صناعة النفط الوطنية.. اكتشافات كبرى ومشاريع عملاقة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد صناعة النفط الوطنية نقلة نوعية كبيرة تظهر معالمها بقوة في الاستمرار في ضخ استثمارات ضخمة بمليارات الدراهم في مشروعات نفطية عملاقة، وزيادات غير المسبوقة في إنتاج النفط والغاز والبتروكيماويات، والإعلان عن اكتشافات كبرى جديدة تفتح الباب على مصراعيه لمضاعفة الإنتاج وإحداث تغييرات جذرية في هيكلية الإنتاج للاستفادة من كل قطرة نفط في صناعات بتروكيماوية واعدة، إضافة إلى استهداف أسواق جديدة تشهد نمواً متسارعاً.

وستقطف صناعة النفط الوطنية خلال السنوات المقبلة ثمار ما استثمرته خلال السنوات الثلاث الماضية وما سوف تستثمر خلال الأعوام الخمسة المقبلة بعد أن ودعت أسعار النفط هاوية الانخفاض وتتجه نحو الارتفاع لتتجاوز وفقاً للتوقعات مستوى 80 دولاراً خلال العام الجاري.

ورغم أن الأيام والشهور الماضية شهدت تذبذباً بين ارتفاع وانخفاض أسعار النفط عند مستويات من 70 دولاراً إلى 80 دولاراً إلا أن مؤشرات عديدة تؤكد توجه أسعار النفط للارتفاع في الأسواق العالمية لارتفاع الطلب العالمي، وطبقاً لأحدث مؤشرات منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» فإن متوسطات سعر البرميل للعام الجاري (مستوى سبتمبر) تصل لنحو 77.18 دولاراً، مقابل 53.42 دولاراً لعام 2017 و42.89 دولاراً لعام 2016، ويرجع ارتفاع الأسعار بشكل رئيس إلى تنامي احتياجات الأسواق العالمية وخاصة أسواق الدول الناشئة.

ويؤكد الارتفاع المتواصل لأسعار النفط نجاح استراتيجية دولة الإمارات في الاستمرار في ضخ الاستثمارات الكبيرة في القطاع خلال سنوات التراجع الحاد في الأسعار (2015 - 2016 - 2017)، وفي المقابل دفع التراجع الحاد في الأسعار من 110 دولارات للبرميل خلال النصف الأول من 2014 إلى 28.88 دولاراً خلال النصف الثاني من 2015 وهو أدنى مستوى للأسعار خلال 13 عاماً، إلى إحجام غالبية الدول وشركات النفط العالمية عن الاستثمار في القطاع بسبب قلة العوائد وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، إضافة إلى معاناة الأسواق العالمية من وجود تخمة كبيرة في المعروض تسبب فيها بشكل رئيس النفط الصخري الأميركي.

وطبقاً للتقرير السنوي لمنظمة أوبك فإن أسواق النفط ظلت تعاني من آثار الانهيار الحاد في أسعار النفط ما أدى إلى تراجع الاستثمارات الموجهة للإنفاق على التنقيب والإنتاج بأكثر من 300 مليار دولار، في حين يحتاج القطاع إلى 10 تريليونات دولار من الاستثمارات المتعلقة بالنفط خلال الفترة الزمنية حتى عام 2040، لتلبية الطلب العالمي على الطاقة في المستقبل.

رؤية حكيمة

ووفقاً للرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة في الدولة التي أكدت أن تراجع الأسعار أمر طارئ فقد واصلت الإمارات ممثلة في شركة «أدنوك» استثماراتها على ثلاثة محاور رئيسة:

الأول قطاع النفط: وجهت الشركة استثماراتها لاكتشاف آبار جديدة، وارتفع عدد الآبار المنتجة للنفط كما تؤكد أحدث إحصائيات لمركز إحصاء أبوظبي من 2624 بئراً لعام 2015 إلى 2750 بئراً لعام 2017 بزيادة 126 بئراً، كما استكملت شركة أدنوك البحرية مشروع مجمع نصر الضخم الذي يعد واحداً من أكبر المجمعات النفطية في العالم، ويضيف نحو 65 ألف برميل يومياً من النفط ليحقق هدف أدنوك برفع طاقتها الإنتاجية إلى 3.5 ملايين برميل يومياً في نهاية العام الجاري.

