عجز الميزان التجاري يثير شكوكاً حول مستقبل اليابان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشار تقرير صادر عن مؤسسة آسيا للاستثمار، المتخصصة في الأسواق الآسيوية الناشئة إلى شكوك تحيط بالاقتصاد الياباني على إثر ارتفاع عجز الميزان التجاري لمستوى قياسي بلغ 17.4 مليار دولار في يناير. وواصل حجم الواردات التفوق على حجم الصادرات فقد نمت الواردات بمعدل 7.3% على أساس سنوي في يناير، مواصلة النمو منذ نوفمبر من العام الماضي وبقفزة ملحوظة مقارنة بنمو شهر ديسمبر البالغ 1.9%.

إصلاحات جديدة

وتواصل الواردات نموها منذ أن وضع رئيس الوزراء الياباني الجديد، شينزو آبي، إصلاحات سياسية جديدة التي دفعت سعر صرف الين إلى الانخفاض بأكثر من 13% مقابل الدولار في الأشهر الثلاثة الماضية. وسبب هذا الانخفاض بدوره ارتفاعاً في أسعار الطاقة المستوردة. ومع هذا، عاد الانخفاض بشكل إيجابي على تنافسية اليابان. فانتعشت الصادرات، وتزايدت، ونمت لأكثر من المتوقع، حيث وصل نموها إلى 6.4% على أساس سنوي في يناير، وهو أعلى ارتفاع لها خلال ثمانية أشهر.

تغيير السياسات

ولكن العجز القياسي في الميزان التجاري أوجد بعض المخاوف التي قد تدفع رئيس الوزراء للتخفيف من حدة سياسته الإصلاحية، وذلك خصوصاً إذا لم يغطي ارتفاع الصادرات على ارتفاع الواردات. ومن المتوقع أن تواصل الواردات ارتفاعها، حيث لا تزال اليابان تعتمد على استيراد الطاقة من الخارج، منذ إغلاق مفاعلاتها النووية بسبب كارثة فوكوشيما التي شهدتها في مارس 2011.

مقاربة منطقية

ويقيس الميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات للدولة. فعندما تشهد الدولة عجزاً في ميزانها التجاري، فهذا يعني أنها دولة موردة، أي أن قيمة وارداتها تفوق قيمة صادراتها. فعلى مدى عشر سنوات لغاية عام 2010، كان نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لليابان يأتي من صافي الصادرات. ويمثل الميزان التجاري أيضاً أحد مكونات الحساب الجاري الذي يسجل شراء وبيع السلع والخدمات، ويضم الميزان التجاري وصافي الدخل من الخارج وصافي التحويلات الجارية.

وضعية متغيرة

وخلال عقود، كانت اليابان تتمتع بفائض في حسابها الجاري. وفي حالة استمرار العجز في الميزان التجاري، فسيتحدد مصير الفائض في الحساب الجاري اعتماداً على تدفقات الأرباح من الخارج. ويعد الميزان التجاري الياباني من المؤشرات القائدة للاقتصاد العالمي، وتأكيداً على هذا، أشار "جولدمان ساكس" أخيراً إلى أن هنالك ارتباط نسبته 90% بين "مؤشره القيادي العالمي" وبين الميزان التجاري الياباني تفرقهما فترة ثلاثة أشهر، بحيث قد يدل تدهور الميزان التجاري الياباني على تراجع في الزخم الاقتصادي العالمي على المدى المتوسط.

رأي آخر

لكن بعض المحللين يرون أنه يجب ألا يثير عجز الميزان التجاري شكوكاً حول سياسة رئيس الوزراء آبي النقدية في هذا الوقت. فعادة ما يسوء الميزان التجاري خلال عطلة بداية السنة القمرية، حيث ينخفض الإنتاج والمبيعات، إلا أن الصادرات قد تحسنت بشكل كبير وفاقت التوقعات في هذه الفترة.

وهناك ثلاثة عوامل ستحدد إذا ما كانت الصادرات ستستمر بالنمو أم لا، وهي: انتعاش الاتحاد الأوروبي، والنزاع الحالي بين الصين واليابان، وقوة الين. وبالنظر إلى هذه العوامل بعمق، نجد أن الاتحاد الأوروبي لا يزال أكبر أسواق الصادرات اليابانية. وبما أن الاتحاد الأوروبي مثقل بالديون، سيواصل الطلب على الصادرات اليابانية انخفاضه

. إلا أن الانتعاش الهش في الاقتصاد الأميركي يساعد في التغطية على ضعف الطلب الأوروبي. وبالرغم من أن الصادرات إلى الصين مرّت بوقت عصيب بسبب النزاع الإقليمي على الجزر الواقعة في شرق بحر الصين، إلا أن كلا الدولتين تحاولان الإصلاح والاتفاق، كما يظهر في أن الخلافات قد بدأت بالتلاشي. وأخيراً، ستعتمد قوة الين على استمرار أو تخفيف السياسة الحادة لرئيس الوزراء.

 

Email