نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة مؤسسات الصيرفة لـ«البيان الاقتصادي»:

دور متنام للذكاء الاصطناعي في مكافحة غسل الأموال

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكّد أسامة آل رحمة نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي، والمدير العام لشركة الفردان للصرافة، أهمية التنسيق المستمر والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص والجهات الرقابية في الدولة كعامل أساسي ومهم لإنجاح عمليات مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب في الإمارات.

مشيراً إلى أن التقنيات الحديثة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي ستلعب في المرحلة المقبلة دوراً أساسياً متنامياً في مجال مكافحة عمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب، وستصبح الآلة قادرة على رصد كل العمليات غير القانونية وتحليلها.

وأوضح آل رحمة في تصريحات خاصة لـ«البيان الاقتصادي» أن المجموعة التي تضم في عضويتها أكثر من 90% من إجمالي الشركات العاملة في قطاع الصيرفة والتحويل المالي تعمل على توحيد جهود المؤسسات في هذا المجال تماشياً مع رؤية القيادة في هذا المجال، مشيراً إلى أن المجموعة تنظم باستمرار جلسات تدريبية حول منهجيات مكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب بهدف ضمان مواكبة أعضائها لكافة معايير مصرف الإمارات المركزي.

سؤال

وأضاف: «من أين لك هذا؟ سؤال طالما وجهته الدول والسلطات لأصحاب الثروات غير معروفة المصدر، وذلك ضمن أنشطة الحكومات المتواصلة لمكافحة عمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب التي تؤثر سلباً على اقتصاد البلدان ونظامها الاجتماعي والأخلاقي. فظاهرة تبييض الأموال ليست بالأمر الجديد أو الطارئ على زمننا الحالي، إلا أنها تتخذ كل يوم بعداً جديداً بالتزامن مع التقدم التكنولوجي المتزايد وتوجه الدول نحو تحرير اقتصادها وتبني سياسات مالية أكثر انفتاحاً.

وقال: السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل من الممكن أن تتمكّن التقنيات التي أصبحنا نسمع عنها كل يوم، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أو حتى «بلوك تشين»، من الإجابة عن السؤال القديم المتجدد»من أين لك هذا«؟ هل من الممكن أن نرى قريباً نظاماً آلياً يقوم بعملية المكافحة بشكل كامل من دق ناقوس الخطر بخصوص عمليات نقل الأموال المشبوهة، انتقالاً إلى إجراء عمليات البحث والتقصي، وصولاً إلى إصدار الحكم النهائي من دون تدخل بشري؟

تكنولوجيا

وحول دور التكنولوجيا في حماية اقتصاد الدول من عمليات الفساد الخاصة بغسل الأموال ومكافحة الإرهاب، أفاد آل رحمة: وفقاً لكافة الدراسات فإن عملية غسل الأموال ومكافحة الإرهاب تتم على مراحل متتابعة تبدأ جميعها بمرحلة الإيداع، والتي تعني الحصول على الأموال السائلة الناتجة من أنشطة إجرامية والبحث عن مقر لها كالحسابات البنكية مثلاً.

وبعد إيجاد المقر الآمن، تأتي مرحلة التمويه التي تشمل نقل الأموال بشكل مستمر من حساب لآخر ومن بلد لآخر حتى يصعب التعرف على مصدرها، وفي النهاية تأتي مرحلة الدمج، والتي تعني دمج هذه الأموال المحرمة في عجلة الاقتصاد. وعادة ما تكون المرحلة الأولى هي الأصعب، إذ تتطلب تواطؤ أشخاص آخرين أو مؤسسات مصرفية معينة تستلم الأموال وتضعها في حسابات بنكية أو ممتلكات مادية أو شراكات تجارية.

وأضاف: بما أن المرحلة الأولى تعتمد على طرفين بشريين، الأول صاحب الأموال القذرة أو الطرف المرسل، والثاني الطرف المتلقي أو المتواطئ الذي يستغل موقعه الوظيفي أو نفوذه لإجراء عمليات تحايل لإيداع الأموال القذرة بعيداً عن عيون السلطات، فإن أتمتة عمليات إيداع الأموال وتسجيل عمليات التبادل التجاري سيقلل بالضرورة من إمكانية وقوع عمليات التحايل التي تحدث بسبب تدخل بشري من الموظف المسؤول.

ويؤكد على ذلك تقرير نشرته»منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية«كشف أن معدلات الفساد في أي دولة تتناسب عكسياً مع اعتماد أساليب تكنولوجية ومبتكرة في نظامها المالي. لذلك، بإمكاننا الجزم هنا أنه كلما اتسعت رقعة الأتمتة في أي نظام مالي وانخفضت نسبة التدخل البشري في عمليات نقل الأموال وإجراءات العناية الواجبة للعملاء، قلت فرصة وقوع عمليات تحايل تمهد الطريق أمام صفقات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب.

وأوضح أن نظم الذكاء الاصطناعي دخلت بالفعل هذا المجال، وأصبحت معتمدة لتحليل البيانات عبر قنوات الاتصال المتعددة بما في ذلك المعاملات والاتصالات وغيرها، وذلك بهدف اكتشاف أي سلوك مثير للشك.

كما أصبح من الطبيعي أن يعتمد المحاسبون الجنائيون في عملهم على الذكاء الاصطناعي لكشف حالات عدم الاتساق أو العلاقات المشبوهة أو وجود تسجيل غير سليم للإيرادات والأعمال التجارية. هذا كما قامت بعض المؤسسات المالية والبنوك العالمية بتطبيق فكرة استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتعزيز الضوابط والإجراءات الخاصة بها.

«غسل الأموال»

تعرَّف جريمة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب بأنها»إضفاء الشرعية على أموال تم الحصول عليها من مصدر غير مشروع، أي أن تكون هناك جريمة سابقة نتجت عنها عائدات وأموال، ويعمد الجاني إلى محاولة إضفاء الشرعية على تلك الأموال بتوظيفها في مجالات تبدو مشروعة.

وبالتالي ينعم الفرد بالأموال التي تم الحصول عليها من جريمة أو حصل عليها غيره من جريمة بكيفية علنية وكأنها أموال نظيفة. وبهذا فإن غسل الأموال ومكافحة الإرهاب يفسد الكيان الاقتصادي للدولة والنظام المالي والمصرفي، كما يفسد الجهاز الإداري ورجال إنفاذ القوانين وتفسد الجهاز السياسي وتنحرف بالقيم الاجتماعية.

Email