دعا المشاركون في الدورة الرقمية الأولى من ملتقى الاستثمار السنوي 2020 التي انطلقت أمس إلى تسريع رقمنة المعاملات والإجراءات الخاصة بالتجارة والاستثمار على المستوى العالمي، على غرار شهادات المنشأ والتصاريح الجمركية والموافقات الحكومية وغيرها، من أجل تيسير تدفق التجارة ورؤوس الأموال بين الدول.
وأكد المشاركون أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز القدرات على مواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة على كل القطاعات وسلاسل الإمداد. وأكدوا أهمية تبني نماذج عمل مرنة والتفكير خارج الصندوق لتجاوز المصاعب، وخلق فرص واعدة وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشددين على أهمية تكثيف التعاون الدولي خلال الفترة المقبلة على كل المستويات.
وشهدت الجلسات الحوارية للملتقى الذي تنظمه وزارة الاقتصاد تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مشاركة كبار المسؤولين الحكوميين من مختلف دول العالم ونخبة من قادة الأعمال، وتم مناقشة سبل خلق مستقبل رقمي ومستدام ومرن من أجل معالجة التأثير العالمي لجائحة «كوفيد 19».
5 محاور
وإضافة إلى تسليط الضوء على الاستثمار الأجنبي المباشر، ناقش الحدث الذي يستمر لغاية 22 أكتوبر 5 محاور إضافية تشمل الشركات الناشئة، المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مدن المستقبل والمحافظ الاستثمارية الأجنبية، ومبادرة «حزام واحد: طريق واحد»، لتكون قادرة على تقديم المزيد من الفرص المفيدة لمجموعة واسعة من القطاعات المختلفة.
تفكير مستقبلي

وخلال مشاركته في جلسات اليوم الأول تطرق معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد إلى مكامن قوة الإمارات ومبادراتها لتعزيز الاقتصاد، قائلاً: تبنت الإمارات الابتكار والرشاقة للاستعداد للمستقبل في تخطيطها وسياساتها ونموذجها الاقتصادي. وساعد هذا التفكير المستقبلي على تجاوز الجائحة الحالية، ونجحت الدولة في الحفاظ على مكانتها كواحدة من أفضل دول العالم.
فالإمارات من أوائل الدول التي أطلقت العديد من المبادرات وحزم التحفيز الاقتصادي للارتقاء بالاقتصاد ومساعدة جميع القطاعات على التكيف مع متطلبات هذا الانتشار العالمي. وانعكس ذلك أيضاً على التصنيف العالمي للدولة. وأضاف: بالنظر إلى المستقبل، تعمل الإمارات بنشاط على تنسيق الجهود الدولية والسعي وراء سبل تخفيف العبء على المستثمرين وأصحاب الأعمال في الدولة.
وأضاف: على المدى الطويل ومع احتفالنا بالذكرى الخمسين في 2021، تخطط الإمارات لرسم وتصميم الخمسين عاماً المقبلة، نحو تحقيق رؤيتها 2071. تولي رؤية قيادتنا الرشيدة لمرحلة ما بعد «كوفيد 19» أهمية كبيرة لتعزيز جاهزية القطاع الحكومي في الدولة ورفع الكفاءة والأداء على المستويين الاتحادي والمحلي.
ولتحقيق هذه الرؤية، حددنا القطاعات التي لديها القدرة على تقديم مساهمات كبيرة في اقتصاد المستقبل.
وتشمل هذه السياحة وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية للاقتصاد الرقمي والصناعة والأمن الغذائي والقطاعات الإبداعية وقطاعات الثورة الصناعية الرابعة وقطاع الفضاء.
حدث مهم

وقال يوري راتاس، رئيس وزراء جمهورية إستونيا: «أود أن أشكر الإمارات على تنظيم هذا الحدث المهم لربط مجتمع الاستثمار العالمي في هذه الأوقات المعقدة. وأعتقد أن ملتقى الاستثمار السنوي هذا العام ومعرض إكسبو دبي في العام المقبل لهما دور مهم في الجمع بين مجتمع الأعمال العالمي والمساعدة في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية.
