«دبي العالمية » و«ديوا » سددتا 35.6 مليار درهم في ظل الجائحة

تصفير ديون كيانات حكومية شهادة امتياز لاقتصاد دبي وانتصار على «كورونا»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتوالى يوماً بعد آخر، قيام بعض الكيانات التابعة لحكومة دبي، بسداد كافة التزاماتها، وأحياناً قبل الوقت المحدد، الأمر الذي يؤكد متانة الاقتصاد المحلي، ويعكس مستوى النضج الذي يتمتع به النظام المالي في الإمارة، التي تعتبر مركزاً رئيساً للتجارة والتمويل والسياحة في الشرق الأوسط.

وجاءت عمليات سداد الديون الأخيرة، في توقيت يعيش العالم فيه أزمة بسبب تفشي جائحة «كورونا» المستجد «كوفيد 19»، وسط مخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بشكل أكبر، خلال الفترة المقبلة.

وأكد خبراء اقتصاد ومالية لـ «البيان الاقتصادي»، أن قدرة دبي على إدارة ديونها، حتى تمكنت بعض مؤسساتها وشركاتها من سداد ديون عديدة قبل موعدها، وفي ذلك التوقيت الصعب، بسبب الظروف التي فرضتها جائحة «كوفيد 19» العالمية، يظهر مدى قوة اقتصاد الإمارة ومتانها المالية.

وأضافوا أن تراجع الفائدة شجع على إعادة هيكلة الديون القديمة مرتفعة الفائدة، نظراً لانخفاض تكلفة الاقتراض بشكل عام، ما يخفف الضغط على تدفقاتها النقدية، وتحفيز قطاع الأعمال بشكل عام. وانتهت هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا»، من سداد آخر سنداتها المستحقة بقيمة 1.5 مليار دولار (5.5 مليارات درهم)، لتصبح سجلاتها خالية من الديون، وتمكنت الهيئة من سداد كامل مبلغ السندات العالمية متوسطة الأجل (GMTN)، مستحقة السداد، والتي صدرت في عام 2010.

وفي أواخر يونيو الماضي، سددت «دبي العالمية»، وهي الذراع الاستثمارية الدولية لحكومة دبي، 8.2 مليارات دولار (30.1 مليار درهم)، للدائنين، قبل عامين من موعد الاستحقاق المحدد في 30 سبتمبر 2022، منهيةً عملية إعادة الهيكلة الأكبر، التي بدأت قبل 10 سنوات، وليصل إجمالي ما تم سداده للدائنين 18.9 مليار دولار منذ 2011. وبلغ إجمالي ما سددته «دبي العالمية» و«ديوا»، نحو 9.7 مليارات دولار (35.6 مليار درهم)، خلال مدى زمني لا يزيد عاى أربعة أشهر، وأثناء جائحة «كوفيد 19».

وعلى مدى العقد الماضي، حرصت شركات دبي على الوفاء بالتزاماتها بشكل كامل، وقبل الموعد المحدد بوقت كبير، ففي عام 2014، سددت شركة نخيل، كافة ديونها المستحقة للبنوك، بقيمة 2.15 مليار دولار (7.9 مليارات درهم)، لـ 31 بنكاً، منها 10 بنوك محلية، و21 من البنوك الأجنبية، وذلك قبل 4 سنوات من موعد استحقاقها في 2018.

وبعدها بعامين، أغلقت «نخيل» ملف خطة إعادة الهيكلة، الذي أطلقته في 2010، مع سداد آخر التزاماتها المتعلقة بمستحقات الصكوك، بقيمة 1.2 مليار دولار (4.4 مليارات درهم)، والتي كان موعد استحقاقها في أغسطس 2016، لتطوي بذلك صفحة ملف الهيكلة المالية، وتتحرر من الديون.

