أميركا تطلق الرصاصة الأولى والصين ترد وتشتكي إلى منظمة التجارة العالمية

انطلاق شرارة أكبر حرب تجارية في التاريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

ردت بكين أمس على ما وصفته بالتنمّر الأميركي في التجارة، بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بعد إعلان واشنطن الحرب رسمياً بفرض تعرفات إضافية على الصين، في خطوة وصفتها بكين بـ«أكبر الحروب التجارية في التاريخ الاقتصادي» بين العملاقين، و«بلطجة تجارة ممنهجة» و«تنمر» يوقف الانتعاش الاقتصادي العالمي.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية أمس أنها قدمت شكوى جديدة لدى منظمة التجارة العالمية بخصوص الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على وارداتها، على ما ذكرت وكالة شينخوا للأنباء الرسمية.

انضمام روسيا الى الصين

كما انضمت روسيا الى الصين أمس في فرض رسوم جمركية إضافية على واردات بعض السلع الصناعية الأمريكية، وقالت وزارة الاقتصاد إن روسيا ستفرض رسوما جمركية إضافية على بعض السلع من الولايات المتحدة التي لها بدائل محلية الصنع.وستُطبق الرسوم الجمركية الإضافية بنسب تتراوح بين 25 و40 % على واردات الألياف الضوئية والمعدات المستخدمة في بناء الطرق وقطاع النفط والغاز وتصنيع المعادن والتعدين.

وقالت الوزارة إن الإجراءات التي وقع عليها رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف تهدف إلى التعويض عن أضرار تبلغ 87.6 مليون دولار منيت بها الشركات الروسية التي يتركز نشاطها على التصدير نتيجة للرسوم الأمريكية المفروضة على المعدنين.

وأضافت الوزارة أن زيادة الرسوم الأمريكية ستكلف روسيا إجمالا 537.6 مليون دولار وإن لروسيا الحق في فرض المزيد من الإجراءات التعويضية في المستقبل.

ونبه الكرملين في وقت سابق أمس إلى أن روسيا تنوي «الدفاع عن مصالحها» بعدما بدأت الولايات المتحدة أمس حرباً تجارية على الصين.

إجراءات

وحذر رئيس الحكومة الصينية من أن الحروب التجارية لن يكون فيها أي رابح، وذلك بعد ساعات على بدء تطبيق رسوم جمركية أميركية قابلتها بكين على الفور بإجراءات مشابهة.

وقال لي كيكيانغ في قمة جمعت 16 من قادة دول الاتحاد الأوروبي والبلقان في صوفيا «إن حربا تجارية لن تفيد أحدا لأنها تضر بالتجارة الحرة والعملية المتعددة الأطراف».وأضاف في تصريحاته التي ترجمت من الصينية إلى البلغارية «إذا أرادت دولة ما زيادة رسومها، سترد الصين بالدفاع عن نفسها».

واتهمت الصين الولايات المتحدة ببدء «أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي» محذرة من أنها يمكن أن تؤدي الى «بلبلة في الأسواق المالية العالمية».

وقال لو كانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية «عقب قيام الولايات المتحدة بتطبيق إجراءاتها الجمركية على الصين، دخلت الإجراءات الصينية ضد الولايات المتحدة حيز التنفيذ فوراً».

ورفض لو الإعلان عن قيمة السلع الأميركية التي ستخضع للرسوم، لكن وزارة التجارة كانت قد نشرت في وقت سابق قائمة موازية لقائمة واشنطن تشمل ما قيمته 34 مليار دولار من السلع، وتشمل الضرائب الأميركية 818 سلعة صينية بنسبة 25%.

وتابع لو «لم نشأ أبداً أن يحصل تصعيد للتوتر إلى حد الوصول إلى حرب تجارية، فهي آخر ما نريده لأننا قلنا مرات عدة إن أحدا لن يستفيد من حرب تجارية».وأضاف إن «التسلط والتهديد لن يعطيا نتيجة، فموقفنا يظل ثابتا وواضحا جدا».

وقالت وزارة التجارة الصينية بعد سريان مفعول الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة في بيان نشرت مجلة سي ان ان موني مقتطفات منه: «إن الولايات المتحدة انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية، وأشعلت أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي».

وإن «مثل هذه التعريفات هي بلطجة تجارة ممنهجة». مضيفة: إن هذا العمل يهدد سلاسل التوريد العالمية وسلاسل القيمة، ويوقف الانتعاش الاقتصادي العالمي، ويحفز اضطراب الأسواق العالمية، وسيضر المزيد من الشركات والمؤسسات والشركات والمستهلكين الأبرياء.

وتستهدف تعريفات إدارة ترامب البالغة 25٪ المنتجات الصينية مثل الآلات الصناعية والأجهزة الطبية وقطع غيار السيارات.

ولم يقدم بيان وزارة التجارة تفاصيل عن رد الصين. وكانت بكين قالت في وقت سابق: إنها لن تطلق الرصاصة الأولى، وإنها سترد بالمثل على قيمة متساوية لصادرات الولايات المتحدة، بما في ذلك سيارات الدفع الرباعي واللحوم والمأكولات البحرية.

وبدأ فرض التعريفات الصينية في الساعة 12 ودقيقة واحدة مساء (0401 بتوقيت غرينتش)، طبقا لما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» نقلا عن إدارة الجمارك.

وأضافت وزارة التجارة «تعهد الجانب الصين بعدم إطلاق الشرارة الأولى، لكن من أجل الدفاع عن المصالح الأساسية للبلاد وللشعب، اضطررنا لشن الهجوم المضاد الضروري».

