الضريبة تحت مجهر المجلس الوطني

الرقابة والترشيد مطلبان لإنجاح «المضافة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد مرور أكثر من شهرين على تطبيق «القيمة المضافة»، وضع «البيان الاقتصادي» الضريبة تحت مجهر «المجلس الوطني الاتحادي» والمواطنين معاً، لمعرفة نبض الشارع وصناع التشريعات بعد سريان التطبيق وما هي هواجس المواطنين من تداعيات الضريبة من ناحية تضخم محتمل، أو سلوكيات مرفوضة تماماً من بعض التجار إزاء تعدد فرض أوجه الضريبة، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى ارتفاع نسبة الـ5% القانونية إلى ما قد يصل إلى 20%.

وأكد مواطنون في هذا الصدد أن تطبيق الضريبة حق أصيل للدولة ولا جدال في ذلك، لكن الأهم من ذلك هو المراقبة الحثيثة التي يجب أن تفرض على ضعاف النفوس من التجار، كما يجب التوعية وتشديد الرقابة عبر الجولات التفتيشية لمنع رفع أسعار السلع. وشدد المواطنون على أنه يجب حماية ذوي الدخل المحدود وأصحاب الحالات الخاصة من تداعيات تطبيق الضريبة، واقترحوا عمل بطاقات تمنع تحصيل الضريبة عن فئات الدخل المحدود.

توصية

وأكد أعضاء في المجلس الوطني الاتحادي، من جانبهم، أن المجلس تبنى توصية مرتبطة بضريبة القيمة المضافة لرفعها إلى مجلس الوزراء، تنص على العمل على دراسة إحصائية لحساب معدل الاستهلاك والإنفاق الشهري للمواطن ورفعها إلى مجلس الوزراء، وبناء على النتائج يتم دراسة رفع الرواتب أو تخصيص بدل ليغطي نسبة التضخم الذي سوف ينتج عن فرض الضريبة، وتكون الأولوية للمنتفعين من مساعدات وزارة تنمية المجتمع والمتقاعدين من المدنيين والعسكريين.

وأشار الأعضاء إلى ضرورة أن يكون لدى المواطنين ثقافة الصرف والادخار وتحسين الكفاءة المالية الفردية وترشيد الاستهلاك، مبينين في الوقت ذاته أن اليوم الهاجس لا يتعلق بتطبيق الضريبة، وإنما بتداعيات هذا التطبيق من خلال هاجس زيادة أسعار السلع، وهنا يأتي دور وزارة الاقتصاد في الرقابة على بيع السلع والحد من ارتفاع الأسعار.



مراقبة

وقال مروان بن غليطة، النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي، إن الحديث عن آثار تطبيق الضريبة في الإمارات يخضع إلى شقين، الأول يتعلق بالجهات المسؤولة عن مراقبة الأسعار في الدولة، وفي هذا الصدد يجب على وزارة الاقتصاد تشديد الرقابة لمنع ارتفاع الأسعار بعد تطبيق الضريبة حتى لا تصبح عبئا على المواطنين، وهنا يقع دور على المستهلكين بتقديم شكاوى للوزارة عن السلع التي ارتفعت أسعارها، حتى تستطيع اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن منافذ البيع التي تستغل تطبيق الضريبة بشكل غير مبرر، بهدف عدم إتاحة الفرصة لجشع التجار واستغلال هذا الأمر.



وأضاف: «أما الشق الثاني فيتعلق بالمواطنين أنفسهم، حيث إن عليهم مسؤولية تغير النمط الاستهلاكي، وهذا يأتي من خلال التثقيف والبرامج التوعوية التي تسهم في تغيير السلوك الاستهلاكي من خلال تعريف الأسرة بأهمية الإنفاق الشهري وترشيد الإنفاق للسلع غير الضرورية». وتابع: «فيما يتعلق بديون المواطنين يجب دراسة الأثر على قروض المواطنين والمعاملات والعقود السارية التي سبقت تطبيق الضريبة، ومراعاة هذا الأمر بالنسبة للمواطنين».



