النفط يقفز مع تأهب للعقوبات الأميركية على إيران

خبراء يستبعدون سد «أوبك» عجز السوق

تحميل ناقلة نفط في مصفاة أرامكو السعودية للتكرير في رأس تنورة - رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر مسح أجرته رويترز أن أسعار النفط ستظل قوية فيما يبدو خلال الفترة المتبقية من العام الجاري وفي عام 2019 بفعل تعطل إمدادات، في الوقت الذي ستعجز فيه كميات الخام الإضافية التي ستنتجها أوبك عن تلبية الطلب المتزايد.

وتوقع المسح الذي شمل 35 من خبراء الاقتصاد والمحللين أن يبلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في المتوسط 72.58 دولارا للبرميل في 2018 بزيادة قدرها 90 سنتا بالمقارنة مع توقعات الشهر السابق البالغة 71.68 دولارا للبرميل وبالمقارنة مع المتوسط البالغ 71.15 دولارا للبرميل منذ بداية العام.

ويتوقع المسح الشهري أن يبلغ سعر العقود الآجلة للخام الأميركي 66.79 دولارا للبرميل في المتوسط خلال 2018 بالمقارنة مع التوقع البالغ 66.47 دولارا في الشهر الماضي.

وقال فرانك شالينبرجير، رئيس أبحاث السلع الأولية لدى «إل.بي.بي.دبليو» عجز المعروض في سوق النفط سيظل مستمرا. وأضاف: أتوقع أن تزيد أوبك الإنتاج بنحو 600 - 800 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام. لن يكون هذا كافيا لمكافأة زيادة الطلب وانخفاض الإنتاج في دول مثل إيران وفنزويلا.

وفي الأسبوع الماضي، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، بقيادة السعودية، وحلفائها بما في ذلك روسيا على زيادة إمدادات النفط. وتخفض «أوبك» الإنتاج منذ 2017 في مسعى لمعالجة تخمة المعروض العالمية. وقالت المنظمة إنها ستعود إلى مستوى امتثال بنسبة 100% بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها في السابق بعد أشهر من خفض زائد للإنتاج لأسباب من بينها تعطيلات غير مخططة.

شح الإمدادات

وتظل أسواق النفط العالمية تواجه شحاً في الإمدادات مع توقفات غير مخططة للتدفقات من ليبيا وفنزويلا وتعطل أحدث في كندا تسبب في التأثير سلباً على أسواق أميركا الشمالية على وجه الخصوص. وقالت كايلين بيرش المحللة لدى وحدة «إيكونوميست انتليجنس»:

هناك عدد من المخاطر الجيوسياسية الأخرى تضغط على الآفاق العالمية، وتلك من المرجح أن يكون لها أثر أكبر على الأسعار مقارنة مع السنوات الماضية، حين كانت مخزونات النفط عند مستوى مريح.

أيضا يهدد تطبيق العقوبات الأميركية على إيران في نوفمبر الإمدادات العالمية. وقد تؤثر التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ومناطق أخرى أيضا على إمدادات النفط. ومن المرجح أن يظل نمو الطلب الآسيوي على النفط قويا، ويتوقع محللو القطاع أن يزيد بنحو 800-900 ألف برميل يوميا خلال العامين الجاري والقادم.

وقالت دانييلا كورسيني الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في أسواق السلع الأولية لدى إنتيسا سان باولو في ميلانو: التهديد بفرض رسوم على واردات النفط الأميركية (من قبل الصين) قد يغير تدفقات النفط المعتادة الموسمية. لكن أغلبية المحللين الذين شاركوا في الاستطلاع يقولون إنهم لا يتوقعون تأثيرا كبيرا في الأمد القصير من النزاع التجاري بين الولايات المتحدة وبقية الاقتصادات الكبرى بما في ذلك الصين.

وقال كارستن فريتش المحلل لدى كومرتس بنك: زيادة العزوف عن المخاطر قد يؤثر سلبا على ثقة الشركات والقرارات الاستثمارية والطلب على النفط... الرسوم على الواردات قد تزيد أيضا أسعار مشتريات النفط، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الخام.

