تضاعفت أكثر من 300 مرة وسجّلت قفزات كبرى عاماً تلو الآخر

1.14 تريليون درهم مجموع الميزانيات الاتحادية للإمارات خلال 47 عاماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

فاق مجموع الميزانيات المالية الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من تريليون و149 مليار درهم خلال 47 عاماً، حيث تضاعفت أكثر من 300 مرة، من 200 مليون درهم عام 1972 إلى 60.3 مليار درهم عام 2019.

وفي الوقت الذي تشهد فيه الميزانية الاتحادية، قفزات متتالية كبرى عاماً تلو الآخر، كان القاسم المشترك بين الميزانيات السبع والأربعين التركيز المتواصل على تحقيق الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين، حيث أولت اهتماماً كبيراً بالقطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم، كما عملت على توجيه الموارد المالية لتحقيق أعلى درجات الرخاء والرفاهية من خلال الاهتمام بتوفير السكن الملائم والرعاية الصحية والتعليم والعيش الكريم كركائز أساسية لتنمية المجتمع.

وكان الهدف الدائم من التطور المستمر في الميزانيات الاتحادية وزيادة الاعتمادات المالية، تنفيذ خطط ومبادرات تطوير البنية التحتية والارتقاء بمستوى التعليم والخدمات الصحية، وتعزيز أداء كافة القطاعات التي تمس حاجة المواطن والمقيم، إذ طالما منحت الأولوية للمنافع والتنمية الاجتماعية.

مؤشر

وفي رصد لـــ «البيان الاقتصادي»، جاءت الموازنة المعتمدة للعام المقبل كأكبر موازنة اتحادية منذ تأسيس الدولة عام 1971، في مؤشر واضح على قوة الاقتصاد الوطني وتوافر الموارد المالية المستدامة لتمويل المشروعات التنموية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة من خلال خطط طموحة تستشرف آفاقاً جديدة نحو المستقبل.

وتقدر إيرادات الميزانية الاتحادية لعام 2019 بمبلغ 60.3 مليار درهم، ومصروفات تقديرية بالقيمة ذاتها ومن دون عجز للعام الثاني على التوالي بما يؤكد استمرار النهج المتبع منذ عدة سنوات بتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات.

بينما بلغ إجمالي المصروفات للسنوات الثلاث 2019- 2021 نحو 180 مليار درهم ما يلبي احتياجات برنامج الحكومة الهادفة لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين.

وتعد الميزانية البرنامج المالي للحكومة الاتحادية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال التوزيع الأمثل والاستخدام الكفء للموارد في إطار الاستراتيجية الاتحادية على المصروفات المتوقع إنفاقها بواسطة الجهات الاتحادية خلال سنة مالية مقبلة على أن يراعى توازنها إيراداً ومصروفاً.

وعلى مدار تاريخها شهدت الميزانيات الاتحادية تطوراً متواصلاً في الأداء والإعداد بشكل منهجي لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدولة وبما يرتقي بالأداء المالي للجهات والهيئات الاتحادية وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، حيث نجحت في تقديم ترجمة واضحة لاستراتيجية وخطة الدولة الطموح الرامية إلى التطوير والتحديث على مختلف الأصعدة.

ودائماً ما تؤكد الميزانية الاتحادية مضي الدولة قدماً في خططها الاستراتيجية لتعزيز بيئة الاستثمار بما يؤكد قوة الوضع المالي والاقتصادي للدولة ويعزز مكانتها كأحد أهم المقاصد الإقليمية والعالمية للتجارة والاستثمار والأعمال الاقتصادية، وكذلك تعزيز الثقة في الاقتصاد المحلي ما يساعد على استقطاب مزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين والمقيمين والمساهمة في دفع مسيرة التنمية المستدامة التي تهدف إلى تحقيق الرفاه والازدهار لأفراد المجتمع في شتى مجالات الحياة.