وآمل أن نتمكن معاً كمجتمع عالمي من تعزيز اقتصاداتنا وجعلها أكثر مرونة في مواجهة الجائحة».
وقال رستم مينيخانوف، رئيس جمهورية تتارستان: نرى كيف يتطور الملتقى في دبي بشكل ديناميكي، ويكتسب زخماً مع تزايد مستمر لعدد المشاركين، بما في ذلك أصحاب المصلحة والشركات من روسيا. وتشارك جمهوريتنا بنشاط فيها منذ 2011. وفي كل عام يوفر الملتقى لنا منصة مثالية لعرض فرص الاستثمار في تتارستان، إلى جانب تبادل الخبرات مع الشركاء الأجانب، وهي منصة ممتازة لبناء شبكات جديدة.
هيكلة السياسات
وقال محمد علي الشرفاء الحمادي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي: ما يسُمى بالوضع الطبيعي الجديد، المصحوب بتأثيرات الجائحة على الاقتصاد العالمي، يقدم إلينا جميعاً مؤشرات على الحاجة إلى إعادة هيكلة سياساتنا الاقتصادية وتعزيزها.
وتماشياً مع ذلك، أدركت حكومة أبوظبي هذه الحاجة خلال المراحل الأولى للجائحة واتخذت إجراءات فورية من خلال إطلاق العديد من البرامج والمبادرات وحزم التحفيز المصممة لتوجيه ودعم القطاع الخاص عبر برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21».
الاستثمار الفعّال
وذكر الدكتور موخيسا كيتويي، الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن التحول في الإنتاج الدولي سيجلب تحديات وفرصاً استثمارية، ومواجهة التحديات تتطلب اقتناص الفرص وتغييراً في نموذج تنمية الاستثمار من خلال التركيز على الاستثمار الفعّال الموجه نحو التصدير في قطاعات سلاسل القيمة العالمية المتخصصة، ستحتاج البلدان الآن إلى التحرك نحو الاستثمار الأوسع في الإنتاج للأسواق الإقليمية، والمزيد من الاستثمار في القواعد الصناعية للمنتجات.
رقمنة الاقتصادات
وفي الجلسة الرئيسية لحوار قادة العالم قالت أرميدا سالسياه أليستاهبانا، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ «أولاً وقبل كل شيء نحن بحاجة إلى احتواء الفيروس، مع معرفة كيفية وضع التدابير اللازمة وتوجيه الموارد لتحقيق هذا الهدف.
كما أنه من الطبيعي أن يكون الاقتصاد في حالة ركود وانكماش بسبب انخفاض الإيرادات والنفقات لإجراءات الطوارئ والتحفيز المالي. ولكي يتم تطبيق الحوافز المالية، تحتاج الحكومات إلى إعادة تخصيص أولوياتها والاحتفاظ بالإنفاق غير الضروري بما في ذلك جدولة المخاطر».
دور الاستثمار
كما تم عقد جلسة مقابلة مع فهد القرقاوي، رئيس الرابطة العالمية لوكالات ترويج تشجيع الاستثمار، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، تحدث فيها عن مبادرة تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر بالتعاون مع مركز حمدان لمستقبل الاستثمار، والتي تهدف إلى زيادة مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية المستدامة.
وذكر: تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر يركز على المجالات ذات التأثير الإيجابي المباشر على الاقتصاد، حيث يأتي الاستثمار ويحقق الربح من التأثير الإيجابي على المجتمع، حيث سيستفيد المجتمع من هذا الاستثمار وسيكون هناك الكثير من الإيجابيات بجانب خلق فرص العمل.
وكذلك التأثير الإيجابي على البيئة، وهذا شيء يتم تقديمه الآن. يجب أن تكون جميع الاستثمارات ضمن هذا النطاق. هذه العناصر الثلاثة «الاقتصاد والمجتمع والبيئة» ضرورية لعملنا، وهي ضرورية لأعمالنا وحياتنا واقتصاداتنا. وهذا هو المكان الذي سيكون لتأثير الاستثمار الأجنبي المباشر دور مهم يلعبه في العقد المقبل.
