الصناعة تحتاج لقرارات جديدة حتى تستطيع البقاء

«قمة الطيران» تبحث نموذجاً أكثر مرونة للتحليق بالقطاع

ت + ت - الحجم الطبيعي

 انطلقت، أمس، فعاليات القمة العالمية لصناعة الطيران عن بعد، بمشاركة قادة القطاع على مستوى العالم، والذين يجتمعون افتراضياً، لمناقشة التحديات والفرص في مجالات الطيران والفضاء والدفاع، مع التركيز على مسألة تعافي صناعة الطيران وسبل عودة الانتعاش والتحليق فوق جائحة «كورونا» (كوفيد 19) من جديد.

كما تبحث القمة وضع نموذج أكثر مرونة واستدامة لقطاع الطيران يكون قادراً على التكييف مع الأوضاع الراهنة، في ظل الظروف الصعبة والتحديات غير المسبوقة، التي تواجهها صناعة الطيران حول العالم، والتي تحتاج إلى قرارات جديدة حتى تستطيع البقاء.

صناعات نوعية

وقال معالي محمد بن أحمد البواردي وزير الدولة لشؤون الدفاع: «إن القمة العالمية لصناعة الطيران تشكل منصة مثالية لمناقشة السبل والوسائل لتطوير التعاون في مجال صناعة الطيران، والتباحث حول المصاعب والتحديات وخصوصاً في ظروف الأزمات، وكذلك الجوانب المختلفة للنهوض بالقطاع، كما أنها فرصة لتبادل الأفكار والآراء حول الفرص الاستثمارية المتاحة، إضافة إلى تقرير وجهات النظر الفنية والاقتصادية والسياسية».

وأضاف في كلمته خلال افتتاح الدورة الخامسة للقمة، إن انعقاد القمة يأتي بعد تأخير دام شهوراً عدة نظراً للظروف الاستثنائية، التي يمر بها العالم نتيجة لجائحة «كورونا» التي سببت أزمة عالمية، وأثرت تأثيراً عميقاً في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك صناعة الطيران، مشيراً إلى أن الإمارات قدمت نموذجاً فريداً في حسن إدارتها للأزمة، لضمان استمرار الأعمال ومواصلة عجلة الحياة.

وأوضح معاليه أن صناعة الطيران سواء المدني أو العسكري تأتي في مقدمة الصناعات النوعية، التي تميز بها القرن العشرون، حيث كان للدول الصناعية الكبرى والمتقدمة النصيب الأكبر في تطور هذه الصناعة منذ اختراع الطيران، والذي ربط القارات ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً، وأسهم في تعزيز التواصل الإنساني، والنهوض بنماذج جديدة للاقتصاد العالمي جاعلاً من كوكب الأرض قرية عالمية، وكذلك منطلقاً لتطوير تكنولوجيا الفضاء، فارتبطت صناعة الطيران والمجال الجوي ارتباطاً وثيقاً بالصناعات الفضائية ومجال الفضاء.

وتابع معاليه: «تجاوز طموح الإمارات الحلم البشري في تحقيق الرفاهية والسعادة إلى حقائق علمية وعملية وواقع ملموس تراه جميع دول العالم، إن ما أنجزته الإمارات برؤيتها الثاقبة وإرادتها الصلبة يأتي معبراً عن آمال الدول النامية في النهوض باقتصادها، واللحاق بركاب الدول المتقدمة.

وذلك من خلال تحقيق قفزات علمية غير مسبوقة وتطور حضاري سريع، فقد حققت الدولة في العشرين عاماً الماضية ما لم تحققه الكثير من دول العالم عندما قبلت التحدي، وواجهت الصعاب وقهرت المستحيل إلى أن بلغت بطموحها عنان الفضاء، حيث يشق «مسبار الأمل» الإماراتي طريقه متوجهاً إلى المريخ».

