الفاو تحذر من أزمة عالمية طاحنة إذا ما استمر الاتجاه الصعودي

مؤشر أسعار الغذاء يقفز 6% بفعل الحبوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

سجلت أسعار الغذاء عالميا قفزة غير متوقعة حيث ارتفعت بنسبة 6% خلال يوليو، بعد ثلاثة أشهر من التراجع. وسجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) لقياس التغير الشهري في الأسعار الدولية لسلة السلع الغذائية 213 نقطة في المتوسط أي ما يفوق مثيله لشهر يونيو بمقدار 12 نقطة. ورغم هذا الارتفاع إلا أنه لا يزال أقل بكثير من الذروة التي سجلت في فبراير من العام الماضي.

والتي بلغت 238 نقطة. ورجحت المنظمة أن يكون هذا الصعود مرتبطا بالارتفاع الكبير في أسعار الحبوب والسكر، مشيرة إلى أن الأسعار العالمية للحوم ومنتجات الألبان لم يطرأ عليها تغير يذكر. وحذرت الفاو من أن العالم قد يواجه أزمة غذاء جديدة على غرار تلك التي وقعت عام 2007- 2008 إذا ما لجأت البلدان إلى حظر الصادرات.

أسعار الذرة

وذكرت المنظمة أن أسعار الذرة الصفراء ارتفعت بما يصل إلى 23% خلال يوليو نتيجة التدهور الشديد في توقعات إنتاج محاصيل الذرة الصفراء لدى الولايات المتحدة نتيجة لأضرار الجفاف الواسع النطاق.

كما ارتفعت أسعار طن القمح بنسبة 19% وسط تدهور فرص الإنتاج لدى روسيا وتوقعات الطلب القوي على القمح للاستهلاك كعلف مع تراجع إمدادات الذرة الصفراء. وشهد الشهر الماضي زيادة حادة أيضاً في أسعار السكر الذي قفز بمقدار 12% إلى مستوى جديد مقداره 324 نقطة. وأرجعت المنظمة الارتفاع إلى هطول أمطار مبكرة في البرازيل ، المصدر الأكبر للسكر في العالم ، مما يعوق حصاد قصب السكر إضافة إلى مخاوف تتعلق بإنتاج السكر في الهند وأستراليا.

عوامل عديدة

وتضافرت عوامل عديدة بينها ارتفاع أسعار النفط وتزايد استخدام الوقود الحيوي وسوء الأحوال الجوية والقيود على سياسات التصدير وارتفاع أسعار العقود الآجلة للحبوب في رفع أسعار الغذاء عام 2007-2008 مما أسفر عن وقوع اشتباكات عنيفة في بلدان بينها مصر والكاميرون وهايتي. ودفعت المخاوف من الطقس الحار والجفاف في الغرب الأوسط الأميركي أسعار الذرة وفول الصويا إلى مستويات قياسية الشهر الماضي مما تسبب في قفزة في أسعار الغذاء.

تطور الموقف

وقال عبد الرضا عباسيان كبير الاقتصاديين ومحلل الحبوب في الفاو إن هناك احتمالا بتطور الموقف مثلما حدث في 2007-2008. وأضاف: هناك توقعات باننا في هذه المرة تحديدا لن ننتهج سياسات سيئة ونتدخل بفرض قيود على الأسواق وما لم يحدث هذا فلن نشهد وضعا خطيرا مثلما حدث في 2007-2008.

لكن لو تكرر تطبيق هذه السياسات فكل شيء وارد. ولقيت أسواق الحبوب دعما من تكهنات بأن منتجي الحبوب في البحر الأسود لاسيما روسيا قد يفرضون حظرا على الصادرات بعد أن أضر الجفاف بالمحاصيل هناك.

التقلبات المناخية

ومنذ اسابيع، تشهد اسعار المواد الاولية الزراعية وخصوصا الحبوب والزيوت ارتفاعا كبيرا في اوروبا وفي بورصة شيكاغو تحت ضغط التقلبات المناخية المتزامنة في الدول المنتجة الكبرى. وكانت الفاو ذكرت مطلع الاسبوع الجاري ان الامطار الموسمية لم تكن كافية في يوليو في الهند ويفترض ان يؤدي ذلك إلى خفض التوقعات المتعلقة بالانتاج العالمي للارز في 2012 .

اللحوم والألبان

في المقابل سجلت اسعار اللحوم تراجعا للشهر الثالث على التوالي مع انخفاض المؤشر ثلاث نقاط. وطال الهبوط انواع اللحوم الاساسية الاربعة وخصوصا لحم الخنزير الذي انخفض سعره بنسبة 3.6 بالمئة. أما لحوم الابقار والغنم والدجاج فانخفضت اسعارها بنسبة واحد بالمئة.