كما تتواصل الأعمال في تطوير حقول سطح الرازبوت وأم اللولو وأم الشيف، وزاكوم السفلي، وسطح، وأم الدلخ، كما وجهت الشركة خلال السنوات الماضية استثمارات إضافية لمشاريع آبار حقول أدنوك البرية لترفع طاقتها الإنتاجية من 1.4 مليون برميل إلى 1.8 مليون برميل يومياً بنهاية العام الجاري.

الثاني مشاريع الغاز: واصلت أدنوك مشروع توسعات حقل شاه أكبر حقل للغاز الحامضي في العالم لرفع طاقته الإنتاجية إلى 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً، كما سمحت بأعمال تنقيب ودراسة لعدد من الحقول الجديدة منها حقل الشويهات.

الثالث مشاريع البتروكيماويات: واصلت الشركة خلال السنوات الماضية توسعات مشروع بروج وأعلنت عن خطة توسعية أكبر لإنشاء أكبر مجمع للصناعات البتروكيماوية في العالم باستثمارات تصل إلى 165 مليار درهم.

الأكبر في تاريخ الدولة

أكد الدكتور مطر حامد النيادي وكيل وزارة الطاقة والصناعة أن رؤية دولة الإمارات ممثلة في شركة أدنوك في الاستمرار في ضخ الاستثمارات في قطاع النفط والغاز خلال السنوات الماضية أثبتت صوابها بشكل كبير، مشيراً إلى أن الاستثمارات الأخيرة التي أعلن عنها المجلس الأعلى للبترول تميزت بالضخامة فهي الأكبر في تاريخ دولة الإمارات، وجاءت استمراراً للاستراتيجية الناجحة للدولة، وبلا شك فإن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لضخ هذه الاستثمارات الضخمة التي سيكون لها أثر كبير في مختلف الجوانب الاقتصادية في الدولة.

ولفت إلى أن هذا الحجم من الاستثمار سيعمل على تعزيز المناخ الاستثماري في الدولة وخلق أنشطة اقتصادية وصناعية جديدة، تعزز وتقوي الصناعات المحلية القائمة الأمر الذي سيكون له أثر إيجابي كبير في اقتصاد الإمارات خلال السنوات المقبلة. وشدد على النجاح الكبير الذي يحققه برنامج القيمة الوطنية المضافة الذي بدأت شركة أدنوك بتنفيذه في مطلع العام، حيث استفادت قطاعات أخرى صناعية واقتصادية في الدولة منه بشكل كبير.

خلق فرص عمل

وقال إن الاستثمارات الجديدة سوف تعمل على خلق فرص عمل جديدة لأبناء الدولة، إضافة إلى نقل تقنيات علمية حديثة للقطاع الصناعي والاقتصادي في الدولة والبدء بتصنيع منتجات جديدة في الدولة الأمر الذي من شأنه أن يعزز جهود الدولة في تحفيز المستثمرين على التصنيع في الدولة، موضحاً أن هذه الجهود تتوافق مع مشـــروع استراتيجية الصناعة 2030 الذي تعمل وزارة الطاقة والصناعة على إعدادها.

وشدد النيادي على ضرورة المواصلة بقوة في الاكتشافات الجديدة، مثمناً قرار حكومة أبوظبي في وقت سابق من العام الجاري بطرح ست مناطق لاستكشاف وتطوير وإنتاج النفط والغاز من خلال مزايدة تنافسية، وخاصة في ظل تقديرات مؤكدة أن هذه المناطق الجديدة تحتوي على موارد كبيرة تقدر بعدة مليارات من براميل النفط وتريليونات من الأقدام المكعبة من الغاز الطبيعي وبلا شك فإن استراتيجية منح تراخيص مناطق الاستكشاف والإنتاج تشكل تقدماً كبيراً في جهود أبوظبي لتعزيز قيمة الموارد الهيدروكربونية وتوفير فرص جديدة كما أنها تتوافق مع نهج أدنوك لتوسيع نطاق الشراكات الاستراتيجية في جميع مجالات الأعمال.

وأفاد بأن هذه الاستكشافات الجديدة سوف تعمل على تعزيز احتياط وقدرات الدولة الإنتاجية ومكانتها في الأسواق العالمية، وفي ما يتعلق بالغاز فإن اكتشاف 15 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز سوف يساهم أكثر في تعزيز أمن إمداد الغاز في الدولة وتعزيز القدرات التصديرية لدولة الإمارات بشكل كبير، منوهاً أنه خلال الفترة الماضية سنحصد ثمار السياسة الناجحة للإمارات وأدنوك في استمرار ضخ الاستثمارات في قطاع النفط والغاز وخاصة مع ارتفاع أسعار النفط بشكل جيد.

