جيل جديد من الصناعات الغذائية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمتاز الثورات الصناعية، بكونها محركات لإحداث تغييرات سريعة في أنماط الإنتاج السائدة، وفي نوعية منظومات الدعم، كالبنى التحتية وغيرها، ونتيجة لها، تبدأ أنواع جديدة من الشركات والمؤسسات بالظهور، وسرعان ما تبدأ بلعب أدوار محورية في تغيير مفهوم الاقتصاد والتعاملات التجارية.

ونعيش حالياً عصر الثورة الصناعية الرابعة، التي تتمحور حول تبني أكثر للتطورات التكنولوجية والابتكار والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء، لتحقيق كفاءة أعلى في الإنتاجية بشكل أساس. وما إن نفكر بأبعاد هذه الثورة الجديدة، حتى يذهب تفكيرنا إلى المشاريع الطموحة التي تنفذها شركات مثل «تيسلا» و«إسبيس إكس» و«غوغل»، وبالرغم من أنه من المستبعد أن يتم ربط صناعة الأغذية، ذهنياً، بالثورة الصناعية الرابعة، وكأن هذا القطاع بعيد عن كل ما تمثله هذه الثورة، التي وصلت آثارها إلى كل مفصل دقيق من حياتنا اليومية، إلا أنه يبقى من محاورها الرئيسة.

فبالحديث عن أهمية صناعة الأغذية، ومكانتها العالمية كمكوّن رئيس في التوجه نحو تحقيق مستويات إنتاجية غير مسبوقة، وضعت حكومة دبي، هذا القطاع المهم، كأحد القطاعات الرئيسة في استراتيجيتها الصناعية 2030، التي تركز على تعزيز الترابط الصناعي، وتكامل القطاعات الصناعية، وربطها مع المؤسسات التعليمية والبحثية، لتحفيز الابتكار والإبداع. فبرزت في الإمارات، وتحديداً في دبي، الزراعة الأفقية المبتكرة، التي من المتوقع أن تحقق مستويات عالية من الإنتاجية، وأن تحتل مكانة مهمة، كحل نظيف وذي كفاءة عالية، لمواجهة تحديات الأمن الغذائي العالمي.

قطاع الأغذية في توسع مستمر، ولم يعد يقتصر على إنتاج الغذاء وتسويقه، بل ظهرت شركات جديدة، وظيفتها تقديم الحلول الغذائية التي تتناسب مع خصوصية الأنماط الحياتية لكل شريحة من المجتمع، وشركات لتسهيل الاختيار بين العلامات التي تزدحم بها الأسواق. وما يشهده قطاع الصناعات الغذائية، ينطبق على كافة القطاعات، بما لا يحصر الابتكار بفكرة جديدة لمنتج، بل يتعداه إلى وظيفة جديدة لشركة بكاملها، ومن غير المستبعد، أن نشهد خلال السنوات القليلة القادمة، استحداث قطاعات اقتصادية جديدة، لم تكن معروفة من قبل.

ومع تنامي أهمية التعددية في الأسواق، ظهر مصطلح «عواصم التأسيس»، وهو توصيف اقتصادي للدول التي استطاعت ابتكار بنية تحتية وتنظيمية وتشريعية ملائمة لتأسيس وعمل الشركات الجديدة. ولا نجافي الحقيقة، إذا قلنا إن «عواصم التأسيس»، ستقود الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب. لقد صنفت مجلة «فوربس»، دولة الإمارات العربية المتحدة، في المرتبة الأولى عربياً، كموطن للشركات الناشئة في 2017. أي عاصمة التأسيس الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحد عواصم التأسيس القليلة في العالم.

فمسيرتنا نحو «الإمارات 2071»، وتحقيق مخرجات «رؤية 2021»، واستراتيجية دبي وبناء مجتمع واقتصاد معرفي، متعدد القطاعات، هي مسيرة ابتكار، تشمل كافة مجالات العمل في الدولة، وتبني كل بادرة اقتصادية في مقدمها الجيل الجديد من الشركات، لأنها ستصبح في الغد أساساً ثابتاً في منظومتنا، ومحركاً رئيساً للنمو، وضمانة قوية للاستدامة.

 

الرئيس التنفيذي - مدينة دبي لتجارة الجملة

Email