زاوية أخرى

جاذبية المراكز التجارية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذهبت إلى أحد المراكز التجارية التي كنت أتردد عليها رفقة أصدقائي باستمرار، وفوجئت بما رأيت، إذ لم يبق متر مربع تقريبا إلا وتم تأجيره لكشك صغير يكاد لا يرى من خلف العامود الأسمنتي. وإذا نظرت ثم نظرت لا تجد العين منظراً يسرها ولا ممرات فسيحة تشرح الصدر كما كان الوضع قبل سنوات.

أقل ما يقال عن المركز حالياً هو أنه تكدست ممراته واكتظت أماكنه بمحلات لا تعرف ماذا تريد أن تبيع. ليس هذا فحسب، بل ترى وتلمس رداءة البضاعة المعروضة وطريقة عرضها غير الجاذبة ناهيك عن الأسعار المبالغ فيها.

أقل ما يمكن أن يقال هو أن هذا المركز الذي كنا نقصده من مكان بعيد للاستمتاع بجوه وطاقته الجميلة ومحلاته التي تسر الناظرين ومقاهيه التي تتميز عن غيرها بالألفة والشراحة، تحول إلى مكان متكدس وطارد للمتسوقين بكافة فئاتهم، إذ ليس من الوارد أن يتسوق فيه ذوو الدخل المحدود لغلاء أسعاره وليس كما يبدو مكاناً جاذباً لبقية الفئات المجتمعية.

ولذلك لا أستطيع أن ألمس الفائدة من هذا التوجه لدى بعض المراكز التجارية، إذا فقدت جاذبيتها وتنافسيتها من حيث الأسعار، ومن مختلف الجوانب الأخرى، من مواقف للسيارات وفساحة تريح نفس المتسوق، ومنافذ عرض جاذبة ومحلات بيع مرغوبة.

لن يجدي التسويق ولا العروض الترويجية لهذه المراكز إذا كانت العوامل الجاذبة لزيارة المتسوقين لا تتوفر بالطريقة المرغوب فيها من قبل المتسوق وبالتالي فهي أبعد ما تكون عن جذب المتسوق والازدهار، إذ جاء مد الطابع التجاري على حساب جاذبية المكان ورغبة المتسوق لزيارته.

من زاوية أخرى، أفضل طرق التسويق لهذه المراكز هي توفير وسائل راحة للمتسوق من مواقف ومداخل ومخارج سلسة وممرات فسيحة وإعادة تقييم للعديد من المسائل وأهمها التوجهات الربحية ذات الأمد القصير البحت لأنها تأتي على حساب الربحية بعيدة المدى والمستمرة وتأتي أيضا على حساب جاذبية مركز التسوق وقدرته على استقطاب المزيد من المتسوقين. يبقى هذا كله من وجهة نظر المتسوق والزائر للمركز، وهناك ثمة أمر مهم، وهو معرفة وجهة نظر المستأجرين في نفس المركز.

Email