زيادة النمو الاقتصادي

ومن جانبه قال الدكتور ناصر السعيدي الخبير الاقتصادي رئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه في دبي إن أوضاع الاقتصاد العالمي وأسعار النفط حالياً تغيرت كثيراً عن عامي 2014 و2015، فاليوم حالة الاقتصاد العالمي إيجابية وهناك توقعات مؤكدة بزيادة النمو الاقتصادي العالمي ما بين 3.7% و3.9% لعامي 2018 و2019، وغالبية شركات النفط العالمية مثل توتال الفرنسية وبي وبي البريطانية وأوكسيدنتال الأميركية وشل وغيرها عادت بقوة لضخ استثمارات كبرى في القطاع.

علماً بأن غالبية هذه الشركات أحجمت عن الاستثمار في القطاع بعد أن تهاوت أسعار النفط بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية، والكل يسابق الزمن اليوم لتعويض ما فاته من استثمارات وخاصة أن الطلب على النفط يتزايد وسيتزايد خلال الفترة المقبلة وخاصة من الأسواق الناشئة التي تحتاج إلى كميات أكبر من الطاقة.

ونوه السعيدي إلى أن أهم حدث يشهده قطاع الطاقة العالمي هو أن الطلب على الطاقة وخاصة النفط والغاز لم يعد أميركياً أو أوروبياً فقط كما كان يحدث خلال السنوات الماضية ولكن الطلب يتركز في الدول سريعة النمو والمعروفة بالدول الناشئة وخاصة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ومن الطبيعي أن تتزايد احتياجات هذه الدول للطاقة لتلبية احتياجات نموها السريع.

الأسواق الأسيوية

وأضاف السعيدي: «لا بد من التركيز بصورة أكبر على الأسواق الآسيوية والأفريقية وفتح منافذ تصدير لها، ولا شك في أن الاستثمارات الضخمة التي أعلنت عنها أدنوك مؤخراً ستزيد إنتاجها بشكل كبير ولا بد من التركيز بشكل أفضل على المنتجات البتروكيماوية لوجود أسواق كبيرة متعطشة لها بشكل كبير».

ورأى أن اقتصاد الإمارات بل اقتصاد المنطقة سيستفيد من الاستثمارات الضخمة التي رصدتها أدنوك حيث ستنعش الاقتصاد وتدفعه للنمو الإيجابي القوي وستوفر فرص عمل جديدة وتنشط غالبية القطاعات الاقتصادية في أبوظبي والإمارات.

قطاع خدمات النفط

ومن ناحيته قال نبيل العلوي، الرئيس التنفيذي لشركة المنصوري للاختصاصات الهندسية، إن القطاع تأثر بتراجع أسعار النفط خلال السنوات الماضية مؤكداً أن مشاريع خدمات النفط كانت مستمرة لكن ليس بوتيرة قوية جداً كما كان من قبل عام 2014، وبلا شك فإن استثمارات أدنوك في القطاع كانت مستمرة وخففت الكثير عن الشركات، والاستثمارات الجديدة ستعطي لشركات خدمات النفط دفعة أكبر للعمل.

ورأى أن اعتماد خطط زيادة السعة الإنتاجية من النفط الخام، واعتماد الخطة الاستثمارية بقيمة 486 مليار درهم للسنوات الخمس من 2019 إلى 2023، واعتماد استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز والتحول من مستورد إلى مصدر، سيكون له دور رئيس في تعزيز النشاط بالقطاع وتحسينه وخاصة أن هذه المشاريع النفطية والغازية تعد استثماراً طويل المدى، وتستغرق المزيد من الوقت في عمليات التصميم والتنفيذ والتشغيل.

وأضاف: «بلا شك سينعكس أثرها بالإيجاب في الأوضاع الاقتصادية ككل، كما أنها ستعمل على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للدولة، ولا سيما بعدما شهدت الأشهر الأخيرة الكشف عن العديد من الحوافز والتسهيلات لجذب الاستثمارات الأجنبية للدولة، وإدخال تغييرات في نظام تملك الأجانب للشركات في الدولة، يسمح بتملك المستثمرين العالميين لـ100% من الشركات مع نهاية العام الجاري».

