19 % فقط من شركات التكرير تعطي أولوية للاستثمار بالرقمنة

16 مليار دولار مكاسب توظيف التقنيات بالنفط والغاز

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد بول كارثي، المدير العام للموارد الصناعية في الشرق الأوسط وتركيا لدى شركة «أكسنتشر» أن صناعة النفط والغاز محلياً وعالمياً يمكنها أن تحقق مكاسب بقيمة تقارب 16 مليار دولار عند استخدام المزيج الصحيح من التقنيات الحديثة، وذلك بحسب دراسة أجرتها الشركة مؤخراً.

وفي تصريحات لـ«البيان الاقتصادي»، أوضح كارثي أنه نظراً لأعمال الصيانة المعقدة والخطيرة أحياناً التي ينفذها فريق العمل في منشآت النفط والغاز، يجري استخدام علامات التعرف بالتردد الراديوي (RFID) القابلة للارتداء والشبكات اللاسلكية لتتبع مواقعهم وقياساتهم الحيوية والبيئات التي يعملون بها، ويطلق على هذه العملية مصطلح (Industry X.0)، حيث تعمل التقنيات مع بعضها لتحقيق التحول الرقمي في الأعمال لتغدو مؤسسات ذكية ومتصلة.

وبفضل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الفورية للبيانات، أصبح بإمكان المديرين الاستجابة على الفور لأي مستجدات، وتوقع الحاجة لتقديم الدعم، وإعادة تكليف الفرق التي تكمل مهماتها مبكراً، بل ومنع وقوع الحوادث من خلال تحديد مستوى إجهاد الموظفين.

ويمكن أيضا توفير الملايين بفضل تقليل فترات توقف العمل. وهكذا فإن، الجمع بين التقنيات اللاسلكية والتقنيات القابلة للارتداء والتقنيات السحابية والمتنقلة والتحليلات من شأنه أن يحسّن بشكل كبير من إنتاجية العمال وأمانهم ومستويات التعاون فيما بينهم، فضلاً عن تحسين المرونة والابتكار وتعزيز تدفق الإيرادات.

تعزيز الإنتاجية

وأشار إلى أنه رغم نجاح البرامج التجريبية، فإن شركات النفط والغاز في الشرق الأوسط تحتاج إلى الخروج عن نطاق الاستراتيجيات والدفع بقوة باتجاه التنفيذ، مع تطوير وتوسيع نطاق البرامج التجريبية بحيث تشمل الفوائد جميع أقسام الشركة. وأضاف: مع تراجع أسعار النفط وانخفاض الطلب وتباطؤ الاستثمارات، تتعرض شركات النفط والغاز في الشرق الأوسط لضغوط لتعزيز الإنتاجية من خلال الرقمنة. لكن مع ذلك، لا تزال الاستثمارات متفاوتة، ففي قطاع التكرير، على سبيل المثال، وجد استطلاع حديث للرأي أجرته أكسنتشر أن 19% فقط من الشركات تولي أولوية للاستثمار في الرقمنة. لذا، يتعين على اللاعبين الكبار في قطاع النفط والغاز في المنطقة أن يواكبوا التقنيات والأفكار الجديدة إذا ما أرادوا أن يضمنوا لأنفسهم مكاناً بين قادة المستقبل.

كفاءات تشغيلية

ولكي تتمكن الشركات من تحقيق أقصى استفادة من العصر الرقمي، يؤكد كارثي أن دمج الكفاءات التشغيلية للثورة الصناعية الرابعة في بيئة العمل لا يكفي، بل يتعين عليها الاستفادة من مزيج التقنيات الرقمية التي ستمنحها الميزة التنافسية، وهي في هذه الحالة تقنيات Industry X.0 التي تقدم خريطة طريق واضحة للتحول الرقمي. لذا فإن استخدام المزيج المناسب والصحيح من التقنيات يساعد الشركات على صناعة منتجات ذكية وخدمات مترابطة، وإعادة تشكيل نماذجها التشغيلية وسلاسل الإنتاج والقيمة، مما يؤدي إلى مستويات جديدة من الكفاءة، ومصادر جديدة للنمو، وتجارب جديدة للموظفين والعملاء.

5 تقنيات

ولفت كارثي إلى دراسة أجرتها «أكسنتشر» شملت 900 شركة ضمن أكبر 21 دولة صناعية عالمياً، وأظهرت أن خمس تقنيات رقمية هي الروبوتات المستقلة، والحوسبة على الهواتف والأجهزة المتحركة، والسيارات ذاتية القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والتعلم الآلي، يمكنها أن تساعد الشركات على زيادة قيمتها السوقية بما يتجاوز 6 مليارات دولار.