البداية

وكانت البداية في مطلع السبعينات من القرن الماضي وتحديداً في عام 1972 مع تطبيق ما عرف بـ «ميزانية البنود» التي يتم من خلالها تحديد أنواع وأحجام النفقات لتقابلها اعتمادات لكل بند من بنود الميزانية دون ربطها بالأهداف المطلوب تحقيقها.

وانتقلت وزارة المالية في إعداد الميزانية الاتحادية إلى «ميزانية البرامج والأداء» سنة 2001 مروراً بــ «الميزانية متوسطة المدى لــ 3 سنوات» بدءاً من 2008 إلى الميزانية الصفرية متوسطة المدى في عامي 2011/‏‏‏ 2013 وفقاً لمبادئ «الميزانية الصفرية» التي تحدد الأنشطة والخدمات مقابل تكلفة كل منها، ما يعني أفضل توظيف للموارد والنفقات وصولاً لتحقيق أفضل النتائج إلى التصنيف الوظيفي والنظام الآلي سنة 2014 وصولاً إلى الميزانية الصفرية الخمسية 2017/‏‏‏ 2021.

وجاء الهدف الأساسي من تطوير عملية إعداد مشروع الميزانية في شكل خطط دورية كل خمس سنوات في تطوير مستوى الخدمات الاجتماعية والتركيز على رفع مستوى الخدمات الحكومية الذكية وزيادة نسبة رضا المتعاملين تجاه جهود الحكومة الاتحادية في توفير الرفاهية والرخاء والسعادة والأمن.

5 مراحل

ويمر إعداد الميزانية بـ 5 مراحل هي التخطيط والإعداد ثم المراجعة والاعتماد ومن ثم التنفيذ استناداً إلى القوانين والأنظمة والتعاميم والأدلة الخاصة حيث يصدر وزير المالية في شهر مارس سنويا تعميماً يحدد فيه الخطوط اللازمة لإعداد مشروع ميزانية للسنة التالية يشتمل على سقف الميزانية والأهداف الاستراتيجية المعتمدة والمؤشرات والتوقعات الخاصة بالإيرادات والموعد المحدد لتقديم مشروع الميزانية للوزارة، كما يُصدر تعميماً آخر بإقفال الحسابات وإعداد الحساب الختامي عن السنة المالية المنتهية.

وتحدد كل جهة اتحادية برامجها وخططها ومؤشرات أدائها الرئيسية استناداً للخطة الاستراتيجية المعتمدة من مجلس الوزراء، وفي حدود سقف الميزانية كما تعد جميع هذه الجهات التقديرات المبدئية لإيراداتها ومصروفاتها موزعة على الأبواب والبنود والبرامج والأنشطة المتفق عليها متضمنة مقاييس الأداء ومؤشرات الكفاءة وفقاً للتعميم الذي يصدره وزير المالية ويحدد فيه موعد تقديمها.

6 خطوات

ويتم إصدار قانون الميزانية من خلال 6 خطوات فتتولى وزارة المالية إعداد مشروع القانون السنوي لربط الميزانية وإعداد مشروع قرار الخطة متوسطة المدى ثم عرض المشروعين على مجلس الوزراء لمناقشتهما وإعدادهما بالصيغة النهائية التي يوافق عليها وعرض مشروع قانون ربط الميزانية العامة والميزانيات المستقلة على المجلس الوطني قبل بدء السنة المــالية بشهرين لمناقشته وإبداء ملاحظاته بشأنه ثم يتم رفع مشروع القانون إلى المجلس الأعلى للاتحاد مصحوباً بهذه الملاحـــظات وتخطر وزارة المالية الجهات الاتحادية كافة فور صدور قانون ربط الميزانية وتبلغها بالاعتمادات المخصصة لكل منها.


الموازنة الخمسية

دأت الحكومة تنتهج سياسة الموازنة الخمسية وفقاً لأعلى المعايير الدولية المعتمدة من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تم اعتماد خطة الميزانية الاتحادية الخماسية خلال الفترة 2017-2021 من قبل مجلس الوزراء بحجم 247.3 مليار درهم، وقد أعدت وفقاً لمبادئ الميزانية الصفرية التي تعتمدها الإمارات، وجاءت منسجمة مع المشاريع المعتمدة في استراتيجية الحكومة الاتحادية.

