تمنح «موانئ دبي العالمية» حق رفع دعوى لتنفيذ حكم التعويض

تصرفات جيبوتي غير القانونية تعزّز موقف دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصل حكومة جيبوتي، من انتهاك لآخر، تحديها للعدالة الدولية في ظل تعنتها ومماطلتها في تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح «موانئ دبي العالمية»، لاسيما بعد إصدار توجيهاتها إلى المحكمة العليا للبلاد ببطلان كل الأحكام السابقة بشأن محطة «دوراليه للحاويات».

وحصلت «موانئ دبي»، على 5 أحكام قضائية لصالحها من محاكم دولية لها مكانتها واحترامها عالمياً وهي: محكمة لندن للتحكيم الدولي في لندن، والمحكمة العليا لإنجلترا وويلز، إلا أن حكومة جيبوتي تجاهلت جميع الأحكام الصادرة رغم خضوع عقود الامتياز الموقعة للولاية القضائية للقانون الإنجليزي.

وأكدت «موانئ دبي العالمية» أن الخطوة الجديدة تعدُّ انتهاكاً صارخاً للنظام القضائي العالمي وهدماً للعقود التجارية القائمة، وتجاهلاً متعمداً لبنودها المحمية بقوة القانون. وقالت في بيان أول من أمس، إن هذا الإجراء حال اتخاذه يؤكد إصرار حكومة جيبوتي تجاهل الممارسات القانونية المعتمدة وعدم احترام العقود التجارية الموقعة، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول مصير الاستثمارات الحالية والمستقبلية في البلاد.

وعلى الجانب القانوني، أكد خبراء في مجال التحكيم الدولي في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي»، أن قرار المحكمة العليا لجيبوتي في حال صدوره في وقت لاحق، لن يؤثر على قوة موقف «موانئ دبي» وحقوقها المحمية بخمسة أحكام قضائية لصالحها من محاكم دولية.

وأشاروا إلى أن إصرار الحكومة الجيبوتية على تجاهل الممارسات القانونية المعتمدة وعدم احترامها للعقود التجارية الموقعة يؤثر سلباً على أداء الاقتصاد والاستثمار ويؤدي لهروب المستثمرين الأجانب.

موقف غريب

ووصف الدكتور حبيب الملا، خبير التحكم الدولي، إجراء الحكومة الجيبوتية بـ«الغريب»، حيث إن غالبية الدول تحترم الأحكام الدولية الصادرة ضدها، وتحاول الوصول إلى تسوية مع الأطراف التي حصلت على أحكام لصالحها، بحيث تسدد المبالغ المترتبة عليها، مضيفاً إنه من الصعب في الوقت الراهن أن نرى دولة تتجاهل تماماً أحكام التحكيم مثل حالة جيبوتي.

وقال الملا الذي يترأس مكتب «بيكر آند ماكينزي حبيب الملا» للمحاماة، إنه في حال إصرار جيبوتي على موقفها، فإن ذلك يمنح «موانئ دبي العالمية» كل الحق برفع دعوى لتنفيذ حكم التعويض ليصبح الحكم قابلاً للتنفيذ في مختلف أنحاء العالم، وبموجبه سيتم تنفيذ الحجز على أي استثمارات وأصول خارجية مملوكة لدولة جيبوتي.

وأوضح أنه في حال عدم توافر مثل هذه الممتلكات سيتم الحجز التحفظي على بعض الأصول العائدة لها مثل الطائرات التي تهبط في مطارات دول موقعة على اتفاقية تنفيذ أحكام التحكيم الدولي، أو إتمام الحجز على السفن التي ترسو في تلك الدول ما يجعل من الصعب على الحكومة أن تكون جزءاً من حركة الطيران والتجارة العالميتين.

وأضاف إنه يستبعد استمرار هذا التعنت من جانب جيبوتي، حيث ستسعى في النهاية إلى التسوية، على اعتبار أن جميع الأحكام الصادرة تؤكد أحقية «موانئ دبي العالمية» بالمبالغ موضوع التحكيم ولا مجال لرفضها مجدداً أو الجدل بشأنها.

بداية الخلاف

ومنذ ديسمبر 2017، سعت حكومة جيبوتي إلى تطبيق القانون المناهض لعقد الامتياز المبرم بين موانئ دبي العالمية و«دوراليه كونتينر ترمينال -إس إيه» والحكومة فيما يتعلق بمحطة الحاويات في دوراليه، وقد توج هذا الجهد بالطلب النهائي بإعادة التفاوض على العقد في 21 فبراير 2018، وإنهاء ذلك العقد بموجب مرسوم رئاسي بتاريخ 22 فبراير 2018 ومصادرة جميع أصول محطة «دوراليه كونتينر ترمينال - إس إيه».

قامت الحكومة الجيبوتية بتاريخ 22 فبراير 2018 وبشكل غير مشروع بالاستيلاء على محطة دوراليه للحاويات إس إيه «دي سي تي»، التي صممتها وبنتها «موانئ دبي العالمية» إضافة إلى تشغيلها منذ عام 2006 بموجب عقد امتياز منحته الحكومة في العام ذاته.

