عبد الرحمن الحميدي مدير عام صندوق النقد العربي لـ «البيان»:

درهم الإمارات أول عملة عربية في «بنى» بـ 840 ألف معاملة قيمتها 125 مليار دولار

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس الإدارة لصندوق النقد العربي، على أن اختيار دولة الإمارات، كمقر للمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية «بنى»، يرجع إلى ما تتمتع به دولة الإمارات من بيئة مواتية لعمل المؤسسة، والحرص الذي توليه السلطات الإماراتية في تبني وتطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بعمل المؤسسة، إضافة إلي الدعم المتوقع من الحكومة الإماراتية، بما يضمن فرص نجاح المؤسسة في تحقيقها لأغراضها، خاصة أن الرعاية والدعم الكبيرين اللذين يلقاهما صندوق النقد العربي من دولة الإمارات، هو خير مثال على صوابية هذا الاختيار.وأشاد الحميدي في حوار مع «البيان»، بالدعم الكبير والمتواصل الذي تقدمه دولة الإمارات لمشروع المقاصة، ووصفه بأنه مشروع استراتيجي وحيوي، ينطلق ويعمل من دولة الإمارات، ويهدف لإنشاء مؤسسة مالية إقليمية رائدة. كما أشاد بتعاون وزارة المالية، والمصرف المركزي، ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، حيث عملوا جميعاً على توفير كل سبل الدعم، لتسهيل إنشاء المؤسسة، والعمل على توفير المزايا والحصانات اللازمة لعملها، وتوفير كل مستلزمات النجاح لها لمباشرة خدماتها.

وقال مدير عام صندوق النقد العربي إن الإعلان عن تضمين الدرهم الإماراتي، كأول عملة للتسوية في مقاصة وتسوية المعاملات عبر منصة «بنى للمدفوعات العربية»، يرجع لضخامة حجم التعاملات بالدرهم عبر الحدود، مشيراً إلى أنه وفقاً لأحدث الإحصاءات، يأتي الدرهم الإماراتي في مقدم العملات العربية المستخدمة في المعاملات الاقتصادية والمالية والاستثمارية العربية البينية، حيث يصل عدد المعاملات بالدرهم، عبر الحدود بين الدول العربية، إلى نحو 840 ألف معاملة سنوياً، بما يمثل حوالي 13 % من إجمالي عدد المعاملات أو التحويلات البينية عبر الحدود، بقيمة إجمالية تتخطى 125 مليار دولار أمريكي. وبالطبع، الرقم سيرتفع، عند إضافة تحويلات الأفراد عبر شركات الصرافة.

الدرهم الإماراتي أول عملة للتسوية في مقاصة وتسوية المعاملات عبر منصة «بنى للمدفوعات العربية» | البيان

 

5 عملات عربية

وأكد الحميدي على أن ذلك يعكس المكانة الاقتصادية والاستثمارية المتنامية لدولة الإمارات، كمركز مالي وتجاري إقليمي، وتعد الإمارات اليوم، أكثر أسواق التجارة الإلكترونية تقدماً، حيث تصدرت قائمة أسرع أسواق التجارة الإلكترونية نمواً وتطوراً على مستوى المنطقة العربية، وتم تقدير حجم التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات خلال عام 2019، بحوالي 16 مليار دولار، مع نمو مقدر أن يصل 23 % سنوياً، خلال الفترة من 2018 وحتى 2022، وفقاً لآخر التقارير. وقال معاليه «لا شك أن الدور المتنامي للاقتصاد الإماراتي على المستوى الإقليمي والدولي، والثقة بهذا الاقتصاد والعملة الوطنية، سيسهم في تزايد الاعتماد على الدرهم الإماراتي في مقاصة وتسوية المعاملات، كما سيشجع على التحاق البنوك العاملة في المنطقة العربية في منصة «بنى» للمدفوعات، ويؤسس إلى استخدام الدرهم الإماراتي وعملات عربية أخرى، في معاملات الدفع عبر الحدود».

