«البيان الاقتصادي» يرصد القطاعات المستفيدة من «كورونا»

الوظائف الإلكترونية تتصدّر المشهد خلال الأزمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استفادت قطاعات اقتصادية عدة من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» ونجحت في تحقيق حضور ونمو كبيرين، ورسّخت أقدامها في الاستراتيجيات المستقبلية، وأصبحت في طليعة القطاعات الأكثر اعتمادية وتطويراً وتنمية خلال الفترة المقبلة.

ومن أبرز هذه القطاعات، برمجيات العمل والتعليم عن بُعد، والمعدات الطبية والأدوية، وصناعة مواد التعقيم ومنتجات التنظيف والتغليف، والبيانات الضخمة، والترفيه المنزلي والكتب الإلكترونية والرقمية، والذكاء الاصطناعي، والطباعة الثلاثية، وغيرها من القطاعات المستفيدة من تداعيات الأزمة التي بدلت الأولويات الاقتصادية العالمية وغيرت المفاهيم السائدة منذ عقود طويلة.

واستطلع «البيان الاقتصادي» آراء 19 مسؤولاً ومتخصصاً وخبيراً في أبرز القطاعات المحلية المستفيدة من تداعيات أزمة كورونا.

تغيير المفاهيم

وقال سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية رئيس مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة: «تحفزنا مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله إن منظومة ومفاهيم العمل ستتغير ما بعد كورونا، للاستعداد مبكراً لهذا التغير من خلال الاستفادة القصوى من خبرات تجربة العمل عن بعد التي طبقناها بنجاح كبير في كافة الجهات التابعة، ونقوم بدراسة أفضل أنظمة العمل التي سنتبعها خلال المرحلة المقبلة بمرونة كبيرة تتلاءم مع الإمكانات التي تتيحها لنا قدراتنا واستثمارنا الناجع في البنية الحديثة لتقنية المعلومات بتطبيقاتها الذكية التي تربط المديرين والموظفين بآلية العمل عن بعد على مدار الساعة».

وأضاف إن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا ساعدتنا على توسيع استخدام المتعاملين للخدمات الذكية، وأصبحت منظومة العمل مترابطة بالكامل وتمكننا من إنجاز العمليات وتقديم الخدمات بسرعة وكفاءة لإسعاد المتعاملين من خلال اختصار الإجراءات والحد من روتين العمل لتلبية متطلبات العملاء من دون تأخير.

الذكاء الاصطناعي

وأكد أحمد محبوب مصبح، المدير العام لجمارك دبي، أن منظومة العمل بعد الجائحة ستشهد تغيرات نحو اعتماد المؤسسات والجهات الحكومية بشكل أكبر على أنظمة وتطبيقات التقنية المتطورة والذكاء الاصطناعي وستكون مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة من خدمات ذكية وأتمتة الإجراءات هي عنوان المرحلة القادمة.

وقال إن النجاحات التي حققتها جمارك دبي عبر تسهيل عمليات التخليص الجمركي وإنجاز 4 ملايين معاملة جمركية خلال الربع الأول، إلى جانب انسياب حركة التجارة ودعم سلسلة الإمداد عالمياً تعكس خطة التحول الذكي التي تبنتها الدائرة من سنوات طويلة واستثمرت فيها بشكل مكثف حيث يؤدي اليوم الموظف كامل مهامه عبر منظومة العمل عن بعد بكل أريحية مرتكزاً على التطبيقات التقنية المتطورة التي وفرتها الدائرة.

وكشف أن جمارك دبي تدرس تطبيق العمل عن بعد لبعض أقسام الدائرة التي لا تتطلب طبيعة عملهم الحضور إلى مقار العمل كما تستمر الدائرة في الاستغلال الأمثل للموارد لدعم القطاع التقني نحو تطوير منصات خدمية ذكية ترسخ رؤية الدائرة في أن تكون الإدارة الجمركية الرائدة عالمياً في تسهيل التجارة المشروعة.