وتعكس الميزانية الاتحادية للسنوات الثلاث المقبلة الثقة المالية والاقتصادية التي تتمتع بها الدولة، ورسوخ أقدامها، وحرصها على المضي قدماً في تنفيذ برامجها التنموية المستدامة الموضوعة مسبقاً، وفق خطة استراتيجية طويلة المدى حتى العام 2030 في شتى المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها.

ورغم ضخامة موازنة الحكومة الاتحادية مقارنة بمثيلتها السابقة إلا أنها وحدها لا تعكس كلياً متانة وقوة اقتصاد الدولة، لا سيما وأن هناك موازنات خاصة بالإمارات المحلية، وخصوصاً موازنتي دبي وأبوظبي، وهي جميعاً تقدم مؤشرات عامة ومهمة عن الأوضاع المالية وكفاءة الإنفاق الحكومي للدولة.

وتُشكل الميزانية الاتحادية جزءاً من مساهمات الحكومات المحلية، وما تحصله من رسوم على الخدمات إضافة إلى دخل الحكومة الاتحادية من الضرائب خصوصاً تلك التي بدأ تطبيقها مطلع العام الجاري وفي مقدمتها ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% وسبقها الضريبة الانتقائية بنسبة تتراوح بين 100 و200% على المشروبات والتبغ بأنواعها، والتي يقدر أن تؤمن نحو 22 مليار درهم سنوياً - وفق تقديرات رسمية - ما يعزز التوقعات بانتقال الموازنة إلى مرحلة تحقيق الفائض هذا العام خاصة مع التحسن الكبير في أسعار النفط.

زخم

وتأتي الزيادة الأساسية لإيرادات مشروع ميزانية 2019 عن ميزانية 2018 بنسبة 17.3% نتيجة عدة أسباب: الأول زيادة حق الامتياز وإيرادات ورسوم الوزارات بنسبة 33.2% من 24.8 مليار درهم في العام الجاري إلى 33.1 ملياراً في العام المقبل (تمثل 55% من إجمالي الإيرادات) بما يؤكد أن النمو المتوقع في الإيرادات يرجع إلى الزخم الاقتصادي وزيادة عدد المعاملات وليس العوائد الضريبية، حيث لم تتضمن موازنة السنة الحالية أي مساهمات من عوائد ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية.

والثاني: الزيادة في ارتفاع نسبة الرسوم على الخدمات التي تقدمها الوزارات من 16.1 ملياراً إلى 19.2 ملياراً بنسبة ارتفاع 19.81%.، أما السبب الثالث يتمثل في زيادة عوائد الإمارات للاستثمار لتساهم بنحو 5 مليارات مقارنة بمساهمته في موازنة 2018. كما ارتفعت عوائد الاستثمارات الحكومية 8% إلى 8.85 مليارات (تمثل 14.6% من إجمالي الإيرادات)، فيما بقيت مساهمة الإمارات كما هي عند 18.3 ملياراً (تمثل 30.3% من الإيرادات).

وحققت الموازنة العامة للسنة المالية 2019 أعلى نسبة نمو على أساس سنوي بنحو 17.3%، كما زادت الإيرادات العامة في الحكومة الاتحادية بنسبة 54% من 38.1 مليار درهم إلى 60.3 مليار درهم بين السنوات 2011 -2019، فيما ارتفعت مصروفات الحكومة من 41 مليار درهم في 2011 إلى 60.3 مليار درهم في 2019 بنمو نسبته 47%.
تنمية اجتماعية

وحظيت القطاعات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين وخدماتهم بالنصيب الأكبر من الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2018، فقد تم تخصيص 25.5 مليار درهم لبرامج التنمية الاجتماعية بنسبة 42.3% من إجمالي الميزانية العامة.

