هددت وكالتا ستاندارد اند بورز وموديز التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأميركي مجدداً وأوضحتا في بيانين منفصلين أنه إذا لم تبذل واشنطن مزيدا من الجهود لخفض العجز في موازنتها فإن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على التقييم الائتماني لها وأنه إذا أرادت الولايات المتحدة الاحتفاظ بالتصنيف الأمثل، فعليها أن تظهر توجها ملموسا نحو خفض ديونها.

وقالت الوكالتان ان الاتفاق حول الميزانية الأميركية بعيد عن حل مسألة الدين العام الذي لا يمكن ان يستمر على الامد الطويل. يأتي هذا في أعقاب توصل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة لاتفاق مالي من شأنه أن ينقذ البلاد مما بات يعرف باسم الهاوية المالية.

ويشي هذا بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما والنواب الجمهوريون في الكونغرس سيخوضون معارك أكبر بخصوص الميزانية خلال الشهرين المقبلين بعد التوصل بصعوبة لاتفاق "الهاوية المالية" لتجنب زيادات كبيرة في الضرائب وتخفيضات ضخمة في الإنفاق كان من شأنها أن تدفع الاقتصاد الأمريكي لدائرة الركود. وتبرز مسألة الموعد النهائي لحل أزمة سقف الدين العام في نهاية فبراير المقبل كواحدة من العقبات المهمة.

وقد تعهد أوباما برفض الدخول في جدل حول ما إذا كان الكونغرس سيدفع الفواتير الموجودة حاليا. وقال أوباما إنه إذا لم تسدد الخزانة الأميركية التزاماتها في الوقت المحدد، فسيكون لذلك تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي ككل، وستكون أسوأ من تداعيات "الهاوية المالية".

معدلات الدين

وقالت موديز في بيان ان التسوية التي توصل اليها الجمهوريون والديموقراطيون لا تقدم اساسا لتحسن جدي في معدلات دين الحكومة الأميركية على الامد المتوسط وبعد ذلك. ومن جهتها، كتبت ستاندارد اند بورز في بيان ان الاتفاق لا يؤثر كثيرا على مسألة وضع المالية العامة الأميركية على مسار اكثر قابلية للاستمرار على الامد المتوسط.

خفض العجز

ورأت موديز انه من الضروري اتخاذ اجراءات اخرى لخفض العجز، مؤكدة ان هذه الاجراءات يجب ان تصد "في الاشهر المقبلة بعد مفاوضات جديدة بين الجمهوريين والديموقراطيين. وذكرت بان تصنيفها للدين مرتبط بنتائج هذه المفاوضات التي ستسمح بابقاء درجة الامتياز "ايه ايه ايه" او خفضها الى "ايه ايه 1" بموجب التحذير الذي اطلقته في سبتمبر الماضي.

وكانت ستاندارد اند بورز خفضت من جهتها علامة الولايات المتحدة الى "ايه ايه " في اغسطس الماضي. ورأى خبراء موديز أنه رغم توصل الحزبين لاتفاق بشأن اعتماد ضرائب بشكل معتدل يعد خطوة أخرى من قبل الحكومة لكبح العجز في الموازنة، إلا أن الوكالة أكدت أنها لا تزال تنتظر المزيد من الإجراءات لخفض هذا العجز الهائل.

التصنيف السلبي

وجاء في بيان الوكالة والذي يتضمن تقديراتها للوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة أنه لن يصبح من الممكن رفع التصنيف السلبي المستقبلي إلى درجة "مستقر" إلا إذا اتخذت الولايات المتحدة مزيدا من الخطـــوات في سبيل خفض العجز في الموازنة. وتمنح وكالة فيتش الائتمانية إلى جــانب موديز الولايات المتحدة أفضل تصنيف ائتماني، أما وكالة ستاندرد اند بورز فقد سحــبت البلاد من هذا التصنيف.