خدمات التوظيف

قال رضا مسلم الشريك والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية والإدارية، إن الوظائف سينتج عنها تغير وتعديل في النشاط الإداري والفني المطلوب، وذلك عن طريق إيجاد نشاط خدمات التوظيف عن بعد وكل ما تحتاج إليه الشركات من خدمات إدارية وفنية، وسيترتب تحول جذري في المستقبل القريب في طلب وشكل ومزاولة الوظائف الإدارية والفنية.

وأضاف إن الإمارات ستكون نموذجاً يحتذى به في تطبيق العمل عن بعد في مواجهة الوباء، نظراً لامتلاك الدولة بنية تحتية متفوقة في الاتصالات ارتقت مؤخراً إلى الجيل الخامس.

وتوقع مسلم أن تأخذ الوظائف مظهراً جديداً في المستقبل وبالتالي ضرورة أن تقوم الجهات الرسمية التي تصدر التراخيص بأن تؤهل نفسها لمواجهة الأنشطة الجديدة كأن يطلب منها مزاولة نشاط لم يكن موجوداً من قبل مثل: شركات ومؤسسات تعمل في مجال تقديم خدمات الشؤون المالية والإدارية عن بعد (دفع الرواتب – الترقيات... إلخ) للشركات الأخرى وبالتالي الاستغناء عن موظفي الشؤون المالية والإدارية، وفي مجال الاستشارات المالية والإدارية والاقتصادية والقانونية والتقنية، سيتم اللجوء إلى الخبراء والمستشارين الخارجيين الذين بدورهم يحتاجون إلى مظلة قانونية صادرة عن جهات الترخيص.

مواكبة التكنولوجيا

ورأى وليم طعمة، الرئيس الإقليمي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، بأن التكنولوجيا تلعب دوراً أساسياً متزايداً في مجال الاستثمار، ونرى إسهامها الكبير في صناعتنا ومجتمعاتنا في هذه الفترة الصعبة، موضحاً أن التكنولوجيا تعمل على أتمتة العديد من جوانب عمليات الاستثمار، ويجب على المتخصصين في إدارة الاستثمار احتضان التكنولوجيا، بغض النظر عن أدوارهم، ومع تزايد أهمية التكنولوجيا المالية، يجب أن يكون قطاع الخدمات المالية مجهزاً بموظفين ذوي كفاءات متنوعة لمواكبة التغييرات التكنولوجية المتواصلة.

وذكر أنه وفق تقرير خبراء قطاع الاستثمار في المستقبل الصادر عن المعهد، فإنه على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة، يتوقع 43% من المتخصصين في الاستثمار أن يتغير دورهم الحالي بشكل كبير، ووافق 89% على أن هذه الأدوار ستتغير عدة مرات خلال حياتهم المهنية، كما سيحتاج محترف الاستثمار الناجح في المستقبل إلى تطوير معلوماته، واحتضان التقنيات الرقمية.

قطاع الزراعة

وأكد الدكتور محمد بدوي أستاذ علوم الأراضي والمياه، مدير عام مصنع العين للأسمدة البيولوجية، أن أزمة كورونا أبرزت الأهمية الكبيرة لقطاع الزراعة في الإمارات باعتباره من القطاعات الرئيسة التي يجب أن توجه لها الخطط والأموال وحتى لو كانت الدولة تفتقد بعض المصادر الطبيعية التي تشجع على نجاح القطاع الزراعي مثل نقص المياه أو ملوحة التربة أو ارتفاع درجات الحرارة.

وأضاف: الأزمة وجهت رسالة قوية للجميع وهي أنه مهما كانت لديك الأموال فإن هذا لا يكفي لتلبية الاحتياجات الغذائية لأن الحدود بين الدول قد تكون معرضة للإغلاق ومن هنا فلا بد من إعطاء الأولوية لهذا القطاع الذي يعد أكبر الرابحين.

