البرمجة وصناعة المعرفة لتنويع اقتصاد الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة قطاعات ستعيد تشكيل مستقبل البشرية، تتبناها دبي كجزء من تنويع النشاط الاقتصادي الذي انتهجته مساراً لها، ومن القطاعات التي نركز عليها في مدينة دبي للإنترنت، التجارة الإلكترونية والبلوك تشين، والروبوت والذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات، وجميعها تحتاج بشكل أو بآخر إلى البرمجة التي تشكل بحد ذاتها صناعة فائقة الأهمية، ويحدد تطورها مقدار التقدم التقني في المجتمعات التي تستضيفها، ناهيك عن مساهمتها في ثورة المعلومات والاتصالات وفي الثورة الصناعية الرابعة، ولذلك تتسابق الدول على الاستثمار في هذه الصناعة المعرفية التي تتميز بالاستدامة، وفي دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل للشباب الذين يشكلون عمادها، ونشهد بداية فجر جديد لصناعة البرمجة في دبي بعد إطلاق مبادرة "مليون مبرمج عربي" ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ولن يقتصر التأثير على الدولة ولكنه سينتشر إلى محيطنا العربي.

واستطعنا في دبي بفضل توجيهات القيادة الرشيدة أن نتقدم على درب اقتصاد المعرفة، وتتيح منجزاتنا الحالية تطوير مقاربتنا من استضافة كبرى الشركات إلى صناعتها، وهو ما نجحت به مدينة دبي للإنترنت التي تمكنت من أن تروي قصص نجاح وصلت إلى العالمية مثل "مكتوب" و"سوق دوت كوم" و"كريم" و"دوبيزل"، و"أنغامي"، ومن أجل تطوير صناعة البرمجيات، نقدم الدعم إلى الشركات الناشئة عبر مركز الابتكار "in5"، الذي يتيح لرواد الأعمال التواصل وتبادل خبراتهم وحل العوائق التي يواجهونها.

ونعتقد أن عدم حاجة صناعة البرمجة لاستثمارات كبيرة، ساعد كثيراً من البلدان على دعمها وإيجاد مورد اقتصادي مهم، وبالرغم من متطلبات الجهد والوقت لإنجاحها إلا أنه ليس من قبيل الحلم الحديث عن صناعة برمجيات إماراتية متطورة، خاصة أن مقومات نجاح هذه الصناعة ليست بعيدة المنال.

ومن القرارات الاستراتيجية التي يتعين أن تتخذها إدارات الإنتاج في الشركات البرمجية، اختيار أدوات وتقنيات الإنتاج، كما يجب أن تكون واعية لحاجات المُنتَج الحقيقية، وقابليته للتوسع، وانتقاله من بيئة عمل حاسوبية لأخرى، وتعامله مع المنتجات المختلفة، وبحث إمكانية تعريب البرامج لإغناء المحتوى العربي المعرفي، ووضع مواصفات ومقاييس لتطوير البرامج العربية، ودعم مبادرات البرمجة لما تخلقه من فرص لنمو المنطقة، والاستفادة من القدرات الإبداعية فيها، والعمل على ضمان نموها واستدامة إنتاجها، إضافةً لدعم توطين البرمجة. والاهتمام بالإنتاج العربي المشترك، وهو ما نتوقع أن يتحول إلى نجاح كبير نظراً إلى حجم السوق العربي.

ولا بد من دعم الشركات الناشئة وانتقاء الموهوبين في مراحل عمرية مبكرة ليصبحوا مبرمجين في سن مبكرة، وتزويدهم بمهارات المعرفة الرقمية، والإبداع والابتكار، والمهارات الإدارية والقيادية، وريادة الأعمال، وحل المشاكل المعقدة.

واليوم تأتي مبادرة "مليون مبرمج عربي" تتويجاً لمنجزات سنوات من بناء البنى التحتية والمجمعات الإبداعية وإعداد الكوادر المواطنة واستقطاب أفضل الخبرات الأجنبية التي غدت جزءاً من بيئة الأعمال المحلية، ما سوف يسهم في تطوير صناعة برمجة إماراتية واعدة، ونعتقد أننا سنكون الجيل الذي يشهد تغيرات سريعة، وأن بلادنا ستكون في القريب العاجل حاضرة الصناعات المعرفية.

Email