النفط والبيانات الضخمة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتزايد تركيز الحكومات الإقليمية على وضع استراتيجيات تهدف للابتعاد عن الاعتماد على النفط. ومع التطور المتسارع للتحركات العالمية لسوق النفط، سيصبح عمّا قريب عهد العائدات المضمونة من خلال الدعم الحكومي أو دعم الجهات التنظيمية أو تحركات السوق التي يمكن التنبؤ بها بمثابة ظاهرة من الماضي، فقد أصبحت الاستثمارات في مجال الطاقة أكثر تركيزاً، وبدأت الأطراف الفاعلة في المنطقة تُسارع للتأقلم مع مجموعة جديدة من التدابير المُعرقلة.

لذلك، يكمن التساؤل خلال فترة التغيير العاصف التي تمر بها المنطقة في ماهية العناصر التي تتحول إلى دوافع للتغيير! لقد جاء تحول الطاقة كنتيجة لعدد من العوامل البيئية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجية والمجتمعية. كما أصبحت مسألة رفع كفاءة الإنتاجية أمراً ضرورياً بالنسبة للحكومات حتى تحتفظ بقدرتها التنافسية في قطاع الطاقة. ويعتبر تطبيق مبادئ الثورة الصناعية الرابعة، أو ببساطة «التحول الرقمي»، بمثابة أداة لتغيير قواعد اللعبة بالنسبة لقطاع النفط والغاز وأساس لمستقبل هذا القطاع. وتتطلع المؤسسات في المنطقة خلال الوقت الراهن نحو اعتماد مبادرات لتطبيق التحول الرقمي في حقول النفط، ما أدى إلى تركيب الأجهزة اللازمة لزيادة إنتاجية وكفاءة البنية التحتية لقطاع النفط والغاز.

وتبيّن أن هذه المبادرات مفيدة للغاية، لا سيما في الحفارات البحرية، من أجل جمع بيانات الإنتاج بصورة سريعة. ولطالما كانت مسألة جمع البيانات وإدارتها وتحليلها أمراً مهماً للغاية بالنسبة لعمليات التنقيب والإنتاج، ولكن جزءاً صغيراً فقط من معدات النفط والغاز حول العالم يتسم بكونه «متصلاً» من حيث البيانات التي تجمعها المعدات التي تم تسجيلها وتوفيرها لإجراء التحليلات من قبل المشغل.

وتوفر التحديات التي تواجه القطاع اليوم فرصةً لشركات النفط والغاز من أجل إعادة صياغة طريقة عملها وتفكيرها وتبني عملية التحول الرقمي بشكل كامل بالنسبة لعملياتها. وتلعب البيانات الضخمة والتحليلات دوراً بالغ الأهمية في هذا الصدد من خلال تقليص التكاليف وزيادة الإنتاجية.

وقد تكون الشركات الضخمة، التي تمتلك قوة سوقية كبيرة ورأس مال ضخم للاستثمار، قادرة على إعادة صياغة ملامح هذا القطاع. ومن خلال اتخاذ موقف ملتزم ومتابعة هذا الأمر بحزم، يمكن لكبرى الشركات تحديد اتجاه القطاع بصورة ريادية قبل أن يتم تحديد هذا الاتجاه بفعل المنافسة والقوى الخارجية.

وبالنسبة للشركات الأصغر حجماً، ينبغي أن يكون التركيز مسلطاً على بناء القدرات الصحيحة والمنهجية اللازمة للتكيف مع طبيعة القطاع المتغيرة. وتحتاج جميع الشركات، كبيرةً كانت أم صغيرة عريقة أم ناشئة تحديثًا، لتبني عقلية ناشئة يمكنها أن تتكيف مع ديناميات السوق المتغيرة. فعلى سبيل المثال، يجب أن تخضع جميع المشاريع الجديدة لمراجعة تكنولوجية واقتصادية شاملة، وينبغي أن يتم اختبار الأدوات والمنهجيات الجديدة بشكل مستمر من أجل تحسين الكفاءة والقدرة التنافسية، كما ينبغي التركيز بشكل كبير على متطلبات وسلوكيات العملاء المتغيرة والتكيف لخدمتها، حيث تضمن طريقة التفكير المرنة والناشئة عدم زيادة الخدمات بسبب تغير السوق.

وعوضاً عن محاولة التحكم في القوى التي ترسم ملامح السوق، فالأكثر أهمية أن يتم بناء القدرات المؤسسية التي تمكن عملية التكيف وتوفر أساساً للبقاء في طليعة المنافسة. وسيتطلب القيام بذلك إجراء تحليلات قوية للسوق والجهات المنافسة. ويتمحور هذا الأمر حول امتلاك البيانات الصحيحة وتحليلها وتقديمها بصيغة يسهل فهمها لتمكين الأشخاص على جميع المستويات في جهة الأعمال من اتخاذ قرارات أفضل بشكل أسرع وأكثر تناسقاً. وعند التسلح بأفضل المعلومات والقدرة على اتخاذ الإجراءات بصورة سريعة، لن تحتاج الشركات للتعامل مع التغيير كتهديد ينبغي تخفيف نتائجه بل كفرصة تفتح الباب أمام اكتساب ميزة تنافسية.

*شريك في ممارسات الطاقة لدى «أوليفر وايمان» الشرق الأوسط

Email