هل العلامات التجارية الكبرى فقاعة السوق العالمي المقبلة؟

انخفضت الإيرادات في مونديليز التي تملك أوريو

ت + ت - الحجم الطبيعي

شكلت أزمة الائتمان درساً لجيل بأكمله، مفاده أن الكوارث يمكن أن تنفجر في أكثر زوايا الأسواق المالية غموضاً. بالنسبة إلى المحللين الذين عاشوا حياتهم دون الحاجة إلى التفكير بأبجديات الائتمان المعقدة، فقد أصيبوا بالصدمة لرؤيتهم تلك الأدوات ترسل هزات عبر النظام المالي العالمي.

وتكمن الأخطار في الظل وليس أمام أنظارنا.

فهل يمكن أن تشكل الأشياء التي يحكم عليها السوق بأنها الأكثر اعتمادية اليوم، التهديد الأكبر على ثروة المستثمرين على مدى العقد المقبل؟ وهناك افتراض قديم لا خلاف عليه، ويعتقد به كثيرون، بأن شركات السلع الاستهلاكية من العلامات التجارية الكبرى هي آمنة إلى حد كبير.

ومنذ استحواذ وارن بافت لشركات حلويات «سي»، وهي الشركة التي تم شراؤها مقابل 25 مليون دولار في السبعينيات، وأصبحت تشكل الآن أكثر من 80 مليون دولار من الأرباح في السنة، كان هناك إجماع متزايد بشأن ما يسمى «التحصينات الاقتصادية» لشركات السلع الاستهلاكية على علامتها التجارية القوية، أي القدرة على الحفاظ على ميزتها النسبية لحماية أرباحها على المدى الطويل وحصتها في السوق.

ومنذ الأزمة المالية، فإن أسهم شركات السلع الاستهلاكية المعبأة، والتي تشمل الأطعمة والمشروبات والماكياج ومستحضرات التنظيف، كانت تنطلق نحو المزيد من التقييمات المتفائلة. وهناك عدة عوامل لذلك.

فقد قام مستثمرون تواقون لجني أرباحهم بتقييم الأسهم على عائد أسهم الشركات واستقرارها النسبي. كما قام السوق بتسعيرها بناء على افتراض أن بعض تلك الشركات لديها إمكانيات هامة للنمو في الأسواق الناشئة، مما يعوض عن أي تراجع في المبيعات في الاقتصادات الناضجة. وأخيراً، كان هناك ما يمكن أن يطلق عليه «الجيل الثالث» أو «3g» في التقييمات، بسبب وجود مجموعة الأسهم الخاصة البرازيلية المعروفة بخفض التكاليف ورفع هوامش أرباح الشركات التي تسيطر عليها.

وتسبب ذلك بدفع تلك الأسهم إلى مستويات أعلى، في الوقت الذي توجد إشارات كثيرة إلى تهديدات من منافسة ناشئة، تهدد «التحصينات الاقتصادية» التي تمتعت بها تلك الشركات لفترة طويلة.

يلاحظ الشريك المؤسس لشركة «هسكينغ بارتنرز»، دجانغو ديفيدسن، كيف تم تسعير عدد من شركات العلامات التجارية الكبرى العام الماضي بتقييمات أعلى من أي وقت مضى، على الرغم من أن مبيعاتها تباطأت، وكتب في تقرير بعنوان «وفاة العلامة التجارية» يقول: «نموذج عقلي نجح في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية من غير المرجح أن تنتج عنه نتائج مماثلة في العقود المقبلة.. إذ يمكن لشاب صغير شراء جزء منها، إذ إن الحواجز أمام الدخول في مجال الإعلانات قد انهارت.

وهذا أمر مثير للقلق لما يطلق عليه افتراضاً «سندات شبيهة بأسهم طويلة الأجل»، إذ لم تعد الشركات متعددة الأطراف تهيمن على تطوير المنتج وتوزيعه وتسويقه.

وقد تراجعت المبيعات في «كارفت هاينز» خلال كل ربع سنوي منذ بدء 2015 إلى منتصف العام الماضي، أما في «مونديليز»، التي تضم بين علاماتها «أوريو» و«كادبري»، فإن الإيرادات تراجعت أيضاً خلال تلك الفترة، لكن، في الوقت نفسه، ارتفعت تقييمات الشركتين على أساس قيمة المؤسسة إلى المبيعات بشكل حاد.

والأهم من ذلك، هو أن المديرين التنفيذيين في الشركات الاستهلاكية يعترفون علناً بأنهم يواجهون اضطرابات متزايدة، فيما لا يبدو مستثمرو الأسهم يأخذون هذا الأمر بعين الاعتبار في تقييماتهم.

ولاحظ رئيس فرع الاستهلاك في «جونسون أند جونسون»، جورج مسكويتا، العام الماضي كيف أن الحواجز على الدخول إلى التصنيع واللوجستيات والتسويق كانت تتراجع في أنحاء العالم. وقال: إن كانت هناك عقود قليلة في تلك الصناعة بسلسلة من الحواجز أمام الدخول أو مصادر من المزايا التنافسية راسخة، لكنها اليوم أصبحت أقل فرادة، مضيفاً: «نرى بروز طبقة جديدة من المنافسين، وقد أصبح لهذه السلع الآن منافسون راسخون متعددو الجنسيات، ينبغي التعامل معهم».

وعلى الرغم من ذلك، يعتقد السوق اليوم بأن «السلع الاستهلاكية المعبأة» ستكون قادرة على زيادة مبيعاتها وأرباحها مع التمتع بهوامش ربح عالية للأبد. ولا توفر التقييمات الحالية مجالاً للخطأ في هذا الافتراض، مما يعني أن تعديلاً بسيطاً للتوقعات حتى سيكون بعواقب وخيمة على المستثمرين المتفائلين.

ولاحظ ديفيدسون في هذا السياق أن كل من قام بشراء حصص في كوكا كولا عام 1998 كان عليه الانتظار 18 عاماً لتعود من حيث بدأت، حتى مع مضاعفة المبيعات السنوية خلال تلك الفترة.

بالنسبة إلى المستثمرين الذين يشترون في شركات علامات تجارية كبرى اليوم، من خلال تبرير آفاق وردية لانهائية، فإن النتيجة ستكون أكثر إيلاماً.

محلل اقتصادي في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية

Email