وفي إطار الخطط المتواصلة للحكومة لتقديم برامج تعليمية لها دور في بناء جيل المستقبل في إطار بناء أسس الاقتصاد القائم على المعرفة وترسيخه بما يتناسب مع التوجهات العالمية تم تخصيص 10.3 مليارات درهم للتعليم بنسبة 17% من إجمالي الميزانية، منها تكاليف برامج التعليم العام 6.7 مليارات بنسبة 11.1%، وبلغت تقديرات التعليم العالي والجامعي 3.6 مليارات بنسبة 6%، حيث خُصص للأهداف والبرامج لجامعة الإمارات 1.4 مليار، ولكليات التقنية العليا مليار درهم، وجامعة زايد 435 مليوناً.

ووصلت اعتمادات برامج ضمان الحقوق الاجتماعية وتفعيل الدمج المجتمعي بوزارة تنمية المجتمع 3.2 مليارات درهم، بنسبة 5.3% لتأكيد رعاية الدولة للفئات التي تستحق الدعم، وتقديم الإعانات إلى الفئات الخاصة التي تحتاج إلى الرعاية، كما خصص 1.6 مليار درهم لبرنامج الشيخ زايد للإسكان، لتقديم المنح لتوفير السكن الملائم لمواطني الدولة بنسبة 2.6%، وبلغت اعتمادات برامج المنافع الاجتماعية -المعاشات 4.5 مليارات درهم، بنسبة 7.4%.

تحسن ملموس للموازنة العامة العام الجاري

من المتوقع أن تشهد الموازنة العامة الاتحادية والموازنة العامة على مستوى الدولة تحسناً ملموساً خلال العام الجاري، بعد أن اتخذت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية إجراءات محددة من شأنها تعزيز الأداء المالي للدولة.

وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة المالية، بلغ إنفاق الوزارات في الدولة 10.44 مليارات درهم، خلال الربع الأول من 2018.

وتبلغ القيمة الإجمالية لمشروع الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2018 نحو 51.4 مليار درهم، بزيادة قدرها 5.6% عن إجمالي اعتمادات ميزانية السنة المالية السابقة 2017.

ووزعت اعتمادات الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2018 على القطاعات الرئيسة في الدولة، حيث بلغت حصة الميزانية المخصصة للتنمية الاجتماعية والمنافع الاجتماعية 43.5% من إجمالي الميزانية العامة.

تقرير

وكان المرسوم الصادر عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة«حفظه الله»، في سبتمبر الماضي، بشأن تقرير اعتماد إضافي للميزانية العامة للاتحاد وميزانيات الجهات المستقلة الملحقة عن السنة المالية ونص المرسوم بقانون الذي نشر في الجريدة الرسمية الاتحادية على زيادة تقديرات مصروفات الميزانية العامة للاتحاد عن السنة المالية 2018 بمبلغ مليار و969 مليوناً و269 ألف درهم، يمول من الاحتياطي العام للدولة، وبذلك تكون القيمة الإجمالية للميزانية الاتحادية المقررة لعام 2018 قد ارتفعت إلى 53.35 مليار درهم.

ووفقاً لتقرير الأداء المالي توزعت النفقات خلال الربع الأول على الخدمات العمومية العامة بقيمة 3.277 مليارات درهم بحصة نسبتها 31.4%، ثم الدفاع بحصة 1.504 مليار درهم بنسبة 14.4%، وجاء قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة بحصة قيمتها 2.346 مليار درهم بنسبة 22.5%، تلاه الشؤون الاقتصادية بقيمة 244 مليون درهم بنسبة 2.3%، ثم حماية البيئة بقيمة 49 مليون درهم بنسبة 0.5%.

أفضل الممارسات

تحرص وزارة المالية على توفير البيانات المالية التحليلية لأداء الجهات الاتحادية وفق أفضل الممارسات العالمية، وذلك انطلاقاً من التزامها بتحقيق أعلى معايير الشفافية، واستناداً لأحكام القانون بشأن قواعد إعداد الميزانية العامة والحساب الختامي والقواعد المنظمة لصرف النفقات وتحصيل الإيرادات. وأظهر تقرير الأداء المالي لتنفيذ ميزانية الحكومة الاتحادية لعام 2017، أن نسبة التنفيذ وصلت إلى 100%.

Email