطر على نتائج لقاء ترامب وشي | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت أمس اجتماعات دول مجموعة العشرين في الأرجنتين وتستمر يومين، حيث شهدت انقسامات بين قادة الدول المشاركة على خلفية سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن حرية التجارة العالمية وسياسة «الحمائية» التي تتبعها إدارته.

وعلى الرغم من ذلك شهدت الساعات التي سبقت افتتاح القمة توقيع الولايات المتحدة وكندا والمكسيك اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية خلال حفل رسمي نظم على هامش القمة. وقال الرئيس الأميركي بهذا الصدد: «هذا نموذج اتفاق للتبادل الحر سيغير الخارطة التجارية بالنسبة للجميع».

رسوم عقابية

وبعد فرض رسوم عقابية على سلع صينية والتهديد بفرض المزيد في يناير، يصوب ترامب أيضاً على الصين فيما يستعد للاجتماع برئيسها شي جينبينغ على هامش القمة. وتجري الولايات المتحدة محادثات مع شي جنيببنغ اليوم لمزيد من الضغط على الصين. وكان ترامب قد فرض رسوماً على ما قيمته 250 مليار دولار من السلع الصينية المستوردة.

وقالت صحيفة «تشاينا ديلي» الحكومية الصينية إن الجانبين يمكن أن يتوصلا إلى اتفاق في بوينس آيرس، لكنها حذرت الولايات المتحدة من مغبة زيادة الضغط بشأن التكنولوجيا، وسط اتهامات أميركية لبكين بسرقة الملكية الفكرية. وكتبت الصحيفة في مقالة افتتاحية: «في حال بروز أهداف أخرى، مثل استغلال النزاع التجاري لخنق النمو الصيني، لن يتم على الأرجح التوصل إلى اتفاقية».

وأضافت: «لكن اتفاقية جدية تعني أن يغادر الجانبان مسرورين. على الولايات المتحدة أن تتخلى في عطلة الأسبوع عن مقاربتها المعتادة للعلاقات الدولية والقائلة بأن الفائز يأخذ كل شيء».

لحظة حاسمة

في سياق متصل، ذكر تحليل نشره موقع «بزنس انسايدر» الشبكي البريطاني، أن اللحظة الحاسمة التي ستحدد مصير التجارة العالمية قد اقتربت، حيث يستعد الرئيسان الأميركي والصيني للقاء الذي سيكون عاملاً فاصلاً بين احتمالين، إما اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين ينهي صراع التعريفات الجمركية الحمائية المتبادلة بين البلدين منذ شهور، أو دخول البلدين ومعهما العالم في حرب اقتصادية باردة.

ويميل أغلب المحللين والخبراء الاقتصاديين إلى ترجيح الاحتمال الثاني، فهم لا يتوقعون أن يتمخض لقاء بوينس آيرس بين ترامب وبينغ عن الكثير من النتائج الإيجابية، إن تمخض عن شيء أصلاً. وقال ستيوارت باتريك، عضو المجلس الأميركي للعلاقات الدولية:

«لا تبدو آفاق ما يمكن أن يأتي به لقاء بوينس آيرس تتخطى مجرد المسكنات المؤقتة». وأضاف باتريك: «في ظل حالة انعدام الثقة المتبادلة بين البلدين حالياً، فحتى التوصل إلى هدنة بينهما يبدو أمراً بعيد المنال».

ويكاد يجمع المحللون على أن أقصى ما يمكن أن يصل إليه ترامب وبينغ خلال اللقاء هو الاتفاق على تأجيل فرض المزيد من التعريفات الحمائية. وقال إد ميلز، محلل في مؤسسة «ريموند جيمس فاينيشال» الأميركية للخدمات المالية: «دأب المسؤولون في كلٍ من البلدين على ترديد رطانة جوفاء يمهدون بها الطريق إلى اتفاق في بوينس آيرس.

ولكن من دون أي إشارة إلى نية حقيقية لدى أيٍ من الطرفين للتراجع عن موقفه». وأضاف ميلز: «يبدو موقف البلدين أبعد ما يمكن عن التوصل إلى حل تفاوضي، وهذا معناه استمرار التصعيد في حرب التعريفات خلال 2019».