وبقيت اسعار منتجات الالبان مستقرة في يوليو بالمقارنة مع يونيو بعد تراجع لخمسة اشهر على التوالي، لكنها متضاربة تبعا للمنتجات. فاسعار مسحوق الحليب سجلت ارتفاعا، خلافا للزبدة ومشتقات الالبان. وقالت الفاو ان اسعار منتجات الالبان تراجعت بنسبة 16 بالمئة منذ بداية العام، وخصوصا الزبدة (-27 بالمئة).

وكانت الفاو اشارت في تقرير الشهر الماضي إلى أن توقعات الانتاج الزراعي والامن الغذائي في 2012 "جيدة عموما" لكنها حذرت من ان بعض المناطق مثل الشرق الاوسط والساحل جنوب الصحراء الكبرى ستعاني من تبعات "النزاعات المسلحة وحركات نزوح السكان".

جفاف أميركا

وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن أشد موجة جفاف تضرب الولايات المتحدة منذ نصف قرن تتسبب في تقلص انتاج المحاصيل والماشية في البلاد ودعا الكونجرس لإقرار مشروع قانون زراعي يسمح بارسال مساعدات لمزيد من المزارعين ومربي الماشية لمواجهة الكارثة.

وقال أوباما خلال اجتماع لمجلس شؤون الريف بالبيت الأبيض إن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتخفيف آثار الجفاف. وأضاف: إنه جفاف تاريخي وله تأثير شديد على المزارعين ومربي الماشية في ولايات كثيرة. ويعاني أكثر من 60 بالمئة من الولايات الأميركية باستثناء ألاسكا وهاواي من جفاف يصنف على أنه متوسط إلى استثنائي.

ويتوقع محللون أن يتسبب الجفاف في انخفاض محصول الذرة لأدنى مستوى في ست سنوات. وقبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية قال أوباما إنه ينبغي للكونجرس أن يكمل العمل بشأن مشروع قانون زراعي مدته خمس سنوات.

واقترح الزعماء الجمهوريون في مجلس النواب مساعدات للإغاثة من الكوارث بقيمة 383 مليون دولار لدعم منتجي الماشية قبل تأجيل الجلسات للصيف بعدما لم يتمكنوا من اقرار مشروع القانون. وقال أوباما في أول تعليق منذ أسابيع بشأن مشروع القانون إنه ينبغي للكونجرس اقرار مشروع القانون الزراعي الذي لن يقدم فحسب وسائل الاغاثة الهامة من الكارثة وإنما سيدخل أيضا اصلاحات ضرورية.

 

أوكسفام: الملايين يتعرضون للجوع

 

حذّرت وكالة الإغاثة الدولية (أوكسفام) في تقرير جديد أصدرته من أن إرتفاع أسعار المواد الغذائية سيعرض ملايين الناس للجوع وخاصة في اليمن، ويضع ضغوطاً إضافية ضخمة على المنظمات الإنسانية المنهكة أصلاً. وقالت المنظمة الخيرية إن ملايين الناس الذين يحصلون بالكاد على احتياجاتهم الغذائية في البلدان النامية سيُعانون من الجوع، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لحمايتهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وأضافت المنظمة إن أسعار المواد الغذائية، مثل الذرة والقمح، ارتفعت بنسبة تصل إلى 50% منذ يونيو الماضي بسبب الجفاف الشديد في الولايات المتحدة وروسيا، مما سيكون له أثر مدمّر على معظم البلدن النامية التي تعتمد بشدة على الواردات الغذائية، بما في ذلك أجزاء من أميركا اللاتينية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وأشارت إلى اليمن سيكون أكبر المتضررين، كونه يستورد 90% من القمح ويواجه 10 ملايين نسمة من سكانه الجوع و267 ألفاً من أطفاله خطر الموت من سوء التغذية، وتكافح عائلاته من أجل الحصول على الأغذية في الأسواق المحلية وتُجبر على اتخاذ قرارات صعبة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك تزويج بناتها في سن مبكرة.

وقالت أوكسفام إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يضع ضغطاً إضافياً على الموارد المنهكة أصلاً لوكالات الإغاثة الإنسانية، والتي تكافح لاحتواء عدد غير مسبوق من حالات الطوارئ المتعلقة بالأغذية في منطقة الساحل في غرب وشرق أفريقيا واليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي وأفغانستان.

Email