ولفت إلى أنه في ظل الثورة الصناعية الرابعة وعصر التكنولوجيا الرقمية اهتمت الإمارات بمواكبة التقدم والتطور العلمي في جميع المجالات والقطاعات، بل عزمت بأن تكون عاصمة للذكاء الاصطناعي في العقد المقبل، وأن تحقق اختراقات علمية غير مسبوقة في المستقبل المنظور، بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء الدوليين، ولهذا قررت الإمارات الاستثمار في مجالات البحث العلمي لتطوير تكنولوجيا المستقبل، وقد سخرت لأجل ذلك كل مواردها وطاقتها.

وأكد أن الإمارات أولت اهتماماً خاصاً بإنشاء قاعدة اقتصادية مستدامة ومتنوعة، على أسس علمية حديثة، من خلال تطوير صناعاتها الوطنية وقدراتها الإنتاجية في مجالات متعددة، بالاستناد إلى القواعد المعرفية، ولهذا سعت إلى تطوير العقول الإماراتية المبدعة والمبتكرة.

وقد كان للصناعات الدفاعية وصناعة الطيران المدني والعسكري إلى جانب الصناعات الفضائية نصيب كبير من هذا الاهتمام، فأنشأت هذه الصناعات، بالتعاون مع شركائها الدوليين، لتصبح صناعة الطيران في الإمارات قائمة على التعاون والتكامل لإنتاج الأجزاء المختلفة للطائرات، ولتكتسب صناعاتها النوعية ثقة الشركاء الدوليين.

محرّك أساسي

من جانبها، قالت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، أن نجاح قطاع الفضاء يعتمد على الشراكة ودور القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى ان القدرات والإبتكار يعدان محركاً أساسياً لهذا القطاع.

وأوضحت ان الإنجاز الذي تحققه الإمارات من خلال مسبار الأمل دليلا على هذا التعاون والشراكة والإصرار، مشيرة الي ان تصميم وإطلاق مسبار الأمل تم من خلال فريق يضم أكثر من 450 من المهندسين والخبراء والباحثين من 3 قارات.

مرونة واستدامة

من جانبه، قال خالد عبد الله القبيسي، الرئيس التنفيذي لقطاع صناعة الطيران والطاقة النظيفة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شركة «مبادلة للاستثمار»، إن صناعة الطيران حول العالم تواجه ظروفاً صعبة غير مسبوقة تحتاج إلى قرارات جديدة حتى تستطيع البقاء بما يستلزم وضع نموذج أكثر مرونة واستدامة قادراً على التكييف مع الأوضاع الراهنة.

وأضاف القبيسي أن المرونة وتأسيس الشراكات هو ما تحتاجه صناعة الطيران في الوقت الحال، مشيراً إلى أن مبادلة تدعم دولة الإمارات والمجتمع الدولي خلال هذه الظروف من خلال شراكاتها المتعددة والتي تشمل تعاون استراتيجي بين ستراتا للتصنيع و«هانيويل» لتصنيع كمامات «إن 95»، وكذلك شراكتنا مع وزارة التربية والتعليم لتوفير اتصالات عالية السرعة للطلاب.

وذكر القبيسي: إننا بحاجة إلى التركيز على التكنولوجيا كونها عاملاً مسرعاً لإعداد الأجيال القادمة، موضحاً أنه على الرغم من وباء «كورونا»، فإن الإمارات أكملت مهمتها للمريخ، حيث تهدف إلى الاستثمار في المعرفة لإلهام الأجيال القادمة. وأشار إلى أنه على مدار نصف قرن مضت شهدنا كيف أسهم الابتكار في ظهور رحلات جوية نظيفة وموثوقة وأكثر أماناً وقريباً ستصبح الطائرات الكهربائية والهجينة حقيقة واقعية.

فتح الأسواق

وقال توني دوغلاس، الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاتحاد للطيران»، إن قطاع الطيران سيعود إلى النمو من جديد، وسينتهي وباء «كورونا»، الذي كبد قطاع الطيران العالمي خسائر بنحو 370 مليار دولار، موضحاً أنه مع إعادة فتح الأسواق، ستكون القدرة على التكيف أمراً جوهرياً، وستكون الاتحاد للطيران بكامل استعداداتها لهذه المرحلة.