التقنيات المتقدمة
وفي الجلسة الأولى لمحور المحافظ الاستثمارية الأجنبية، أكد معالي أحمد الصايغ، وزير دولة ورئيس سوق أبوظبي العالمي في كلمته الرئيسية أن من أهم الدروس المستفادة من جائحة «كوفيد 19» أهمية المرونة والاستدامة.
في هذه الأزمة، بذلت الإمارات قصارى جهدها لحماية شعبها ودعم الصناعات والشركات من خلال حزم تحفيز متعددة خلقت فرصاً جديدة للنمو، وفي الوقت نفسه، تساعد الدول الشقيقة من خلال المساعدات الإنسانية وتدابير الإغاثة لمواجهة الجائحة.
إضافة إلى ذلك، فإن الوباء في الواقع أدى إلى تسريع استراتيجية الإمارات الحالية للاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة في مجالات من الذكاء الاصطناعي وإلى التجارة الإلكترونية وتسريع الجهود في جذب الشركات في القطاعات الحيوية مثل الزراعة والتكنولوجيا والرعاية الصحية والطاقة المتجددة.
بيئة مواتية

قال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في كلمته الرئيسية عن محور المشاريع الصغيرة والمتوسطة: من الضروري منح الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة فرصاً للتعافي من تأثيرات الجائحة وتوفير بيئة مواتية تمكّنهم من امتلاك القدرة على دعم النمو والتطور.
يجب علينا تعزيز قدرة رواد الأعمال على تجاوز التحديات التي سببتها الجائحة ودعمهم لاستخدام نموذج الأعمال المستدام باستخدام الرقمنة والابتكار التكنولوجي.
وأضاف: سيمهد الملتقى الطريق لعقد منصة حوار للخبراء لتبادل وجهات النظر وتحفيز مشهد الأعمال وتجهيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة لمواجهة تحديات الجائحة من خلال هذا المؤتمر. سيوفر الحدث أيضاً فرصاً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لعرض منتجاتها وخدماتها المحلية، وتقديم عروض قيّمة للجمهور العالمي، والتواصل مع الشركاء المحتملين لبحث سبل التعاون المستقبلي.
تعاون دولي
بدوره ألقى عمير بيرتس، وزير الاقتصاد الإسرائيلي كلمة رئيسية على هامش محور الشركات الناشئة، قال فيها العالم منقسم بسبب الحدود السياسية والوطنية. لكن جائحة «كوفيد 19» لا تميز بين عرق أو جنس أو دول، وبالتالي ليس لها حدود.
وأضاف: لقد تلقيت أخيراً الكثير من المعلومات حول الإنجازات التكنولوجية للإمارات وأنا مقتنع بأنه يمكننا معاً إنشاء قوة مشتركة وجسراً للابتكار العالمي والتعاون التكنولوجي الدولي. إنني أتطلع ومتحمس بشدة للعمل على إمكانية زيارة الإمارات في القريب العاجل.
شراكة
شهد اليوم الأول الإعلان عن شراكة ملتقى الاستثمار السنوي وقناة سي إن بي سي عربية، بدعم من وزارة الاقتصاد، وإطلاق مبادرتهما الرئيسية «استثمر في» ستنفذ الشراكة استراتيجيات تهدف إلى تعزيز تشريعات الاستثمار، وتقوية البيئة الاستثمارية، وخلق المزيد من الفرص الاستثمارية.
ستعمل المبادرة على الترويج للمزايا التنافسية لدولة الإمارات العربية المتحدة وإماراتها السبع للمستثمرين المحتملين من خلال وسائل مختلفة مثل التلفزيون، والاجتماعات وجهاً لوجه، والاجتماعات الافتراضية، والحملات الرقمية والشراكات لدعم مكانة الإمارات واحدة من أفضل وجهات الاستثمارات في العالم.
