صناعة التعليم وتنويع الاقتصاد

2656441 copy

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع تقدم العلوم وازدياد أهمية اقتصاد المعرفة أصبحت صناعة رأس المال البشري واسطة العقد في تحقيق تنمية بشرية تدعمها عملية تعليمية تشكل صناعة قائمة بحد ذاتها، وتتزايد أهمية هذا الأمر وسط توجه الإمارات لتنويع اقتصادها، ما يتطلب توسيع تأهيل الكوادر المواطنة، وأيضاً استقطاب أفضل المهارات في المنطقة والعالم.

وصناعة التعليم مسار تطور طبيعي وتراكمي لعملية سايرت التاريخ الإنساني، وأصبح لزاماً علينا اليوم تأطير العملية التعليمية ضمن ضوابط تحكم القطاعات الاقتصادية، للتأكد من مساهمة التعليم في تلبية حاجات السوق وتبرير حجم الإنفاق على العملية التعليمية وربط مخرجاتها مع متطلبات الاقتصاد، ما يعتبر معياراً أساسياً لتطور النظام التعليمي في أي بلد.

ولا يمكن فعلياً دراسة الناتج المحلي اعتماداً على عوامل الإنتاج المادية دون الأخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار، يعتبر التعليم أحدها، وقد تم تأكيد ذلك بطرق علمية تستخدم أساليب معالجة إحصائية ترصد أموراً مثل مهارات العمال ومستوى تعليمهم وانعكاس ذلك على العملية الإنتاجية، وإن كانت هناك بالمقابل دراسات تحذر من التوسع في الإنفاق على التعليم بما لا يتناسب مع الحاجات الفعلية للاقتصاد.

قد لا تكون الأسر التي تستثمر مبالغ طائلة من مدخراتها لتعليم أولادها معنية بمسائل الاقتصاد الكلي، ولكنها معنية بتبرير الاستثمار التعليمي في مستقبل أبنائها، وهم يتوقعون عائداً على الاستثمار، وهو ما يتحقق لهم غالباً، خاصة وأن أرباب العمل يفضلون توظيف ذوي المؤهلات الدولية، ومعرفة هذا الأمر هو حجر الزاوية في تعزيز صناعة التعليم التي تلبي حاجات موجودة لدى الأفراد.

وفي دبي لدينا تجربة غنية، حيث تم إنشاء مجمع دبي للمعرفة ومدينة دبي الأكاديمية العالمية للمساهمة في تعزيز هذه الصناعة، لكونها تصب في مساعي تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، ونعتقد أن صناعة التعليم أحد المحاور المهمة التي تمتاز بإمكانيات توسع كبيرة، مستفيدين في ذلك من أمور تدعم القطاعات الاقتصادية كافة، ومن أهمها نمط الحياة الاجتماعية، والموقع المتوسط للإمارات.

وثمة توجهات ضرورية لتطوير صناعة التعليم، فعلينا مثلاً الاستمرار بتهيئة برامج خاصة تلبي رغبة كثير من الطلبة في التحول إلى رواد أعمال، ومن ثم إدماجهم في بيئة تستفيد من القيمة الابتكارية المتضمنة في مشاريعهم وهو ما سيغني مخرجات صناعة التعليم ويعمق أثرها في تطوير الاقتصاد والمجتمع، علماً أن 11% من الطلبة يرغبون في تأسيس مشاريعهم الخاصة حسب دراسة أجرتها أخيراً مدينة دبي الأكاديمية.

ومن الأمور التي يمكن أن نعمل على تطويرها تحسين احتمالات التوظيف المستقبلية، لاسيما وأن 69% ينوون البقاء في بلد التحصيل العلمي وهو ما يتيح لمراكز التعليم اجتذاب الموظفين المهرة المتعلمين وإغناء بيئة الأعمال برأسمال فكري.

كما ينبغي على الجامعات التركيز على مبادرات التدريب الداخلي. ورغم أننا وجهة ناشئة في صناعة التعليم مقارنة بآخرين، إلا أنه لا يمكن إغفال حجم الإنجاز الذي تحقق في فترة قياسية الذي يشكّل قصة نجاح نؤمن بضرورة تطويرها لاقتصاد دبي.

*المدير العام لمجمع دبي للمعرفة ومدينة دبي الأكاديمية العالمية

Email