وشدد أن حكومة الإمارات أبدت اهتماماً غير مسبوق بالقطاع الزراعي وتوفير الغذاء، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة تغييراً كبيراً نحو زراعة كثير من المحاصيل وخاصة أن التكنولوجيا الحديثة حلت مشكلات كثيرة كنا نواجهها سابقاً وسنشهد قربياً التوسع في الرقعة الزراعية ودعم المزارعين.

الإنتاج المحلي

وقال الدكتور علي العامري الرئيس التنفيذي لمجموعة الشوامخ، إن أزمة كورونا كشفت أهمية الإنتاج المحلي من الخضراوات مشيراً إلى أن المزارع المحلية نجحت في تلبية احتياجات المواطنين والمقيمين من الخضراوات الرئيسة خلال الشهر الماضي عندما اشتدت تداعيات أزمة كورونا وأصبح من الصعب استيراد خضراوات من الخارج، وانتشرت في كبريات المراكز التجارية في الدولة الخضراوات المحلية مثل الطماطم والخيار والكوسة والجزر والملفوف والورقيات، مؤكداً ضرورة التوسع في زراعة هذه الخضراوات وإضافة خضراوات وفواكه أخرى.

واقترح زيادة مزارع البيوت البلاستيكية التي تنتج العديد من الخضراوات الرئيسة، متوقعاً أن تدفع أزمة كورونا الحكومة والمستثمرين إلي زيادة الاستثمارات في القطاع الزراعي سواء داخل الإمارات أو خارجها، مشيراً إلى أن شركته لديها مشاريع زراعية ستشهد توسعاً كبيراً خلال الفترة المقبلة.

التصنيع ثلاثي الأبعاد

أكّد غوتام راج، رئيس قطاع خدمات المؤسسات في مجموعة جمبو، أن الطباعة ثلاثية الأبعاد أو ما يعرف بالتصنيع ثلاثي الأبعاد أحد القطاعات الرابحة من أزمة كورونا لأنه يهدف إلى توفير المزيد من الأدوات المخصصة في الوقت المناسب وخاصة عندما لا تكون سلاسل التوريد التقليدية خياراً أو إذا كانت الحاجة فورية أو تكاليف الشحن مرتفعة أو أوقات الشحن طويلة.

وأضاف: كشفت الجائحة أن سلاسل التوريد العالمية عرضة للخطر، ولا سيما عندما تكون الحاجة فورية مثل الأقنعة أو أجهزة التهوية أو الأجزاء الأخرى؛ حيث يكافح العملاء، خلال الكارثة الصحية العالمية التي نعيشها، من أجل العثور على الإمدادات من خلال سلاسل التوريد التقليدية، ومن هنا أثبت التصنيع ثلاثي الأبعاد كفاءته وقدراته وأهميته في مثل هذه الأوقات الصعبة، حيث تمكنا من طباعة الأقنعة ودروع الوجه الواقية ومقابض الأبواب والعديد من الأجزاء المهمة الأخرى التي لم تكن متوافرة في السوق.

وتوقع بعد جائحة كورونا أن يتم استكشاف وتطوير سلاسل التوريد البديلة كاستراتيجية من قبل معظم المؤسسات، وسوف تكون الطباعة ثلاثية الأبعاد في طليعة هذه الاستراتيجية.

البيانات الضخمة

قال فراس جاد الله، المدير الإقليمي في شركة «جينيتك» لمعدات الأمن الرقمي، إن البيانات الضخمة تكتسب أهمية خاصة قبل «كورونا» وستزداد أهميتها بعد الأزمة وخصوصاً مع الكم الهائل من البيانات الذي يتم توليده يومياً عبر الإنترنت وكاميرات المراقبة التي تنتشر بصورة كبيرة في العديد من الدول لمراقبة الشوارع.