وذكرت صحيفة تشاينا ديلي اليومية الرسمية الناطقة باللغة الإنجليزية أن بكين فرضت رسوما جمركية إضافية على بعض المنتجات الواردة من الولايات المتحدة على الفور بعد دخول الرسوم الأميركية حيز التنفيذ أمس الجمعة.

ونقلت الصحيفة عن هيئة الجمارك الصينية قولها إن بكين ستحصل رسوما جمركية على 545 صنفا بقيمة واردات تصل إلى 34 مليار دولار رداً على الرسوم الجمركية الأميركية.

ترامب يصعد الصراع

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب قد هدد أول من أمس بأنه سيصعد الصراع، إذا ردت بكين.وقال ترامب على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» بينما كان في طريقه إلى مونتانا: «سيكون هناك 16 (ملياراً) أخرى في غضون أسبوعين ومن ثم تعلمون أن لدينا 200 مليار دولار قيد الدراسة ومن ثم بعد 200 مليار فإن لدينا 300 مليار».

وستبلغ بكين منظمة التجارة العالمية بشأن «الوضع» وستعمل مع الدول الأعضاء لحماية التجارة الحرة والنظام متعدد الأطراف، طبقا لما ذكرته وزارة التجارة، مضيفة أن البلاد ستواصل فتح أسواقها وزيادة الإصلاحات.ويقول مراقبون إن المزيد من التصعيد ينطوي على مخاطر تعكير صفو الأسواق وتعطيل سلاسل الإمداد العالمية وتقليص النمو الاقتصادي.

تحذيرات

وحتى قبل يوم الجمعة، كان الخلاف التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم هز الأسواق، مطلقاً التحذيرات من جانب الشركات بأن هذا النزاع سيؤدي إلى الإضرار بمحصلاتها النهائية، وارتفاع الأسعار للمستهلكين.

قلق الشركات الأميركية العاملة في الصين، وقد أعربت الشركات الأميركية العاملة في الصين عن قلقها حيث قال وليام زاريت رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين في بيان يوم أمس: «إن تزايد التوترات في العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين سيؤثر سلبا على العمليات في الصين».

وقالت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم في تغريدة على تويتر أمس، إنها قلقة من فرض رسوم ورسوم مضادة بين كل من الولايات المتحدة والصين وحذرت من النتائج التي ستترتب على هذا.

وغردت مالمستروم قائلة «التطورات المقلقة فيما يتعلق بتصعيد الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين مدمرة للاقتصاد العالمي بوضوح. الحروب التجارية سيئة وليس من السهل الفوز فيها».

أكبر طلقة حرب

ومن جهتها قالت محطة ام اس ان: إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أطلق أكبر طلقة في حرب التجارة العالمية، من خلال فرض تعريفة 34 مليار دولار على الواردات الصينية. وبدأت الرسوم على البضائع الصينية في الساعة 12:01 من صباح أمس الجمعة في واشنطن، بعد منتصف النهار مباشرة بالصين.

وهناك سلع أخرى بقيمة 16 مليار دولار أخرى يمكن أن تتبع في غضون أسبوعين، كما قال ترامب في وقت سابق للصحفيين، قبل أن يشير إلى أن المحصلة النهائية قد تصل في النهاية إلى 550 مليار دولار، وهو رقم يفوق كل واردات السلع الأميركية من الصين في عام 2017.

وسيبدأ مسؤولو الجمارك في جمع تعريفة إضافية بنسبة 25 % على الواردات من الصين تتراوح بين المحاريث الزراعية، وأشباه الموصلات، وقطع غيار الطائرات. وقال مسؤولون صينيون في سابق: إنهم سيردون بفرض رسوم أعلى على سلع منها فول الصويا الأميركي، مما قد يدفع ترامب إلى رفع الحواجز التجارية بشكل أكبر.

وهذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة تعريفات جمركية مباشرة تستهدف البضائع الصينية بعد أشهر من اتهام ترامب بكين بسرقة الملكية الفكرية الأميركية، والتسبب في تضخّم العجز التجاري الأميركي بصورة غير عادلة.

أضرار محتملة

ويحذر الخبراء منذ اشهر من أضرار محتملة لمواجهة تجارية مماثلة ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأميركي، بل أيضا على صعيد الاقتصاد العالمي.

وقال إيثان هاريس، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية العالمية في بنك أوف أميركا ميريل لينش: إن تأثير الجولة الأولى من الرسوم الجمركية على السلع الصينية والبالغ قيمتها 34 مليار دولار، سيكون «ضئيلاً جداً». لكنه لا يرى «نهاية لهذه الحرب حتى يكون هناك ضحايا».

وكانت المؤسسات الأميركية أبلغت الاحتياطي الفدرالي بأنها بدأت تشعر بوطأة الرسوم من خلال زيادة في الأسعار و«تراجع أو إرجاء في مشاريع الاستثمارات بسبب القلق المحيط بالسياسة التجارية»، بحسب ما أعلن المصرف المركزي الأميركي الخميس في خلاصة اجتماعه الأخير في يونيو الماضي.

مخاطر النمو

يعتمد الضرر الاقتصادي على المدى الذي سيذهب إليه اميركا والصين. فإذا خففت كل من الولايات المتحدة والصين حدة التوتر بعد الجولة الأولى من الرسوم الجمركية.

فإن التأثير على اقتصاديهما سيكون متواضعا، وفقا لبلومبرغ إكونوميكس. وفي ظل حرب تجارية شاملة تفرض فيها الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 10٪ على جميع الدول الأخرى وترد بالمثل، يرى الاقتصاديون أن نمو الولايات المتحدة سيتباطأ بمقدار 0.8 نقطة مئوية بحلول عام 2020.

 

Email