التضخم والبنية التحتية يتحديان نمو الهند

ت + ت - الحجم الطبيعي

تراجع معدل النمو الاقتصادي الهندي في الربع الثالث من السنة المالية 2013-2014 (الفترة ما بين أكتوبر إلى ديسمبر 2013)، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.7% فقط على أساس سنوي، مقارنة بمعدل نمو بلغ 4.8% في الربع السابق. ولم يكن هذا التراجع في النمو متوقعاً، حيث توقع المحللون أن يرتفع معدل النمو إلى 4.9% على أساس سنوي.

ويرى كميل عقاد، محلل اقتصادي في شركة "آسيا للاستثمار" المتخصصة في الاستثمار في الأسواق الآسيوية الناشئة أن التراجع الهندي جاء بشكل أساسي بسبب تراجع القطاع الصناعي، مما خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 40 نقطة أساس مقارنة بالربع السابق، بالإضافة إلى تراجع في قطاعات التعدين والخدمات والسكن والمواصلات والاتصالات. والقطاعات الوحيدة التي شهدت تقدماً عن الربع السابق هي قطاعا الخدمات المالية والخدمات الاجتماعية.

ويعود تراجع القطاع الصناعي بشكل أساسي إلى انخفاض النشاط الاستثماري. فقد تراجعت الاستثمارات في الربع الثالث من السنة المالية 2013-2014 بسبب الفوضى السياسية قبل الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تجري ما بين أبريل ومايو 2014.

ومن المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي متراجعاً إلى ما بعد الانتخابات على الأقل، وحتى بعد الانتخابات، سيتوجب فوز غالبية حزبية حتى نرى المشاريع تُطبق بعد أشهر. وقد يكون هناك تأثير على المدى القصير لفوز الغالبية القوية في بث التفاؤل مما سينعكس على تعزيز الاستهلاك المحلي.

التضخم

والعامل الآخر الذي يؤثر في الطلب المحلي خلال السنة المالية 2014-2015، سيكون التضخم. فقد ارتفعت الأسعار بمعدل 6% على أساس سنوي منذ 2013.

وبالرغم من أن هذا المعدل أقل من معدل عام 2012 البالغ 7.5%، لا يزال التضخم معرضاً للتذبذب ويعيق نمو الاستهلاك. أما أسعار المواد الغذائية، وهي المساهم الرئيسي لمؤشر أسعار الجملة، وتساهم بشكل أكبر في مؤشر أسعار المستهلك الذي يستهدفه البنك المركزي حالياً، فتعتمد بشكل كبير على أحوال الطقس والبنية التحتية. وكانت الرياح الموسمية جيدة في هذا الموسم، مما يشير إلى توقعات بعرض أكبر من المحاصيل الزراعية وبالتالي ضغوط تضخمية أقل على الأسعار.

إلا أن البنية التحتية لا تتقدم بنفس سرعة تقدم الطلب، مما سيواصل فرض الضغوط التضخمية. بينما ستستمر أسعار الطاقة بالارتفاع بسبب الانخفاض التدريجي للدعم الحكومي، من المتوقع أن يبقى تضخم أسعار العقارات والمنتجات الاستهلاكية ضعيفاً بسبب النمو الاقتصادي الذي لا ينمو لإمكاناته.

ومع أن هذه العوامل تشير إلى معدل تضخم منخفض وثابت نسبياً، ألا أن الأسعار تعتمد كذلك على عامل آخر شديد التذبذب وهو الروبية. وقد تدخل البنك المركزي الهندي للعمل على استقرار سعر صرف العملة، لكن سعر الصرف الحالي المنخفض وتراجع السيولة العالمية يشيران إلى أن الروبية ستكون مصدراً للتضخم في السنة المالية 2014-2015. وهذا قد يعيق الاستهلاك المحلي، مهما كانت نتيجة الانتخابات القادمة.

 

معدلات

قبل الأزمة المالية العالمية، ما بين 2006 و2008، كان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ينمو في المتوسط بمعدل يبلغ 9.5% على أساس سنوي بينما كان التضخم منخفضاً يصل إلى 5.5% على أساس سنوي. وخلال العامين الماضيين، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 4.5%، ونما التضخم بمعدل 7% على أساس سنوي. ويعود هذا الارتفاع في التضخم جزئياً إلى بيئة النمو المنخفض، بسبب عدم تطوير البنية التحتية.

ويعيق التضخم بدوره النمو الاقتصادي، بسبب ارتفاع أسعار السلع وتكلفة نقلها. أساس المشكلة هو التقصير في الإنفاق على تطوير البنية التحتية. وهو ما يمكن حله بفوز أي الأحزاب المرشحة في الانتخابات، لكن سيكون على الحكومة الجديدة أن تتصرف بشكل جدي نحو حل أزمة الاستثمارات في البلاد.

وإذا ما تحقق ذلك بالفعل، فستحتاج الاستثمارات 12 شهراً على الأقل حتى ترتفع. وفي السنة المالية 2014-2015، نتوقع نمواً ضعيفاً، وتضخماً متواصلاً في الهند. إلا أن حسم نتيجة الانتخابات قد يؤدي إلى نمو في السوق بسبب توقع المستثمرين تطوراً على المجال المؤسسي والأوضاع التنظيمية.

Email