بدأت عجلة المنظومة السياحية بدبي في الدوران اعتماداً على تدفقات السياحة الداخلية التي تسلمت زمام قيادة المشهد السياحي كعادتها في الأزمات، في الوقت الذي يجري القطاع استعداداته على قدم وساق بانتظار فتح الأنشطة والمرافق السياحية كافة، واستئناف حركة السفر التي تعني تدفق الوفود السياحية من أنحاء العالم.
وأفادت مصادر عاملة في القطاع بأن السياحة الداخلية تعد قاطرة الحركة السياحية في دبي، مع توقف التدفقات الخارجية، خلال الفترة الراهنة، وأنها أثبتت خلال السنوات الأخيرة وللمرة الثانية قدرتها على حمل القطاع السياحي والعبور به إلى بر الأمان، حيث كانت المرة الأولى خلال الأزمة المالية العالمية التي ضربت معظم الأسواق السياحية الخارجية، والثانية خلال الأزمة الحالية، بعد أن توقفت حركة السفر، إذ تمكن السوق المحلي من توفير الدعم اللازم للقطاع في أصعب أوقاته.
وأضافت المصادر أن القطاع السياحي والفندقي يجري استعدادات مكثفة لإتمام كافة الإجراءات والتدابير الصحية التي تسمح باستقبال الوفود السياحية في ظل ظهور بوادر بقرب انفراج الأزمة مع بداية شركات الطيران تشغيل رحلات منتظمة وغير منتظمة إلى أعداد كبيرة ومتزايدة حول العالم وإعلان العديد من الدول والعواصم العالمية عن فتح أسواقها وأجوائها بشكل كامل، مشيرين إلى أن العالم يترقب الخطوات المقبلة التي ستتخذها دبي فيما يتعلق بفتح الأجواء والسماح بكافة الأنشطة السياحية وعودة المؤتمرات والمعارض.

رسم المشهد
وقال سعيد العابدي رئيس مجموعة العابدي القابضة إن السياحة الداخلية تلعب دورًا كبيرًا في رسم المشهد السياحي بشكل عام وإن دورها يبرز بشكل خاص خلال الأزمات حيث أظهر السوق المحلي الذي يمتاز بأنه يضم أكثر من 200 جنسية مرونة عالية وقدرة كبيرة على العبور بالقطاع إلى بر الأمان من خلال توفير حد أدنى من النشاط السياحي والفندقي خلال الفترة الحالية على أمل عودة التدفقات السياحية الخارجية في أقرب وقت ممكن وهو ما ظهرت مؤشراته في الفترة الأخيرة مع بداية تخفيف الإجراءات والسماح بتسيير عدد من الرحلات الجوية لاسيما طيران الإمارات والاتحاد ونمو شبكة وجهات الناقلات الوطنية تدريجيًا الأمر الذي سيكتسب المزيد من الزخم مع مطلع الشهر المقبل ومع زيادة التسهيلات العالمية وفتح الأجواء بين الدول.

وأضاف أن سياسات الجهات المعنية في القطاع الحكومي والخاص نجحت في تنشيط السياحة الداخلية بشكل نسبي من خلال العروض التي تقدمها المنتجعات والفنادق للعائلات، إضافة إلى توفير كافة احتياجات العائلة كما أن كثير من الشركات بدأت بالأعمال مع الأسواق الخارجية بهدف تجديد الشراكات وإعادة بناء العلاقات الأمر الذي سيسهم في تحقيق مزيد من الزخم السياحي في دبي والإمارات بعد انتهاء أزمة كوفيد 19.
وتابع أن سياسة الدولة في التعامل مع تبعات الفيروس أسهمت في تعزيز ثقة الأسواق المحلية والعالمية بالسوق السياحي الإماراتي وأن هناك اعتقاداً سائداً بين العائلات في الإمارات أن هذه الإجراءات تشكل مظلة أمان وأسهمت في تعزيز خيارات السياحة الداخلية حتى بعد فتح الأجواء في ظل تنوع وتوفر المنتج السياحي المناسب، مشيراً إلى أن دبي نجحت في توفير كل ما يحتاج إليه السائح من فنادق ومراكز تسوق ومنتجعات تضاهي مثيلاتها الأوروبية بل وتتفوق عليها من حيث مستوى الخدمة في كثير من الأحيان وبأسعار أكثر تنافسية.
200 جنسية
وقال الدكتور هيثم الحاج علي الرئيس التنفيذي لشركة دبي لينك للسفر والسياحة، إن السياحة الداخلية في دبي والإمارات تختلف عن غيرها من الدول إذ من النادر عالميًا أن تجد دولة بحجم دولة الإمارات تحتضن أكثر من 200 جنسية في تعايش وانسجام غير مسبوق الأمر الذي أسهم في تعزيز دور السياحة الداخلية وزيادة قدرتها على حمل القطاع على الرغم من حجم الضرر الذي لحق به جراء فيروس كورونا.

