التوجهات الاقتصادية في العام 2018

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع قرب انتهاء عام 2017، فإنه بدلاً من التركيز على ما يمكن أن يحدث في الأيام المتبقية منه، فإن الأهم هو التطلع إلى ما يمكن أن يحدث من قضايا اقتصادية العام المقبل.

وهناك أبرز القضايا التي قد تكون مثيرة للقلق أو للبهجة.

في البداية، كيف سينتهي حال الازدهار في أسعار الأصول والمدخرات؟ بالطبع يمكن أن يستمر الازدهار فيها حتى عام 2019، لكن هذا الشعور غير مرجح. وأغرب مثال على هذه الفقاعة هو ما حدث لعملة البتكوين. ولكن ما يلي ذلك قضية أن لدينا سوقا صاعدة تشمل كل شيء. والنتيجة هي أن أهم فئات الأصول تقارب مستوياتها التاريخية طويلة الأجل، مع تباين صغير بالطبع بين الأسواق.

وستنتهي هذا الحال بالطبع، ولكن لا نعرف كيف ومتى. ومسألة «كيف» مثيرة للمتاعب لأن هناك أعدادا هائلة من الأمور المثيرة للشبهة. وقد تنتهي هذه ببساطة لأن معظم المستثمرين يصابون بألم في المعدة ويقررون أن الوقت قد حان للاستثمار بصورة آمنة.

أو ربما يعود ذلك لوجود تلميح بأن الازدهار الاقتصادي الطويل يقترب من نهايته لأي سبب كان. وفي نهاية المطاف فإن الأمر الأساسي الذي يدعم أسعار الأصول هو النمو الاقتصادي. ومع نهاية العام المقبل.

فإن الولايات المتحدة سيكون لديها أكبر توسع اقتصادي على مدى نصف قرن. وقد ينفجر التضخم الحالي ما يرفع أسعار الفائدة طويلة الأجل. أو ربما تحدث كارثة جيوسياسية، أو يقع أي شيء لا يخطر على بالنا. ووجهة نظري ببساطة تتعلق بالكيفية التي سينتهي عليها التوسع الاقتصادي. وسواء كان ذلك من خلال طريقة شبه متحكم بها أو من خلال فوضى شاملة، فكل هذا له تأثير مهم.

وهذه السلسلة من الأفكار تدعو للتأمل لاحقا بشأن مدى استجابة البنوك المركزية لها. ويتعين على أسعار الفائدة أن ترتفع، ولكن ما مدى سرعة ارتفاعها؟ أو يمكن طرح السؤال بصيغة أخرى: هل سترتفع أسعار الفائدة بصورة أسرع بكثير من التي تتوقعها الأسواق حاليا؟

فأسعار الفائدة المقاربة للصفر والتي امتدت لفترة طويلة، أحدث أضرارا اجتماعية واقتصادية هائلة. فطرح سياسة مصممة لحالات الطوارئ، وتطبيقها بنجاح في أعقاب أي انهيار بنكي، أصبحت تستهدف جميع النوايا والأهداف بصورة دائمة.

أو يتعين أن تبدو على هذا المنوال بالنسبة للكثير من الدائنين، فحتى قبل شهر، فإن ثلث أصحاب الرهن العقاري في بريطانيا لم يواجهوا أي ارتفاع في أسعار الفائدة.

والآن لنتحول إلى الاقتصاد الحقيقي، فثمة دولتان مثيرتان للاهتمام، وهما الولايات المتحدة والصين. فأوروبا ستواجه بصورة خرقاء نموا معقولا، ولكن سيكون لديها قدرة احتياطية لاستهلاكه. ولكن لن يتم الكشف عن ضعفها مجددا إلا في حال توظيف هذا النمو بالكامل.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه العام المقبل سيكون هو: ما هي قدراتها الاقتصادية الكاملة ؟ فإذا استطاع الاقتصاد الأميركي رفع معدل النمو الأساسي لديه، فإن الكثير من القضايا الحالية المثيرة للقلق ستمتد حتى عام 2019. وفكرة الرئيس الأميركي والجمهوريين تتلخص في أن أي خفض ضريبي سيزيد بصورة دائمة قدرة البلاد على النمو.

ومعظم الاقتصادات وليس كلها، تعتقد أن زيادة النمو على المدى القصير وليس الطويل محض هراء.

وبالنسبة للصين، هناك مجموعة من القضايا التي يتعين الخوض فيها. وأهمها يجب أن يتعلق بمدى تأثير مستويات القروض. وهي تأثيرات عالية جدا بالنسبة لمعايير دولة متوسطة الدخل، ولكن حتى الآن فإن النمو يبدو كافيا للحفاظ على خدمات معظم الديون. وتتمثل وجهة النظر هنا في أنه إذا نما بلد ما بصورة كافية، فإنه سيتخلص من وطأة ديون كبيرة.

ولكن عندما يتوقف عن النمو بسرعة كبيرة، كحال اليابان مثلا، فإن الديون تصبح عبئا كبيرا. كما إن نوعية الاستثمار تؤثر بشكل كبير أيضا. وبالنسبة لحالة الصين، يتعين التساؤل عما إذا كان المال ينفق بصورة حكيمة. هل من الأمور المثيرة للذكاء حقا بناء عدد كبير من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم؟ فاليابان اقترفت خطأ في اختيار أولويات الاستثمار السيئة، لكنها لم تحصل على نمو سريع للتخلص من هذا العبء.

 

 

Email