وفي حال حدوث هذا السيناريو، فسيتضرر الجميع، حيث ستكون الخطوة المتوقعة من جانب ترامب في هذه الحالة هي بدء الجولة المقبلة من التعريفات التي سيفرضها على واردات بلاده من الصين. وتشمل هذه الجولة البضائع الصينية التي لم تطلها تعريفات جمركية حتى الآن، وتبلغ قيمتها الإجمالية 255 مليار دولار. وعندئذٍ، سيعاني المستهلك الأميركي قبل غيره.

حيث ستضطر سلاسل المتاجر الأميركية الكبرى، مثل «وولمارت»، إلى رفع الأسعار.

استقرار أميركي

في سياق متصل، ترقبت الأسواق العالمية اللقاء المرتقب على هامش القمة بين الرئيسين الأميركي والصيني، حيث ساد التباين على مؤشرات الأسهم ما بين استقرار في وول ستريت وتراجع في أوروبا وارتفاع طفيف في آسيا.

فقد استقرت الأسهم الأميركية عند الفتح أمس مع تزايد الحذر قبيل اجتماع بين رئيسي الولايات المتحدة والصين بشأن التجارة والذي ستحدد نتيجته ما إذا كانت الحرب التجارية التي عصفت بالأسواق المالية ستنحسر أم ستتفاقم.

وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي 31.70 نقطة أو ما يعادل 0.13% إلى 25307.14 نقطة. وفتح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقاً مستقراً عند 2737.76 نقطة. وصعد مؤشر ناسداك المجمع 6.22 نقاط أو ما يعادل 0.09% إلى 7279.30 نقطة.

هبوط أوروبي

وهبطت الأسهم الأوروبية مع تجدد القلق بشأن تباطؤ النمو بفعل بيانات ضعيفة من الصين، في الوقت الذي ترقب فيه المستثمرون مباحثات ترامب وشي جينبينغ. وفتح مؤشر ستوكس 600 الأوروبي مرتفعاً بهامش بسيط لكنه ما لبث أن هبط. وبلغت نسبة الانخفاض 0.5%. وانخفض مؤشر داكس الألماني 0.6% حيث يتجه إلى تسجيل خسائر للشهر الرابع على التوالي في أطول موجة خسارة منذ عام 2008.

وتصدرت أسهم قطاع السيارات قائمة القطاعات الأسوأ أداء بانخفاض بلغ 1.4% وهبط سهم دايملر 2.7%، بينما انخفض سهم بي.إم.دبليو 0.8% وفولكسفاغن 0.9%. وهبطت أسهم قطاع التعدين 1.1% متضررة من مخاوف النمو في الصين، أكبر مستهلك للمعادن في العالم.

ارتفاع ياباني

فيما ارتفعت الأسهم اليابانية إلى أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من الأسهم الدفاعية وأسهم قطاع البترول، لكن المكاسب كانت محدودة مع ترقب المستثمرين لاجتماع ترامب وشي جينبينغ.

وارتفع مؤشر نيكاي 0.4% إلى 22351.06 نقطة، مسجلاً أعلى مستوى إغلاق منذ الثامن من نوفمبر، وزاد المؤشر 3.3% خلال الأسبوع و2% خلال الشهر، مسترداً بعض الخسائر التي مني بها في أكتوبر، التي بلغت 9.1%. وزاد مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.5% إلى 1667.45 نقطة.

صعود الدولار

وارتفع الدولار أمس مع ترقب السوق بقلق لنتائج مباحثات ترامب وشي جينبينغ، وانخفض اليورو 0.3% إلى 1.13626 دولار، بينما ارتفع الدولار بعض الشيء إلى 113.53 يناً. وهبط الدولار الأسترالي 0.3% إلى 0.7299 دولار أميركي. وانخفض الاسترليني بنحو 0.4% إلى 1.2752 دولار أميركي.