وادعت جيبوتي أنها تملك حق الاستيلاء على المحطة استناداً إلى قانون أصدرته مؤخراً يسمح لها باتخاذ إجراء إذا ارتأت أنه يصب في صالحها، وقامت بإلغاء العقد مع موانئ دبي العالمية، لإدارة مرفأ دوراليه للحاويات، والاستيلاء على المحطة، بعد إقرار القانون رقم (202)، الذي يسمح لها بإنهاء اتفاقات البنية التحتية، واضطرت «موانئ دبي» إلى بدء تحكيم جديد في فبراير 2018 للحصول على إقرار من المحكمة بأن اتفاقية الامتياز صالحة ومُلزمة للحكومة.

وجاء الاستيلاء غير القانوني على المحطة ليتوج الحملة التي شنتها الحكومة لإجبار «موانئ دبي العالمية» على إعادة التفاوض بشأن شروط الامتياز، التي تبين في عام 2017 أنها «عادلة ومعقولة»، وفقاً لما أكدته محكمة لندن للتحكيم الدولي.

ووفق الحكم الأخير لمحكمة لندن للتحكيم الدولي الصادر في مارس الماضي، والذي يعد الخامس بين الأحكام الصادرة، فإن قيام جيبوتي بتطوير محطة حاويات جديدة بالشراكة مع «تشاينا ميرشانتس بورت هولدنجز» المحدودة، وهي مُشغِّلة موانئ تتخذ من هونج كونج مقراً لها، يُعد خرقاً لحقوق شركة «دي سي تي» بموجب عقد الامتياز الموقع عام 2006 الذي ينص على تطوير محطة حاويات في دوراليه بجيبوتي، وبصورة خاصة الحق الحصري للشركة في جميع منشآت مناولة الحاويات في منطقة جيبوتي.

وكانت المحكمة قد أمرت جيبوتي بدفع 1.4 مليار درهم (385 مليون دولار)، بالإضافة إلى الفوائد كتعويضات عن خرق حقوق «دي سي تي» الحصرية من خلال تطوير منشآت للحاويات في «محطة دوراليه متعددة الأغراض»، إلى جانب الأضرار الإضافية المحتملة، في حال تطوير جيبوتي محطة دوراليه الدولية للحاويات «دي آي سي تي» المخططة مع أي مشغل آخر دون الحصول على موافقة «موانئ دبي العالمية».

كما أمرت المحكمة جيبوتي بدفع مبلغ 88 مليون دولار عن العائدات المستحقة سابقاً وغير المدفوعة عن الحاويات التي لم يتم تحويلها إلى محطة «دي سي تي» بعد أن بدأت عملياتها، كما يتعين على جيبوتي تسديد مصاريف التقاضي التي تكبّدتها «دي سي تي». ويشكل قرار المحكمة اعترافاً صريحاً بسريان وإلزامية عقد الامتياز الموقع عام 2006، الأمر الذي أكدته محاكم تابعة لمحكمة لندن للتحكيم الدولي والمحاكم الإنجليزية.

وتواصل «دي سي تي» و«موانئ دبي العالمية» السعي لتأييد حقوقها القانونية المُثبتة في العديد من المنتديات القانونية، وذلك في ضوء الجهود غير القانونية التي تبذلها حكومة جيبوتي لإخراج «موانئ دبي العالمية» من جيبوتي وتحويل عمليات الميناء لصالح الجانب الصيني.

إشعارات علنية

يذكر أن القضايا المرفوعة ضد «تشاينا ميرشانتس» تستمر أمام محاكم هونج كونج، وكانت «موانئ دبي العالمية» قد أصدرت في وقت سابق إشعارات علنية بعد تأكيد سريان عقد الامتياز الموقع عام 2006 في حكم قضائي صدر عام 2018، حذرت فيها الأطراف الأخرى من التدخل في حقوق الامتياز العائدة لها ولشركة «دي سي تي».

وبدأت الشراكة التي تربط بين حكومة جيبوتي وموانئ دبي العالمية رسمياً في الثاني من يونيو 2000 عندما قامت الأخيرة بتولّي إدارة ميناء جيبوتي الدولي المستقل ذاتياً، ومنذ تلك اللحظة شرعت الشركة في تطوير المرحلة الأولى من محطة دوراليه التي باتت تعد الأكثر تطوراً في منطقة شرق والقارة الأفريقية.

وتعد المحطة «دي سي تي»، وهي مشغلة موانئ في جيبوتي مملوكة بنسبة 33.34% من قبل مجموعة «موانئ دبي العالمية» و66.66% من قبل شركة «ميناء جيبوتي إس إيه» التابعة لحكومة جمهورية جيبوتي، والفائقة الحداثة أكبر مصدر للوظائف والإيرادات في البلاد وتحقق أرباحاً سنوية منذ بدء تشغيلها.

إسهامات في جيبوتي

أسهمت استثمارات موانئ دبي العالمية على مدار السنوات الماضية بنحو 12% في الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي، حيث نجحت الشركة في زيادة أحجام بضائع المنشأ والمقصد في المحطة البحرية بنسبة 380% خلال الأعوام الماضية، كما ارتفعت نسب الإشغال بها إلى 70% العام الماضي، ومن المتوقع أن تصل إلى 80% خلال 2018.

Email