قال يوسف باصليب المدير التنفيذي لإدارة التطوير العمراني المستدام في «مصدر»: إن الزراعة التقليدية تعتبر حلاً غير مستدام لدولة الإمارات والمنطقة، وفي سبيل عودة الروح الجديدة لا بد من العمل على تطوير أساليب زراعة بديلة ومستدامة لتأمين المتطلبات الغذائية في دولة الإمارات، لتدارك آثار جائحة «كورونا».

مشيراً إلى أن تحدي الأمن الغذائي يمثل أولوية بالنسبة إلى شركة «مصدر»، حيث تعمل على معالجته وفق أسلوب عمل شامل ومتكامل، يتضمن توفير حلول في مجالات الطاقة والغذاء والمياه، وقد حققت مدينة مصدر تقدماً في مجال الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، من خلال مجموعة من المشاريع الحيوية القائمة وأهمها الزراعة العمودية التي تعد مستقبل الأمن الغذائي في الإمارات.

وقال باصليب في تصريحات خاصة لـ«البيان» إن مدينة مصدر تهدف من خلال مشاريع الزراعة الحضرية، التي تجريها إلى إظهار إمكانية القيام بالزراعة الحضرية في كل منزل وإنها في متناول الجميع، أما بالنسبة إلى الزراعة العمودية، فهي تتسم بكونها تستخدم المساحة بشكل أكثر كفاءة، ما يقلل من الحاجة إلى مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.

وبنقل الزراعة إلى داخل مدننا، فإننا سنسهم بذلك في تحسين المستوى الصحي وتعزيز استدامة النظم الزراعية، من خلال التقليل من استهلاك المياه وأنشطة النقل، وما ينتج عنها من انبعاثات.

الأمن الغذائي

وأكد يوسف باصليب المدير التنفيذي لإدارة التطوير العمراني المستدام في «مصدر» أن منطقة الخليج تواجه تحديات تتعلق بندرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة، ما يجعل من الأمن الغذائي مشكلة متواصلة، خصوصاً أن نسبة الأراضي الصالحة للزراعة والأراضي الزراعية الدائمة تبلغ أقل من 1%.

كما أن دولة الإمارات تستورد أكثر من 40% من المواد الغذائية، وهو ما سيكلفها أكثر من 100 مليار دولار أمريكي حتى عام 2030. وقد تم استنفاذ أكثر من 40% من موارد المياه الطبيعية على مدى السنوات العشرين الماضية، وذلك بسبب الإفراط في الاستهلاك. وعلى الرغم من شح المياه، يتم استخدام 84% من المياه لأغراض الزراعة والري، والتي تسهم بأقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان الإمارات بنسبة 50% بحلول عام 2050، ما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة.

اكتفاء ذاتي

وقال إننا في مدينة مصدر نسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بطرق متعددة وعلى مستويات عدة، حيث استثمرنا في تقنيات وشراكات في مجال الزراعة المستدامة، وذلك بهدف تسويق تقنيات ونظم زراعية، يمكن استخدامها في المناطق الحضرية وتشجيع مواطني دولة الإمارات على الزراعة ضمن منازلهم، حيث تحظى جهودنا هذه بدعم القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، التي تعتبر الأمن الغذائي المستقبلي مسألة استراتيجية تأتي على رأس أولويات الأجندة الوطنية.

وأضاف باصليب: لقد وقّعنا في يوليو 2018 اتفاقية شراكة استراتيجية مع مكتب الأمن الغذائي المستقبلي في الإمارات للمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي في الدولة.

مزارع مدار

أكد باصليب أنه التزاماً بدعم تحقيق هذا الهدف الوطني الرئيسي وتماشياً مع مساعيها لتعزيز الاستدامة، تشارك «مصدر» في عدد من المبادرات، التي تتمحور حول مجالات الأمن الغذائي والزراعة المستدامة، والتي تركز في إحداها على مفهوم الزراعة العمودية.

وتتمثل إحدى هذه المبادرات في إبرام شراكة مع «مزارع مدار»، وهي شركة ناشئة مقرها الإمارات، وتتخصص في تقنيات الزراعة بهدف معالجة مسألة أمن الغذاء والمياه في المنطقة العربية.

وتتضمن الشراكة تنفيذ مشروع «حاوية الزراعة العمودية التجريبية»، وذلك من خلال برنامج ومنشأة تجريبية للمزارع العمودية في مدينة مصدر، تشمل تحديد المتطلبات التجارية والتشريعية لتطوير المزارع العمودية في الإمارات.

فيلا مستدامة

وتهدف جهود الزراعة المستدامة ضمن مدينة مصدر إلى إشراك مجتمع المدينة وتعريفه أكثر حول كيفية تعزيز أمنهم الغذائي. وفي هذا السياق، قامت «مصدر»، بالتعاون مع حكومة أبوظبي، بتنظيم معرض الزراعة المنزلية ضمن الفيلا المستدامة في مدينة مصدر لرفع مستوى الوعي، واستعراض حلول الزراعة المنزلية الذكية.

وتمثل الفيلا المستدامة مشروعاً آخر يجسد التزام «مصدر» بترسيخ الاستدامة، وهو مشروع تجريبي يقدم نموذجاً لإنشاء فيلات، تحقق كفاءة عالية في استهلاك الطاقة والمياه وبتكلفة معقولة في الإمارات.

وتعتبر الفيلا المستدامة أول فيلا يتم تصميمها لتحقق معايير التصنيف «4 لآلئ» وفق نظام «استدامة» وتوفر الفيلا طاقة أقل بنسبة 72%، ومياهاً أقل بنسبة 35% بالمقارنة مع الفيلات التقليدية في أبوظبي، وبالتالي ستسهم في منع انبعاث ما يقدر بـ 63 طناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

معرض الزراعة المنزلية

يشمل معرض حلول الزراعة المنزلية ضمن الفيلا المستدامة حلولاً وتقنيات مختارة في مجال الزراعة المنزلية، تم الحصول عليها من موردين من الدولة وخارجها، حيث تم استخدامها لتطبيق مفهوم الزراعة المنزلية ضمن الفيلا، وقد تم إطلاق المعرض خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2019، وسيُعاد افتتاحه أمام الجمهور عند تجاوز أزمة فيروس «كوفيد 19» وعودة قطاعات الأعمال إلى طبيعتها.