وأضاف: يختلف المزيج الفعلي الذي يحقق النمو والقيمة بحسب القطاعات.

فقد أظهرت بيانات من 65 شركة نفط وغاز في استبياننا بأن القيمة القصوى يمكن تحقيقها في هذا القطاع من خلال الجمع بين التوأم الرقمي (8%)، والروبوتات المستقلة (8%)، والذكاء الاصطناعي (12%)، والبيانات الضخمة (27%)، والواقع المعزز (28%).

استكشاف وإنتاج

وأضاف: يمكن لشركات الاستكشاف والإنتاج، بشكل خاص، اكتساب كفاءات هامة من خلال رقمنة ومكاملة نظم الهندسة والإنتاج والدعم لديها. وتعدّ تقنيات التوأم الرقمي التي توفر نسخة رقمية عن الأصول الفعلية، والعاملون المتصلون عبر الإنترنت، عناصر أساسية في مبادرة تحوّل العمليات الأساسية.

ومع تقنيات التوأم الرقمي، يمكن لشركات الإنتاج تحسين كفاءتها بطريقة افتراضية، بدون المخاطرة بأصولها الفعلية، وتدريب العاملين فيها بدون تعريضهم للأذى، والانتقال نحو نموذج صيانة تنبئي.

ومع وجود تقنيات استشعار تتنبأ بضرورة إجراء الصيانة، يتم الحدّ من أوقات الانقطاعات والتكاليف غير المخطط لها. وفي الوقت نفسه، تتيح التقنيات القابلة للارتداء أمام العامل المتصل بالإنترنت مجالاً للوصول المستمر إلى المعلومات، سواء عبر قاعدة بيانات، أو بشكل مباشر من طرف خبير في أي مكان حول العالم، كما يتلقى العامل تحذيرات فورية عن حالات الخطر المحتملة.

وعندما يتم الدمج بين الإنسان والآلة والمعلومات على نحو فعال، تكون النتيجة تحسناً شاملاً لسلسلة القيمة بأكملها، بدءاً من المستودع ووصولاً إلى السوق.

وتابع قائلاً: يمكن للتخطيط المتكامل، وسرعة اتخاذ القرار في منشأة تسويق وتوزيع رقمية بالكامل أن تزيد من هوامش الربح الإجمالي بمعدل 15-20 سنتاً للبرميل، في حين تتيح الرؤية المباشرة والقدرات التنقلية في هذا المجال، إمكانية زيادة الكفاءة التشغيلية بنسبة تصل إلى 50%، مع تقليل زمن الاستجابة للحوادث بنسبة تصل إلى 60%.

وتتطلب المنشآت الصناعية الذكية قوة عاملة ذكية أيضاً بحسب كارثي، وهناك حاجة ملحة لإعداد القوى العاملة الحالية والمستقبلية لبيئة عمل تشمل الإنسان والآلة جنباً إلى جنب

تعاون

وتعمل شركات النفط الكبرى في المنطقة، على المستويين الداخلي والخارجي، مع الجامعات والحكومات سعياً لتحقيق هذا الهدف، وتدريب المواهب وإعدادها للعمل في قطاع الطاقة. ولكن، على الرغم من إحراز التقدم، إلا أنه لا يتم بالسرعة الكافية، قياساً على التسارع في تقادم القوة العاملة في المنطقة، والمنافسة التي تواجهها هذه الصناعة من قطاعات أخرى أكثر جذباً للانتباه.

مشاركة المعارف

مع التقدم الكبير الذي تشهده التقنيات الرقمية، ينبغي على المؤسسات أن تتشارك بمعارفها للوصول إلى المجموعة الكاملة من الفوائد التي تقدمها، بدءاً من التكاليف المخفضة، ووصولاً إلى تسريع الابتكار، فإن الاستثمارات الجزئية لن تحقق النتائج المرجوة منها، وقد حان الوقت للالتزام التام بالرقمنة، وبناء مؤسسات معيشة وتعلم ذكية متصلة بالإنترنت، وقادرة على ضمان السلامة والإنتاجية والابتكار، وتحقيق الأداء المالي المتميز. وعندما يتم التوسع في البرامج التجريبية بصورة كافية، والمضي بالاستراتيجيات إلى مرحلة التنفيذ، ستتمكن شركات المنطقة من تحقيق مكانتها المتميزة على الساحة العالمية.

Email