وأوضح أن صندوق النقد العربي، أعلن بالتعاون مع المصارف المركزية العربية، عن تضمين خمس عملات عربية، تشكل مجتمعة نسبة كبيرة من إجمالي حجم التدفقات المالية البينية في الدول العربية، وهي الدرهم الإماراتي، والريال السعودي، والدينار الأردني، والدينار البحريني، والجنيه المصري، ويجري العمل حالياً على استكمال الربط التقني والإجراءات القانونية مع البنوك المركزية المعنية، بشأن تضمين هذه العملات، وهناك تقدم مع جميع البنوك المركزية. وبالفعل، توّج التقدم بالإعلان مؤخراً، بالمشاركة مع مصرف الإمارات المركزي، عن بدء إمكانية المقاصة والتسوية بالدرهم الإماراتي، وذلك بعد استكمال جميع المتطلبات التقنية والفنية والقانونية للربط مع المصرف. ويتوقع أن يتم الإعلان قريباً عن بدء إمكانية المقاصة والتسوية للعملات العربية التي سبق الإعلان عنها.

تواصل وتنسيق

ولفت عبد الرحمن الحميدي إلى أن المنصة ستقدم خدمات المقاصة بالدولار الأمريكي واليورو، وهناك تواصل وتنسيق مستمر مع السلطات الإشرافية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومع البنك المركزي الأوروبي، في هذا الشأن. كما يعمل الصندوق، وبالتعاون مع المصارف المركزية العربية الأخرى، على تكثيف الجهود، لتضمين عملات عربية أخرى، سيتم الإعلان عنها تباعاً في أوقاتٍ لاحقة.

وأشار إلى أن منصة «بنى» للمدفوعات، تستهدف تشجيع وتنمية الأنشطة والمبادلات التجارية والاستثمارية العربية البينية، وتقوية التعاون والاندماج الاقتصادي والمالي العربي، من خلال تشجيع استخدام العملات العربية في مقاصة وتسوية المعاملات العربية البينية. كما تعمل على الربط مع الشركاء التجاريين الرئيسين للدول العربية، بما يعزز من آفاق تقوية التعاملات التجارية والاستثمارية مع الاقتصاد العالمي. كذلك المساهمة في تعزيز سلامة واستقرار النظام المصرفي في الدول العربية، من خلال تشجيع تطبيق المبادئ والممارسات الدولية السليمة، وتشجيع العمل بمعايير وإجراءات متسقة لإدارة المخاطر في أنظمة الدفع في الدول العربية، والمساهمة في تعزيز قدرة المؤسسات المالية العربية على حماية أمن معلوماتها، إلى جانب تقليص الكلفة والمدة الزمنية اللازمة لتنفيذ المعاملات المالية عبر الحدود، من مؤسسة إقليمية تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي والمالي العربي، كما تعمل المنصة على تمكين المؤسسات المالية والمصرفية العاملة في المنطقة العربية، بما في ذلك المصارف المركزية والتجارية، من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها، بصورة آمنة وموثوقة، بتكلفة مناسبة وفعالية عالية. تقدم المنصة في هذا الإطار، إلى المشاركين، حلول دفع حديثة، تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية، ومتطلبات الامتثال الدولية.

فرص وآفاق

وشدد على أن خدمات منصة «بنى» في توفير البنية التحتية المالية للتكامل الاقتصادي والمالي العربي، سينتج عنها فرص وآفاق كبيرة، سواءً من خلال خلق منصة إقليمية، لتشجيع الابتكارات والتقنيات المالية الحديثة، أو على صعيد ربط أسواق المال العربية في منظومة إقليمية، تعزز من سيولة الأسواق العربية وتنافسيتها، وقدرتها على جذب المدخرات، وتمويل احتياجات التنمية المتزايدة. وفي ضوء ما يتوفر للمنصة من حلول تقنية، وسياسات للامتثال بالمعايير الدولية، ستسهم المنصة في تعزيز الالتزام بالمعايير والمبادئ الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبالتالي، الارتقاء بذلك بكفاءة ونزاهة، وسلامة العمل المالي والمصرفي العربي.