وأضاف: «أصبحت تحليلات الفيديو والبيانات جزءاً رئيساً من أنظمة الأمان والاحتمالات التي تطلقها تحليلات البيانات بالنسبة لنا للمضي قدماً ستتغير، فاليوم تمكننا البيانات من التعرف على المصابين، وتعزيز اتخاذ القرار وإدارة الموارد في المستشفيات والبنوك وغيرها».

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نمواً في برمجيات تحليل الفيديو في العديد من القطاعات بما في ذلك محال وأسواق البيع بالتجزئة، والمطارات، وحركة المرور.

الذكاء الاصطناعي

قال أنس عبدالحي، المدير ونائب الرئيس التنفيذي، بروفن كونسلت للاستشارات التقنية، إن الأزمة لعبت دوراً مهماً في تسليط الضوء على العديد من المجالات التي يمكن أن يساعد فيها الذكاء الاصطناعي على إيجاد الحلول ودعم استمرار الأعمال، وعلى سبيل المثال، سيساعد الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية على تحديد وتتبع حالات التفشي والتنبؤ بوقوعها، كما يستطيع تسريع تشخيص الأمراض ومعالجة المطالبات المرتبطة بالرعاية الصحية، كما ستستخدم الروبوتات والطائرات من دون طيار (درون) في تسليم المستلزمات ذات الأهمية البالغة في المناطق الخطرة والتي يصعب الوصول إليها.

وتوقع أن تشهد حلول الذكاء الاصطناعي الحوارية، ومنها روبوتات الدردشة وتحليل المحادثات، زيادة ضخمة في استخدامها ضمن العديد من القطاعات كتجارة التجزئة ومراكز الاتصال.

وأوضخ: «حلول الذكاء الاصطناعي تتسم بالذكاء والتطور الكافيين للتعامل مع عمليات الأعمال المعقدة والمساعدة على اتخاذ القرارات المهمة. وسيكون التشغيل واحداً من المجالات التي ستتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي».

التعلّم والعمل عن بُعد

توقع كريستوفر كوبر، المدير والمدير العام لشركة لبنوفو شرق الأوسط وأفريقيا، نمو حلول وأعمال الشركة في قطاعات التعليم والرعاية الصحية والاتصالات.

وأضاف: «في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا، لا يزال الموظفون يزاولون أعمالهم من المنزل والطلاب يدرسون من البيت ويلتزمون البقاء في الداخل، وكنتيجة لذلك، فقد أصبح الناس يتواصلون مع العالم الخارجي عبر أجهزة الكمبيوتر المحمول والحاسبات اللوحية والهواتف الذكية».

وتابع: «لا شك في أن الزيادة في استخدام هذه الأجهزة تعني زيادة في تدفقات البيانات والحاجة إلى تخزينها في مساحات آمنة، يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت الأسابيع الماضية المزيد من حالات الاختراق للبيانات».

المدفوعات الرقمية

أكد شاهباز خان، مدير عام «فيزا» في الإمارات وجود إقبال متزايد بين المستهلكين والتجار على الاستفادة من مزايا المدفوعات الرقمية، تزامناً مع الانتشار المتنامي للهواتف والساعات الذكية التي تدعم المدفوعات اللاتلامسية، الأمر الذي أثمر بدوره ارتفاعاً ملموساً في استخدام هذه الخيارات لإجراء المدفوعات في المنطقة.

وقال: «في يناير 2020 مثلاً، تم إجراء 50% من المدفوعات الرقمية المباشرة في الإمارات عبر أجهزة الدفع اللاتلامسية لتتبوأ بذلك المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط على هذا الصعيد بعد السعودية حيث تقترب نسبة الدفع اللاتلامسي من 80% بنمو سنوي نسبته 4%، وفي ظل الأوضاع الراهنة والتركيز المتزايد على التباعد الاجتماعي، نتوقع استمرار هذا الإقبال على المدفوعات اللاتلامسية والتجارة الإلكترونية بين المستهلكين».

Email