المجتمع يتجه نحو الحياة الرقمية لفترة طويلة
قال محمد العبار، مؤسس شركة إعمار العقارية ومشاريع العبار ومؤسس منصة نون دوت كوم: أعتقد أن العديد من الأشخاص سواء من المحاورين في الجلسة أو الجمهور، قد أدركوا أن مجتمعنا يتجه نحو الحياة الرقمية لفترة طويلة من الزمن، وهذا ليس أمراً جديداً، حيث إننا نقضي 4 ساعات ونصف يومياً عند استيقاظنا أمام الشاشات.
والآن ربما يكون على الأرجح 5 ساعات ونصف، لكنني أعتقد أن جائحة «كوفيد 19» عجلت من هذا التغيير من خلال الاعتماد على التكنولوجيا في إدارة أعمالنا والتواصل مع أصدقائنا، لتقديم الخدمات، وأعتقد أنه يضع ضغطاً على كل واحد منا، عادة على البشر أو قادة الأعمال...
إننا بحاجة إلى تبني هذا التغيير في أذهاننا وأي شيء نفكر فيه قبل ذلك يمكننا التعامل معه ويمكننا حقاً التأقلم، وأعلم أن العديد من المنظمات الكبرى قد قامت بالفعل بعمل رائع حقاً، نحن ما زلنا نحاول التعامل معها بشكل جيد وهذا تحد كبير لنا جميعاً.وأضاف: لكي تكون قادراً على التعامل مع هذه المواقف وهذه البيئة غير المستقرة، أعتقد أنك بحاجة إلى أفضل المواهب بين يديك.
مبادرات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
شارك الدكتور بندر حجار، رئيس مجموعة البنك الإسـلامي للتنمية، في جلسات اليوم الأول وأعلن عن مجموعة من المبادرات تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقال:
أعلنت كيانات مجموعة البنك المعنية بالقطاع الخاص (المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة)، من خلال منتدى الأعمال التابع لمجموعة البنك «ثقة»، ووزارة الاقتصاد في الإمارات، والاجتماع السنوي للاستثمار، عن ثلاث مبادرات عبر الإنترنت لتوفير منصة استثمار قوية لفرص التجارة في البلدان الأعضاء.
وأضاف: أنتهز هذه الفرصة لأعلن أن مجموعة البنك قد أنشأت مركزاً إقليمياً في الإمارات ليكون مركز تميز للشراكات الاستراتيجية وتعبئة الموارد. وسيدير هذا المركز الجديد عمليات مجموعة البنك في المنطقة.
كما سيكون وسيط مجموعة البنك ونقطة اتصال لمجموعة التنسيق العربية (صناديق التنمية العربية) وغيرها من أصحاب المصلحة. وسيتولى المركز أيضاً ضمن مهامه تعبئة الموارد من خلال وسائل تقليدية ومجموعة متنوعة من الوسائل المبتكرة، مما سيركز اهتماماً مكرساً للقطاع الخاص بالتنسيق مع كيانات مجموعة البنك.
اجتماع منتدى أعمال حافة المحيط الهندي
من أبرز الأنشطة المنعقدة في اليوم الأول، الاجتماع الخامس والعشرون لمنتدى أعمال حافة المحيط الهندي، حيث تمت مناقشة استراتيجيات لتعزيز التجارة البينية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة، مع التركيز على المجالات الرئيسية مثل تسهيل التجارة، واستكشاف استراتيجيات تنسيق السياسات التجارية، وتبسيط الإجراءات، إنشاء سلاسل القيمة الإقليمية ونشر المعلومات.
كما تمت مناقشة التقدم والإنجازات المحققة منذ الاجتماع السابق، وأعقب ذلك مناقشات مع موضوعات مثل تحديث التجارة في المحيط الهندي؛ والمنتدى في عالم ما بعد «كوفيد 19».
كما كان هناك عروض تقديمية من الدول شارك فيها الإمارات واستونيا، إضافة إلى جلسة تركيز إقليمية حول أمريكا اللاتينية. كما تنافست المجموعة الأولى من الفائزين في مسابقات الشركات الناشئة في دوري الأبطال الوطني العالمي، حيث ستفوز الشركات الخمس الكبرى الناشئة بجائزة إجمالية قدرها 50 ألف دولار، والتي سيتم الإعلان عنها في اليوم الثالث.