خطة متكاملة

وعلى الرغم من ترحيبه بالاتفاق المالي الذي توصل اليه الكونغرس إلا أن صندوق النقد اعتبر أن ذلك غير كاف، مطالبا البرلمانيين الأميركيين بالاتفاق على خطة متكاملة تحل جذريا مشاكل المالية العامة. وقال المتحدث باسم الصندوق غيري رايس في بيان:

نرحب بالإجراءات التي اتخذها الكونغرس للحؤول دون زيادات الضرائب وتخفيضات النفقات العامة القاسية لكن لا يزال الامر يتطلب المزيد لإعادة وضع المالية العامة الاميركية على مسار مستدام من دون الاساءة الى التحسن الاقتصادي الهش.

وأضاف ان عدم تحرك الكونغرس كان سيطيح بالتحسن الاقتصادي في البلاد. وتابع المتحدث: ينبغي خصوصا تبني خطة متكاملة بأسرع وقت تسمح في الوقت نفسه بضمان زيادة موارد الدولة والتحكم بزيادة نفقات الضمان الاجتماعي على المدى المتوسط.

ورأى رايس أنه من الأساسي ايضا ان ترفع الولايات المتحدة بسرعة السقف الاعلى المسموح به قانونا لمديونيتها العامة الذي تم بلوغه بالفعل وان يعمل البرلمانيون على ازالة المخاوف التي لا تزال قائمة والمتعلقة بتطور موازنة الدولة الفدرالية على المدى القصير.

الاقتصاد العالمي

في الأثناء قال أستاذ الاقتصاد الأميركي دينيس سنور إن الاقتصاد العالمي يعاني منذ سنوات من السياسة المالية قصيرة المدى التي تنتهجها الولايات المتحدة. وتوقع رئيس معهد الاقتصاد العالمي في كيل أن يواصل الاقتصاد العالمي التعرض لضغوط مستقبلا إذا لم يحدث تغير جذري في التفكير السياسي في الولايات المتحدة وقال إن البلاد تفتقد لخطة مالية بعيدة المدى لتخفيض الديون ولتحفيز الاقتصاد.

وأضاف سنور: لم يحدد الرئيس أوباما النسبة التي يجب أن تكون عليها الديون الأمريكية مستقبلا على المدى البعيد مقارنة بإجمالي الدخل القومي.. وما هي السرعة التي سيتم بها تحقيق استقرار في الموازنة وكيف ستتغلب السياسة المالية على موجات التقلب الاقتصادي.

قانون المنحدر المالي

 وقّع الرئيس أوباما مشروع قانون لتجاوز "الهاوية المالي" الذي يزيد الضرائب على الأميركيين الأكثر ثراء ويمدد سريان تخفيضات ضريبية للطبقة المتوسطة. وبتوقيع أوباما عليه، أصبح مشروع القانون نافذاً.

وكان مجــــلس النـواب الأميركي أقــــر في وقت ســابق، مشـــروع قـــانون لتجـــاوز "الهاوية المالية"، بتأييد 257 صوتاً ومعارضة 167، وذلك بعد ساعات من إقراره في مجلس الشيوخ.

وبموجب هذا القانون، ستقوم السلــطات الأميركية بجمع 600 مليار دولار مـــن خـــلال ضرائب جديدة أو إنهاء لإعفاءات سابقة خلال العقد المقبل.

وكان أعضاء مجلس الشيوخ صدقوا بأغلبية ساحقة وهي 89 صوتاً مقابل 8 أصوات معترضة على مشروع قانون لتفادي "الهاوية المالية". و"المنحدر المالي" أو "الهاوية المالية" هي عبارة عن مجموعة قوانين أقرها الكونغرس في فترات سابقة، وهي نتيجة إجراءات زيادة الضرائب بقيمة 607 مليارات دولار وخفض إنفاق الحكومة تم تفعيلها تلقائياً في 2 يناير بالتوقيت المحلي.