إنتاج سعودي

كما أظهر مسح أجرته رويترز أن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم زادت إنتاجها من الخام إلى 10.70 ملايين برميل يوميا في يونيو ليقترب من مستوى قياسي في إشارة إلى أن المملكة تريد أن تعوض النقص في إمدادات منتجين آخرين داخل أوبك وكبح جماح الأسعار.

ويزيد هذا الإنتاج بمقدار 700 ألف برميل يومياً عن إمدادات مايو، ويعني أن إمدادات الخام من «أوبك» ستكون أعلى في يونيو على الرغم من انخفاض الصادرات الإيرانية وتعطل إمدادات في ليبيا، وفقا للنتائج الأولية للمسح. وقال مصدر بالقطاع يرصد إنتاج المملكة النفطي: الرقم السعودي ليونيو سيكون مرتفعا جدا... مرتفعا بشكل مفاجئ.

والتحرك السعودي مؤشر واضح على أن المملكة تريد كبح جماح أسعار النفط الذي بلغ 80 دولارا للبرميل هذا العام لأول مرة منذ 2014، مما دفع مستهلكين مثل الولايات المتحدة إلى الإعراب عن قلقهم وإلى تعويض النقص في إنتاج أعضاء آخرين في أوبك.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومجموعة من الدول من خارجها يوم السبت الماضي على معاودة الالتزام بمستوى امتثال نسبته مئة بالمئة من تخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها في السابق، بعد أشهر من خفض زائد للإنتاج لدول أوبك بما في ذلك فنزويلا وأنغولا.

روسيا تضاعف

في سياق متصل، قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن بلاده ستزيد إنتاجها النفطي 200 ألف برميل يوميا في يوليو بعد اجتماع بين أوبك ومنتجين من خارجها في فيينا الأسبوع الماضي جرى الاتفاق خلاله على تخفيف قيود الإنتاج جزئيا. وعلق قائلا: نخطط لإضافة ما يصل إلى 200 ألف برميل يوميا في يوليو. وذلك ردا على سؤال بشأن الحجم الذي ستزيد به روسيا إنتاجها بعد الاجتماع.

ووافقت موسكو في البداية على تقليص الإنتاج بمقدار 300 ألف برميل يوميا تشكل حصتها من خفض في الإمدادات قدره 1.8 مليون برميل يوميا تعهد به كبار منتجي الخام في العالم. أضاف نوفاك أن شركات النفط الروسية ستزيد إنتاجها بالنسبة والتناسب وبما يتماشى مع التخفيضات السابقة التي تعهدت بها، لكنه لم يخض في تفاصيل.

ارتفاع الطلب

ارتفعت أسعار النفط بقوة أمس، وسط تهديد العقوبات الأميركية على إيران التي قد تحجب كمية كبيرة من الخام عن الأسواق العالمية في وقت يشهد ارتفاع الطلب. وقفز خام القياس العالمي برنت 1.49 دولار إلى 79.34 دولاراً ثم عاد إلى حوالي 79.10 دولاراً.

وزاد الخام الأميركي الخفيف 77 سنتاً إلى 74.22 دولاراً للبرميل مسجلا أعلى مستوياته منذ نوفمبر 2014. ويعتقد العديد من المحللين والمستثمرين أن التطبيق الصارم للعقوبات الأميركية على إيران سيدفع الأسعار للصعود بقوة.

وقال أبيشك كومار المحلل لدى إنترفاكس إنرجي في لندن: يتضح بازدياد أن السعودية وروسيا ستجدان صعوبة في تعويض الفاقد المحتمل في إنتاج النفط من دول مثل فنزويلا وإيران وليبيا. وقالت «جيه.بي.سي إنرجي» الاستشارية التي مقرها فيينا، إنه كلما كان تطبيق العقوبات الأميركية أشد صرامة، زادت أسعار النفط أكثر. وقالت: أسعار نفط في خانة المئات ليست أمراً مستبعداً.

Email