وأشار إلى أن الاستثمارات الجديدة لأدنوك ستشجع الكثير من الشركات الوطنية العاملة في قطاع خدمات النفط على زيادة استثماراتها وتوسيع أعمالها، ما يساهم في تحسن أوضاع الشركات العاملة بالقطاع، بعد فترة من التباطؤ بالسوق، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي في مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة قطاعات المقاولات والنقل والتجارة إضافة إلى استفادة الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التي يرتبط عملها بمجال النفط والغاز.

نمو الصادرات السنوية

قفز إنتاج أبوظبي من المنتجات البترولية المكررة من 19.2 مليون طن متري عام 2010 بمتوسط يومي 52.7 ألف طن متري إلى 40.6 مليون طن متري عام 2017 بمتوسط يومي 112 ألف طن متري وبنسبة زيادة 111%، وارتفعت الطاقة التصميمية للتكرير من 605 آلاف برميل يومياً عام 2010 إلى 922 ألف برميل يومياً عام 2017 بنسبة زيادة 82.6%، وشهدت كمية الصادرات السنوية من المنتجات البترولية المكررة ارتفاعاً من 8.3 ملايين طن متري عام 2010 إلى 24.7 مليون طن متري بنسبة زيادة 201%.

كما شهد إنتاج المشتقات البترولية المكررة ارتفاعاً كبيراً خلال السنوات من 2010 إلى 2017، حيث ارتفعت كمية الإنتاج من غاز البترول المسال من 579 ألف طن متري عام 2010 إلى 740 ألف طن متري عام 2017، والبنزين الخالي من الرصاص من مليونين و284 ألف طن متري إلى مليونين و597 ألف طن متري والنفتا من 4.8 ملايين طن متري إلى 9.2 ملايين طن متري ووقود الطائرات من 5.7 ملايين طن متري إلى 10.5 ملايين طن متري والديزل من 4.7 ملايين طن متري إلى 9.1 ملايين طن متري، وزيت الوقود الثقيل من 1.1 مليون طن متري إلى 8.3 ملايين طن متري والكبريت من 38.9 ألف طن متري إلى 90 ألف طن متري وزيوت التشحيم إلى 230 ألف طن متري.

ضعف النفط الصخري

تؤكد تقديرات ومؤشرات منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك) أن أسعار النفط مقبلة على ارتفاع، حيث بلغ متوسط سعر البرميل عام 2016 نحو 42.89 دولاراً ثم ارتفع إلى 53.42 دولاراً للبرميل عام 2017 ثم إلى 77.18 دولاراً لسبتمبر 2018، وهذا الارتفاع يرجع بشكل رئيسي إلى تنامي احتياجات الدول الناشئة للطاقة إضافة إلى النمو الإيجابي للاقتصاد العالمي خلال العامين الجاري والمقبل، وغياب مؤشرات شبح الأزمات المالية الكبرى على النظامين الاقتصاديين الأميركي والأوروبي إضافة إلى ضعف شركات النفط الصخري، حيث توارت قوتها وتراجعت استثماراتها عما كانت عليه عام 2014 وما قبلها.

الأسواق الناشئة

تتوجه غالبية صادرات الإمارات النفطية إلى الأسواق غير الأوروبية والأميركية وتركز شركة أدنوك بشكل كبير على الأسواق الآسيوية والناشئة، ووفقاً لإحصاءات التقرير السنوي لوزارة الطاقة والصناعة فإن سوق الشرق الأقصى الآسيوي يستحوذ على 47% من صادرات أدنوك بكــمية 418 مليوناً و383 ألف برميل.

وجاءت اليابان في الترتيب الثاني بنسبة 31% وبكمية 270 مليوناً و637 ألف برميل ثم شبه القارة الهندية بنسبة 20% وبكمية 175 مليوناً و103 آلاف برميل وأفريقيا بنسبة 1% بكمية 7 ملايين و494 ألف برمـــيل وأوروبا بنسبة 1% وبكمية 6 ملايين و752 ألف برميل، وأميركا الشمالية بكمية مليونين و426 ألف برميل والشرق الأوسط 477 ألف برميل على مدار العام.

اقرأ ايضاً

علي الشامسي: كوادر أدنوك البشرية مفتاح نجاحها

حمد العوضي: قطاع الصناعة أبرز المستفيدين من استثمارات «أدنوك»

جمال الظاهري: الاستثمارات النفطية تجسد الرؤية الثاقبة للقيادة

استثمارات بدون توقف منذ 10 سنوات

Email