وارتفع مؤشر الدولار 0.2% إلى 96.99، مبتعداً عن أدنى مستوى في أسبوع الذي سجله يوم الخميس، عندما بلغ 96.626 بعد تصريحات أدلى بها رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول هذا الأسبوع دفعت المستثمرين إلى السؤال عما إذا كان المجلس بصدد إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة.

استقرار الذهب

وتحركت أسعار الذهب في نطاق ضيق مع تغير طفيف في الدولار بعد أن أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إشارات متباينة بشأن آفاق التوصل إلى اتفاق تجاري مع بكين، بينما قفز البلاديوم إلى مستوى قياسي. وارتفع الذهب 0.1% في التعاملات الفورية إلى 1224.21 دولاراً للأوقية (الأونصة)، وانخفض الذهب في العقود الأميركية الآجلة إلى 1229.7 دولاراً للأوقية.

ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة 0.1% في التعاملات الفورية إلى 14.32 دولاراً للأوقية. وزادت الأسعار بنحو 0.7% منذ بداية الشهر إلى الآن. وارتفع البلاتين 0.4% إلى 813.40 دولاراً للأوقية، وهو على مسار تسجيل رابع خسارة أسبوعية على التوالي بعدما هبط بنحو 3% منذ بداية الأسبوع.

وزاد البلاديوم 0.6% إلى 1187.65 دولاراً للأوقية، وكان قد سجل مستوى قياسياً مرتفعاً خلال الجلسة عند 1190 دولاراً للأوقية.

الفيدرالي الأميركي يتجه لرفع الفائدة

كشفت محاضر اجتماع أن المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتوقعون أن ترفع هذه المؤسسة، التي تقوم بمهام البنك المركزي، معدلات الفائدة من جديد «في وقت قريب»، ما يعزز التكهنات حول زيادة تكاليف الإقراض الشهر المقبل.

لكنّ هؤلاء المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي منقسمون على ما يبدو حيال الخطوة اللاحقة، إذ إن بعضهم يخشون من أن يؤدي رفع معدلات الفائدة بعد ديسمبر إلى «تباطؤ كبير» للاقتصاد الأميركي الذي بدأ يصدر مؤشرات ضعف.

لكن محاضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في السابع والثامن من نوفمبر كشفت وجود شكوك كبيرة لدى الاحتياطي الفيدرالي حول المستقبل القريب. ويمكن أن تطمئن تعليقات أعضاء اللجنة المستثمرين الذين تجمعوا في وول ستريت بعدما صرح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الأربعاء، أن معدلات الفائدة قريبة أساساً من «الحياد»، أي المعدل الذي لا يؤدي إلى تسارع الاقتصاد.

ولا إلى تباطؤه، وهذا يعني أن معدلات الفائدة يجب ألا ترفع أكثر من ذلك بكثير.

لكن صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي يقولون أيضاً إنهم قد يبدؤون في وقت قريب التقليل من إعطاء معلومات عن خططهم للجمهور، ليكون عليه مراقبة التطورات في الاقتصاد عن كثب بدلاً من الاستعانة بالتصريحات حول «زيادات تدريجية أكثر» في المستقبل.

ورغم التخفيضات الضريبية الكبيرة في العام الماضي والحوافز المالية من الكونغرس، لا يزال أكبر اقتصاد في العالم يعاني من بعض الضعف، وهو يشهد نمواً مطرداً للوظائف، بينما تراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ عام 1969 حتى مع بقاء التضخم ضمن تقديرات 2 في المئة للاحتياطي الفيدرالي.

وقال بعض المشاركين إن ارتفاع الأجور وثقة المستهلك القوية تعني أن هناك فرصة جيدة لبقاء نمو إجمالي الناتج المحلي قوياً قبل أن يتباطأ، لذلك قال جميع أعضاء الاحتياطي الفيدرالي تقريباً إن رفع معدل الفائدة «سيتم قريباً على الأرجح»، إلا أن بعضهم عبّروا عن شكوك بما يتعلق بالمدة التي يجب انتظارها قبل رفع معدلات مجدداً بعد ذلك.

Email