تحسين قدرات البنوك

واستعرض الحميدي الفوائد الإيجابية الكبيرة للمنصة في تحسين قدرات البنوك، من حيث الامتثال إلى المعايير والمبادئ الدولية، خاصة تلك المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمعايير والمبادئ الدولية ذات الصلة بنظم البنية التحتية المالية، وفي مقدمها المبادئ الدولية للبنية التحتية لأسواق المال الصادرة عن بنك التسويات الدولية. لافتاً إلى أن جوانب الامتثال تشمل الإيفاء بمتطلبات الالتزام الخاصة بالعملات المدرجة في المنصة، واللوائح الصادرة عن الأمم المتحدة. ويأتي ذلك، استجابة لتوجيهات أصحاب المعالي محافظي المصارف المركزية، ومؤسسات النقد العربية، ومن هذا المنطلق، حرص صندوق النقد العربي، وفريق عمل منصة «بنى»، على تطوير أفضل قدرات الامتثال، بما يشمل إطار حوكمة المؤسسة وفريق عملها، والتقنيات المستخدمة من أجل الارتقاء بمستوى الامتثال، وتقوية سلامة معاملات المنصة، والمشاركين فيها.

ونوه إلى أن المنصة سوف تعتمد معايير أهلية، تشترط توافر درجة عالية من قدرات الامتثال لدى مقدمي طلبات الاشتراك للالتحاق بمنصة «بنى». إضافةً إلى هذه المتطلبات، سوف توفر منصة «بنى»، أدوات امتثال متطورة، تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية، ومتطلبات الامتثال الدولية، لضمان سلامة النظام والمشتركين الآخرين. وليس خافياً أن ما يتوفر لدى المنصة من آليات وحلول للتحقق من سلامة المعاملات ونزاهتها، لا يوجد- حسب علمنا- في أي من نظم الدفع الإقليمية الأخرى، التي تعتمد فقط على مسؤولية المؤسسات المرسلة والمستقبلة للتحويلات في التحقق.

رؤية المنصة المستقبلية

حول رؤية معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي لمستقبل منصة «بنى» للمدفوعات، أشار إلى خدمات المنصة، ستشمل، إلى جانب توفير خدمات مقاصة وتسوية المدفوعات الكبيرة ومدفوعات التجزئة، إلى تقديم خدمات الدفع الفوري بأسعار مقبولة مكمَّلة، ذات قيمة مضافة، تتلاءم مع توقعات واحتياجات المتعاملين، أفراداً أو شركات، الحالية والمستقبلية. كما تتضمن رؤية المنصة المستقبلية، تقديم خدمات مقاصة وتسوية معاملات أسواق المال، وتمويل التجارة، وكذلك ربط نظم الدفع الصغيرة، ونقاط البيع، باستخدام التقنيات الحديثة، بما يمهد لبناء منظومة متكاملة من خدمات الدفع في المنطقة العربية، ومع دول العالم. وقال «رؤيتنا تتمثل في تعزيز استخدام العملات العربية في مقاصة وتسوية المعاملات الاقتصادية والمالية والاستثمارية العربية البينية، حيث تستحوذ اليوم العملات الأجنبية على أكثر من 60 % من حجم المعاملات بين الدول العربية، وبالطبع، نأمل أن تسهم منصة «بنى» تدريجياً، في تقليل هذا الرقم، وتعزيز فرص استخدام العملات العربية. وبلا شك، فإن صناعة خدمات المدفوعات، تشهد اليوم تطورات وتغيرات ملحوظة، وأدت المستجدات والابتكارات الحديثة في هذا المجال، التي تقودها شركات التقنيات المالية الحديثة، إلى توسع في عرض الخدمات والمنتجات المالية الموجودة. وبالتالي، يمكن لمنصة «بنى»، أن تشكل الرابط الإقليمي الأساسي بين مقدمي الخدمات، خاصة شركات التقنيات المالية الحديثة وطالبي الخدمات».

Email