كيف يعزز اقتصاد الإمارات قوته؟

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للإمارات 2.7% ثم 2.9% في عامي 2016 و2017 على التوالي، ومن المتوقع أن تحقق الدولة نمواً اقتصادياً يبلغ 2.8% في العام الجاري، ثم يرتفع إلى 3.3% في العام المقبل. وتؤكد كافة الأرقام السابقة أن اقتصاد الإمارات أحد أسرع الاقتصادات نمواً في المنطقة.

فقد صُنفت الدولة في المركز الـ21 عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال التجارية. وفي غضون الـ15 عاماً الأخيرة أجرت الإمارات 33 إصلاحاً اقتصادياً، وتبذل البلاد جهوداً دؤوبة كي تتبوأ مقعد الريادة في أي وكل مجال من مجالات المؤشرات الاقتصادية.

كما تبذل حكومة الإمارات قصارى جهدها لدفع الاقتصاد إلى الأمام، على الرغم من كل التحديات الإقليمية والعالمية التي تواجهها، ولغرض تعزيز قوة اقتصاد الإمارات، نطرح بعض الاقتراحات الجديرة بالتأمل.

مدى إمكانية فك الإمارات ارتباط سعر صرف عملتها الثابت مقابل الدولار الأميركي (1 دولار=3.67 درهم)، حيث كان هذا السعر جيداً بما فيه الكفاية عندما كان الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي للدولة يتولد من العائدات النفطية. أما الآن فالعائدات النفطية لا تمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات.

وإذا نظرنا إلى حالة الاقتصاد الأميركي، خاصةً معدل التضخم، فسنجد أنه يرتفع بخطى متسارعة، ومن المتوقع أن يشهد سعر الفائدة في البنوك الأميركية ارتفاعات مستمرة خلال 2018 و2019. ونتوقع أن يصل سعر الفائدة بين بنوك الإمارات «الإيبور» نحو 4% بنهاية 2019، وهو ما سيخلف تأثيراً سلبياً على الشركات والأعمال التجارية في الدولة؛ نتيجة ارتفاع كلفة الإقراض.

وعليه نرى أن الوقت حان كي يجري المصرف المركزي التغييرات اللازمة، وأن يصدر قراراً بفك الارتباط بين العملتين، وأن يعمد إلى ربط الدرهم بسلة عملات رئيسة، كاليورو، والين، والجنيه الإسترليني، واليوان، إلى جانب الدولار. ففي هذه الحالة لن ترتفع أسعار الفائدة في الإمارات بالتوازي مع أسعار الفائدة الأميركية مجدداً. وحينما تنخفض أسعار الفائدة تشهد الاستثمارات بصفة عاماً والاستثمارات في العقارات بصفة خاصة نمواً ملحوظاً.

تحتاج العقارات في الإمارات إلى عوامل محفزة. وثمة حاجة إلى إجراء نقاش بشأن ما إذا كان الوقت الحالي مناسباً لحكومة الإمارات كي تمنح المستثمرين العقاريين الأجانب مزيداً من الحوافز. لقد بلغ السوق مستوى من الاستقرار؛ نظراً لحركة التصحيح التي طالت أسعار تأجير وتمليك العقارات، وعليه من الأفضل أن تدرس حكومة الإمارات فكرة منح الأجانب الذين يمتلكون عقارات في الدولة إقامة تحددها قيم استثماراتهم كي يشعروا بأنهم يعيشون في وطنهم الثاني، بالإضافة إلى الاطمئنان على عائدات استثماراتهم العقارية.

علاوة على ذلك نشجع على إعادة النظر في قيمة الرسوم العقارية وخفضها من 4% إلى 2% حتى نهاية 2020. ومن شأن هذه المبادرة أن تمنح معاملات «البيع والشراء» ومشتريات العقارات قبل اكتمال بنائها «على الورق» في قطاع العقارات بالدولة دفعة قوية، وأن تجلب للمستثمرين العقارين من مختلف أنحاء العالم في الإمارات أقصى قدر ممكن من المنفعة.