التزام

من جانبه، قال سعيد صالح الرميثي عضو المجلس الوطني الاتحادي إن تطبيق الإمارات للضريبة هو التزام بالاتفاقية الخليجية بهذا الشأن، مشيراً إلى أنه يجب أن تكون هناك مرونة في السنة الأولى لتطبيقها، خاصة فيما يتعلق بالعقود التي تم إبرامها قبل بداية 2018، بحيث لا يتم تحميلها الضريبة سواء كانت في التمويل أو التأمين غيرها.



وفيما يتعلق بالبنوك فقد أصدر المصرف المركزي تعليمات واضحة تلزم البنوك بتحمل الضريبة نيابة عن عملائها، وأكد في إشعاره حول «توضيحات بشأن تطبيق ضريبة القيمة المضافة» أنه يجب على البنوك وشركات التمويل أن تمتثل لنظام المصرف المركزي رقم 29/‏‏‏‏‏‏‏2011 بخصوص القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للأفراد، كما يجب أن تكون رسوم الخدمات المتحصلة من العملاء ضمن الحدود المبينة في النظام، ولا يسمح للبنوك وشركات التمويل أن تتجاوز هيكل الرسوم المحدد بالنسبة للعملاء الأفراد بسبب ضريبة القيمة المضافة.

وفي إشعار آخر، أشار مصرف الإمارات المركزي إلى أنه يتعين على البنوك وشركات التمويل الحفاظ على هياكل الرسوم الحالية ومستوياتها وعدم زيادتها للعملاء غير الأفراد كنتيجة لضريبة القيمة المضافة. وأضاف سعيد الرميثي: «لا بد للمواطنين أن يكون لديهم ثقافة الصرف والادخار وتحسين الكفاءة المالية الفردية ولو بنسبة 5%، فهذا يجعلهم يتجنبون أي أثر للضريبة من خلال ترشيد الاستهلاك»، موضحاً أن الهاجس اليوم لدى المستهلكين لا يتعلق بتطبيق الضريبة، وإنما بتداعيات هذا التطبيق من خلال هاجس زيادة أسعار السلع، وهنا يأتي دور وزارة الاقتصاد بالرقابة على بيع السلع والحد من ارتفاع الأسعار.



دور رقابي

بدوره، قال جابر البلوشي إن تأثير تطبيق القيمة المضافة يتباين مع الشرائح المجتمعية المختلفة، وأن هناك من أصحاب الحالات الخاصة وكبار السن الذين يتلقون مساعدات اجتماعية، هم الذين يتأثرون بتوابع هذه الضريبة، مؤكدا أن المشكلة الرئيسية تكمن في استغلال وجشع التجار وأصحاب الاستثمارات بالمبالغة في فرض مبالغ إضافية على التكلفة الحقيقية لأي سلعة.



وأضاف أن الهدف من تطبيق الضرائب يتجسد في تعزيز الخدمات في الدولة، وزيادة قدراتها في تطوير البنية التحتية وغيرها من الأشياء التي يستفيد منها المقيمون، لكن الإشكالية الحقيقية هي في ضعاف النفوس الذين  يريدون تحقيق مكاسب غير مستحقة لهم، معربا عن ثقته بأن هناك رقابة تتم حالياً من قبل الهيئة الاتحادية للضرائب، لكن الأمر يحتاج إلى صرامة أكبر.

