ترامب أمام قرارات تجارية حاسمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو لم يكن دونالد ترامب في سدة الرئاسة، كان من الممكن أن تكون قصة شركة «سونيفا» للطاقة الشمسية، التي تقدمت بطلب إعلان إفلاسها، أخيراً، ملقية باللوم على الواردات الصينية الرخيصة، قصة إفلاس، سببها ديون متراكمة، نتيجة لمغامرة غير محسوبة، قامت بها شركة صينية. لكن «سونيفا» تقف الآن وسط قضية تجارية، وصلت إلى مكتب الرئيس الأميركي، وقد ينتهي بها المطاف، كواحدة من أولى لقطات الحرب التجارية مع الصين.

بنهاية يناير، يتعين على ترامب، أن يقرر ما إذا كان سيقف إلى جانب «سونيفا»، ويفرض تعرفات واسعة النطاق على واردات الخلايا الشمسية التي يأتي معظمها من الصين، أم إلى جانب صناعة الطاقة الشمسية الأميركية، التي تحذر من أن تلك التعرفات نفسها، سوف تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك، وتكلف فقدان عشرات الألوف من الوظائف، إذا جعلت الطاقة الشمسية أقل تنافسية أمام بدائل مثل الغاز الطبيعي الرخيص.

هذه القضية، هي واحدة من سلسلة قرارات تواجه ترامب، وإدارة متحمسة لتقدم نوع التحركات التجارية الصارمة ضد الصين وغيرها.

يقول المستشار التجاري للرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش: «مرت سنة، ولم نتقدم في معرفة خطة الإدارة الحالية، ما نعلمه أن ترامب يكره نظام التجارة الحالي، لكن ما البدائل؟»، وفي الأفق أيضاً هناك مواعيد نهائية لتحقيقات أميركية انطلقت العام الماضي، بشأن واردات الألمنيوم والصلب، والتحقيق في نظام الملكية الفكرية للصين، وممارستها في إجبار الشركات الأجنبية على نقل المعارف والتكنولوجيا. ويصل كل ذلك إلى نقطة حاسمة في التجارة.

وتكشف القرارات الوشيكة، الواقع المزدوج لسياسة ترامب التجارية. فقد بادر في تفكيك الاتفاقات التجارية، وسحب أميركا من الشراكة عبر المحيط الهادي، وأطلق مفاوضات جديدة داخل «النافتا»، وأخرى مع كوريا الجنوبية، وواصل التذمر بشأن العجز التجاري مع الصين. ويبقى على ترامب، الإيفاء بوعوده بشأن التعرفات الجمركية التي هدد بفرضها خلال حملته عام 2016، أو الحمائية التي وضع خطوطها العريضة في خطاب التدشين.

ومن أهم الأسباب التي لم تفعل إدارة ترامب إلا القليل حتى الآن في مجال فرض التعرفات، هو أنها اكتشفت صراعات المصالح المنضوية في معظم المنازعات التجارية.

وقد وعد ترامب بخطوات أحادية الجانب، لكنه يواجه حقيقة أن فرض تعرفات بشكل متهور، قد يضر بالمستهلكين والصناعات المحلية، حتى لو ساعدت قطاعات معينة. وتوضح حالة الطاقة الشمسية، الحقائق الاقتصادية والسياسية المعقدة لسلاسل التوريد العالمي.

ومنذ أن رفعت «سونيفا» طلب إعلان الإفلاس، عملت بجهد للانضواء تحت العلم الأميركي، وقد انضم إليها في ضغوطها لفرض تعرفات جمركية، شركة طاقة شمسية ألمانية تدعى «سولار وورلد».

وتدعو القضية التجارية المرفوعة من قبل «سونيفا»، إلى «تدابير حمائية وقائية» واسعة النطاق، ضد المستوردات، بفرض تعريفات تصل إلى 35 %، كانت غالبية «اللجنة التجارة الدولية الأميركية»، قد وافقت عليها العام الماضي.

ولدى ترامب حتى 26 يناير، ليقرر ما إذا كان سيفرض مزيداً من التعرفات والحصص الموصي بها من قبل 3 من المفوضين الكبار في «مركز التجارة الدولي»، أو استخدام شيء أقل ضرراً، مثل فرض رسم ترخيص على الواردات، تذهب عائداته إلى الشركات الأميركية.

وأثارت قضية «سونيفا»، معارضة من جانب كثيرين في صناعة الطاقة الشمسية. يقول توم ورنر، المدير التنفيذي في « صن باور» في سيليكون فالي «ما ستفعله، هو أن تأخذ شركة أميركية ناجحة، وتفرض عليها تمويل شركتين أجنبيتين غير ناجحتين، ويصعب إيجاد منطق في الأمر»، ثم أصبحت خلايا الطاقة الشمسية سلعة منتجة في مصانع ذات أتمتة عالية، والإنتاج لا ينتج إلا القليل من الوظائف الأميركية.

وكانت « صن باور بين مجموعة شركات عاملة في الطاقة الشمسية، تضغط على واشنطن ضد قضية فرض تعرفات. وقد وجدت أذناً مصغية لدى المجلس الاقتصادي الوطني، فيما هناك آخرون أقل تعاطفاً، مثل الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتزر، الذي يعد من صقور الصين القدامى.

قد يكون ترامب قد تراجع عن الانسحاب من «نافتا»، وبعض التحركات الدراماتيكية التي وعد بها خلال حملته، لكن خطابه الحمائي، شجع الشركات الأميركية على اتخاذ إجراءات لمكافحة الإغراق، وغيرها من التحركات التجارية.

ويشيد وزير التجارة الأميركي، ويلبر روس، في الزيادة التي تتجاوز 50 % في قضايا مكافحة الإغراق الأميركية العام الماضي، والتي تشمل قضية «بوينغ» ضد «بومبارديه» الكندية، التي أسفرت عن تعريفات أولية نسبتها حوالي 200 % على مبيعات الطائرات إلى شركات الطيران الأميركية.

ويقلق خبراء من العواقب طويلة الأمد لموجة القضايا الجديدة المرفوعة، فقضية الطاقة الشمسية ليست التحرك التجاري الأكثر التهاباً، فقد قدمت وزارة التجارة أخيراً، للرئيس الأميركي، نتائج التحقيق في قضية الصلب ضد الصين، والتي يعتقد أنها توصي بمزيج من التعرفات والحصص، وتمنح ترامب 90 يوماً لاتخاذ قرار بشأنها.

 

كاتب في صحيفة «فايننشال تايمز»

Email