خطوة إيجابية

أكد نجيب الشامسي، الخبير الاقتصادي المدير العام لشركة «المسار للدراسات الاقتصادية»، أن قدرة دبي ومؤسساتها في الوفاء بديونها بشكل كامل، وقبل الموعد المحدد بوقت كبير، يعكس مدى احترام الإمارة لالتزاماتها أمام الدائنين، ويعتبر خطوة إيجابية، تظهر قوة ومتانة اقتصاد دبي، ومستوى النضج الذي حققه نظامها المالي، وما يتمتع به من إمكانات وقدرات كبيرة، في مواجهة كافة التحديات والظروف الطارئة.

وأضاف أن عمليات سداد الديون الأخيرة، والتي جاءت في ظل جائحة عالمية، أثرت في العالم بكامله، تظهر مدى تمتع شركات دبي بالكفاءة الاستثمارية والإدارية، الأمر الذي من شأنه زيادة مستويات الثقة الكبيرة التي تحظى بها الإمارة ومؤسساتها في الأسواق العالمية.

إصدارات جديدة

وقال محيي الدين قرنفل، الرئيس التنفيذي للاستثمار في قسم الصكوك العالمية والدخل الثابت بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «فرانكلين تمبلتون للاستثمارات»، إن نجاح بعض شركات دبي في سداد ديونها، في ظل أزمة «كوفيد 19» العالمية، يعدّ مؤشراً هاماً على قوة اقتصاد الإمارة، ومكانتها الائتمانية المتميّزة، والتوقعات الإيجابية بتحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل، ما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين الكبيرة في دبي.

وأضاف أن عمليات السداد، وآخرها «ديوا»، تصب في صالح التصنيفات الائتمانية، وتساعد ذلك حكومة الإمارة والمؤسسات التابعة لها، عند طرح أي إصدارات جديدة من أدوات الدين، مضيفاً أن إصدارات دبي، تحظى باهتمام واسع من المستثمرين، لا سيما أن تسعيرها عند حوالي 200 نقطة أساس لمدى 10 سنوات، يعكس الثقة التي تتمتع بها في أسواق الدين.

وأشار قرنفل، إلى أن قدرة دبي على الاقتراض، أكدها إصدار مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية الأخير بقيمة 600 مليون دولار في وقت سابق، وشهد طلباً قوياً من المستثمرين، مضيفاً أنه رغم تعدد إصدارات السندات في المنطقة، تحظى إصدارات دبي باهتمام واسع، بدعم من الجدارة الائتمانية العالية.

شهادة حقيقية

وقال طارق قاقيش، المدير التنفيذي لشركة «سولت» للاستشارات المالية، إن قدرة دبي على إدارة التزاماتها، حتى تمكنت بعض مؤسساتها وشركاتها من سداد ديون عديدة، قبل موعدها، يعكس كفاءتها الاستثمارية والإدارية، ويمثل شهادة حقيقية على قوة الوضع المالي لها، وللإمارة بشكل عام، في ظل التحديات الكبيرة والعالمية، بسبب جائحة «كوفيد 19».

وأضاف قاقيش، أنه في ظل تراجع الفائدة، يمكن إعادة هيكلة الديون القديمة مرتفعة الفائدة، نظراً لانخفاض تكلفة الاقتراض بشكل عام، الأمر الذي يخفف الضغط على تدفقاتها النقدية، وتزيد ربحيتها على المديين القصير والطويل، وتحفيز قطاع الأعمال بشكل عام. وكانت حكومة دبي، مُمثلة بدائرة المالية، أنجزت مطلع سبتمبر الماضي، عملية إصدار صكوك وسندات بقيمة ملياري دولار، بنسبة فائدة هي الأدنى في تاريخ الإمارة، وذلك في أول عملية إصدار دين لها في نحو 6 سنوات.

إقبال قياسي

باعت مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، سندات لأجل خمس سنوات، بقيمة 600 مليون دولار، عند 275 نقطة أساس فوق متوسط أسعار مبادلة الفائدة الثابتة والمتغيرة، وتجاوزت القيمة الإجمالية لعروض الشراء 1.1 مليار دولار، ما يعني أن الإصدار شهد نجاحاً وإقبالاً قياسياً من قبل المستثمرين العالميين.

Email