لا توجد دولة في العالم قادرة على منافسة الإمارات ببناء فنادق فئة الخمسة نجوم خلال الأعوام الـ15 الأخيرة، ونرى أن يبدأ قطاع الضيافة في الإمارات في تلبية احتياجات السائحين المنتمين إلى الفئات المتوسطة، بالتوسع في إنشاء الفنادق من فئات النجمتين، والـ3 والـ4 نجوم.

فثمة طلب هائل على هذه الفئة، ما يدعو للمزيد من الاهتمام به من السلطات المسؤولة عن السياحة في الدولة. فالسائحون خاصةً القادمين من الصين والهند وباكستان، يبحثون عن رحلات سياحية ذات تكاليف تناسب ميزانياتهم المتوسطة، ومن شأن الاهتمام بهم وتلبية متطلباتهم أن يعطي دفعة نوعية مطلوبة لقطاع الضيافة في الدولة.

وتعد كلفة تنفيذ الأعمال التجارية في الإمارات مرتفعة إذا ما قورنت بكلفتها في سنغافورة. ويعزى هذا الارتفاع إلى جانب واحد فقط من جوانب تنفيذ الأعمال التجارية وهو التمويل، حيث تبلغ كلفة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ثلثي مثيلاتها في سنغافورة. أما فيما يتعلق بكلفة العقارات والموارد البشرية فهي تقريباً متساوية في الدولتين. وعليه نرى من المناسب أن تنظر الإمارات في خفض قيمة الرسوم الحكومية بقيمة الثلث في كافة القطاعات حتى نهاية 2020.

فيما يتطلب التعليم في الإمارات تغييراً في رؤيته، ونقترح التخطيط لإنشاء جامعة برؤية أن تكون واحدة من أفضل 10 جامعات في العالم في غضون 25 عاماً من الآن. إنه أمر قابل للتنفيذ في عالم اليوم الرقمي.

وافتتاح مراكز علمية للبحث والتطوير ذات طرز عالمية، وتكون متصلة بالجامعة المقترحة، على أن يتم ذلك من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما نقترح أن تركز الرؤيا الجديدة على تحقيق هدف آخر، وهو أن تمنح الجامعة المنتظرة 1000 شهادة دكتوراه على الأقل في غضون العقد الأول من إنشائها، فضلاً عن قيامها بتسجيل 100 براءة اختراع على الأقل في غضون نفس الفترة.

وبذلك، يمكن أن تشهد الإمارات شركات عالمية تتوافد عليها لتشارك في صياغة تقنيات البحث والتطوير في عصر الرقمنة، الذي سيكون «إنترنت الأشياء» فيه بمثابة الثورة الرابعة، حيث من المنتظر في غضون 30 عاماً، أن تصبح الآلة أكثر ذكاءً من الكائن الحي متوسط الذكاء، وهو ما يسمى التفرد التقني. وعليه نقترح أن تطلق الإمارات مواهبها لتصيغ رؤية لعام 2040، وأن يكون التفرد التقني هو أساس هذه الرؤية.

وشهد القطاع الطبي في الدولة قفزة هائلة نقلته إلى مرحلة التقدم المذهل والإنجازات الرائعة. ولكن لا يجب أن تركن الإمارات إلى هذه الإنجازات، وأن تطمح إلى منافسة العالم بزيادة الاهتمام بخطط البحث والتطوير في هذا القطاع. وأن تعزز الدولة استثماراتها في التعليم، بحيث ينال طلبة كليات الطب درجات فائقة التخصص في دراساتهم. وأن تستهدف الإمارات استقطاب 3 ملايين سائح طبي بحلول 2025.

* العضو المنتدب لدى غلوبال ترست للمشاريع التجارية

* ترجمة: سيد صالح

Email