وأضاف توني دوغلاس أن «الاتحاد للطيران» أطلقت 4 مشاريع مهمة لمواجهة الجائحة، تضمنت مشروع قطاع الشحن، وتسيير رحلات إجلاء ونقل المواد الغذائية والطبية، ومشروع إعادة تشغيل الرحلات، إضافة إلى أكبر برنامج صيانة طائرات في تاريخ الشركة، وكذلك مشروع برنامج الصحة والسلامة لضمان سفر آمن للمسافرين.

وأشار إلى أن عام 2019 كان عاماً جيداً بالنسبة لمجموعة «الاتحاد للطيران»، حيث شاركت في برنامج التحول، بينما كان 2020 عاماً صعباً بسبب الجائحة.

«الاتحاد للطيران»: تلقّينا دعماً كبيراً

أكد توني دوغلاس الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاتحاد للطيران»، أن المجموعة تلقت دعماً كبيراً من أبوظبي، إلا أنه رفض الإفصاح عن قيمة هذا الدعم على وجه التحديد. وقال خلال مقابلة مع شبكة «سي إن بي سي» الإخبارية: «لسنا شركة مُدرَجَة للجمهور. لذا، فنحن لا نُفصِح عن أي شيء من هذا القبيل، إلا أن كل ما يمكنني قوله هو أننا تلقينا دعماً كبيراً من جانب المُسَاهِم».

وأضاف: «إذا تحدثتا بصفة عامة، أعلم جيداً أن الناقلات الأمريكية تلقت دعماً هائلاً من جانب حكومتها، كما هو الحال أيضاً مع ناقلات أخرى عديدة من مختلف دول العالم، ولا أرجح إطلاقاً أن يتوقف ذلك خلال المستقبل القريب.

لكن الحقيقة ببساطة هي أن ناقلات عديدة خضعت لإجراءات إدارية بالفعل. ليس ذلك فحسب، بل إن غالبيتها ربما لن تستطع الخروج من هذه الأزمة من دون دعم حكومي بشكلٍ ما أو آخر. الأمر الأهم الآن هو التركيز في كيفية خوض هذه الفترة العصيبة وإيجاد حل للخروج منها. وإني لعلى ثقة بأن «الاتحاد للطيران» ستكون من الأطراف الفائزة في نهاية الأمر».

وتطرق إلى تسريح موظفين من «الاتحاد للطيران»، فقال: «الاتحاد للطيران» مجتمع متماسك للغاية. وبالإضافة إلى التعامل مع الجائحة، تطوع موظفونا هنا في أبوظبي للمساهمة في أداء كافة المهام المتعلقة بالخدمات، توزيع الطعام، وغيرها من الأعمال الإنسانية.

وفي ما يتعلق باضطرارنا إلى تقليص حجم العمالة لدينا، اُضطرِرنا إلى ذلك قطعاً وهذا ليس بسببهم، وإنما هو واقع مؤسف يواجهه قطاع الطيران على مستوى العالم، لكن ثمة شيء واحد يمكننه قوله وهو أن أعظم أصل تمتلكه «الاتحاد للطيران» هو موظفوها الرائعون الذين أثبتوا مرونة مُطلَقَة تجلت في تركيزهم على تزويد مسافرين بالراحة والأمان عندما يعودون مجدداً للطيران معنا.

واختتم قائلاً: الأمر الأكثر أهمية، وهو أننا بدلاً من الاكتفاء بتسريح موظفين، فقد أسسنا برنامجاً لهم. لذا، فإن أي موظف اضطر إلى أن يتركنا بسبب هذه الأوقات العصيبة، لديه الفرصة للتسجيل في هذا البرنامج. وعليه، نأمل إذا أتيحت لنا الفرصة لزيادة عدد موظفينا عندما يعود العالم للطيران مجدداً، أن يكون أول من ينضم إلينا هم موظفونا الرائعون الذين تركونا بسبب الجائحة.

Email