وذكر أن نشاط السياحة الداخلية تعتبر بداية إيجابية لعودة كامل النشاط السياحي مع فتح الأجواء، مشيراً إلى أن الإجراءات التي اتخذها القطاع سواء في المرافق والمنشآت السياحية أو الفندقية والمطاعم أسهمت في تطمين العائلات التي بدأت تدريجيًا بالاستمتاع بالأنشطة والمرافق السياحية التي تم السماح بها.
وأوضح هيثم الحاج أن هناك مجموعة من العوامل التي باتت تشكل مرتكزات أساسية في دعم السياحة الداخلية منها على سبيل المثال تنافسية القطاع السياحي في دبي وتنوع المنتج الذي يقدمه فضلاً عن أن مستويات الخدمة المقدمة التي تتفوق أو توازي نظيرتها في وجهات سياحية عالمية.
تجارب سابقة
وقال شريف الفرم، المدير التنفيذي لشركة «سيرينتي ترافيل»، إن التجارب السابقة مثل الأزمة المالية العالمية، أثبتت قدرة القطاع السياحي على تجاوز التحديات مستفيداً من قوة السياحة الداخلية التي لعبت دورًا أساسيًا في حمل القطاع إلى بر الأمان ونجح القطاع في الخروج من هذه الأزمات أكثر قوة مما كان عليه الوضع في السابق، وهو ما نتوقع حدوثه مع عودة الحياة لطبيعتها بعد تأثيرات فيروس «كورونا».

وأضاف أن هناك 3 عوامل تسهم في تعزيز دور السياحة الداخلية في رسم المشهد السياحي خلال الفترة الحالية، يتمثل الأول في تعدد الجنسيات والثقافات على أرض الإمارات أما الثاني فهو قوة إنفاق السياحة الداخلية وقدرتها على التعويض ولو بشكل نسبي عن السياحة الخارجية لنا العامل الثالث فتح العديد من الأنشطة والمرافق السياحية أمام العائلات الأمر الذي يعتبر خطوة إيجابية يبشر بمزيد من التسهيلات الفترة المقبلة.
وأوضح شريف الفرم أن القطاع السياحي لازال يترقب مزيداً من التسهيلات المتعلقة بفتح المرافق والأنشطة السياحية والمعارض المتخصصة وعودة النشاط لحركة الطيران والذي يشكل انطلاقة حقيقية للقطاع السياحي.
تأمين الإيرادات
وقال محمد عوض الله الرئيس التنفيذي لمجموعة تايم للفنادق إن نشاط السياحة الداخلية بدأ يظهر في فنادق دبي بشكل عام، وهي تسهم في تأمين الحد الأدنى من الإيرادات وتساعد على القطاع على تجاوز المرحلة الحالية التي تعتبر الأصعب خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن الانطلاقة الحقيقية للقطاع ستكون بعد فتح الأجواء وإعادة حركة الطيران إلى طبيعتها السابقة.

وأضاف أن القطاع الفندقي أكمل كافة الاستعدادات للعودة الحقيقية للقطاع السياحي من خلال اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تسهم في تعزيز ثقة الزوار بالسوق المحلية، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تضمن صحة وسلامة الزوار والموظفين على حد سواء.