وأوضح أن هناك دوراً مهماً على أعضاء المجلس الوطني لإيجاد الطرق والوسائل الحمائية للمواطنين من أصحاب الدخول المحدودة الذين يتأثرون بهذه السلبيات، مقترحاً أن تكون هناك بطاقات مخصصة لهم مثل بطاقة حماة الوطن، يستطيعون من خلالها استرداد القيمة المضافة على السلع التي اشتروها، أو إيجاد آلية ما لمساعدتهم، وتجنيبهم أي التزامات جديدة عليهم، منوهاً بأن الدولة ومؤسساتها لم تضيع فرصة إلا وسارعت لتلبية احتياجات مواطنيها، وعليه فإن التحدي الحقيقي هو حماية الشرائح الاجتماعية التي تستحق الدعم من مثل هذه النماذج السلبية التي لا يردعها شيء سوى تحقيق مكاسب شخصية وهمية.



استغلال

من ناحيته، نبه جمعة الحمودي إلى الاستغلال الحاصل من قبل كثير من التجار الذين تمادوا في تطبيق الضريبة، متسائلاً: «كيف هو الحال عندما نرى أن السلعة يتم تطبيق الضريبة عليها في كل مرحلة من مراحل دخولها الدولة من المستوردين وصولاً لتجار الجملة ومن ثم المحلات؟»، مؤكداً أن الأمر أصبح ملاحظاً بشكل كبير، حتى أنه يعتقد أنها قد تتعدى الـ5 % لتكون 20%.

وأضاف أن الجميع متفق على أهمية دور الدولة فيما يخص فرض الضرائب لصالح تطوير بنيتها وخدماتها وإفادة المجتمع ككل، لكن المؤسف أن التلاعب أصبح مبالغاً فيه، لذلك بدأنا نشعر بأن هناك استغلالاً للمستهلكين، منبهاً إلى عدم وجود توعية مجتمعية بحقوق المستهلكين وكيفية التأكد من عدم استغلالهم، مطالباً الهيئة الاتحادية الضرائب بمتابعة حثيثة للأسواق.



لا تأثير للضريبة على مستفيدي خدمات الإسكان

قال مواطنون إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة لم تكن لتشكل أي عائق مادي على المستفيدين من الخدمات الاسكانية، خاصة بعد التوجيه بأن يتم رد أي مبالغ مالية تم انفاقها نتيجة لتطبيق الضريبة، وهو الأمر الذي يدحض وجود تبعات مالية تفوق قدراتهم.



وأوضح سعيد حمدان الحبسي أن الزيادات المالية التي تترتب على تطبيق ضريبة القيمة المضافة فيما يخص بناء مساكنهم، لا تمثل عبئا كبيرا على معظم المستفيدين، وأن القروض التي يحصل عليها المواطنون لبناء أو صيانة مساكنهم تساعد بشكل كبير في تجاوز أي معوقات لحصولهم على مساكن ملائمة، لافتا إلى أن مؤسسة محمد بن راشد للإسكان على سبيل المثال أخبرت متعامليها بأنهم لن يتحملوا أي تكاليف لهذه الضريبة، وأن بإمكانهم استرداد ما تم دفعه من ضريبة عبر هيئة الضرائب.


ولفت إلى أن حالات الدخل المحدود والحالات الاجتماعية الخاصة هي التي تستحق دعما مستمرا من الحكومة، لمواجهة أي أعباء جديدة قد تقع على عاتقهم، معولا على أهمية الرقابة من قبل الجهات المعنية، لمواجهة أي استغلال قد يحدث من قبل بعض الأشخاص، الذين لا يهمهم غير تحقيق مكاسب سريعة.

من جهته، ذكر خالد البناي وأحد المستفيدين من القروض الإسكانية، أن المؤسسات الحكومية المعنية بالإسكان الحكومي، لم تدخر جهدا في مساعدة وتوفير كل ما من شأنه مساعدة أبناء الوطن للعيش حياة كريمة ولائقة، خاصة فيما يتعلق بمسكنها، وأن الدعم كبير ومستمر في هذا الاتجاه، خاصة إذا علمنا أن التسهيلات فيما يتعلق بالحصول على القروض الإسكانية خاصة لأصحاب الحالات الاجتماعية الخاصة كبيرة جدا، والهدف من ورائها عدم تشكيل أي عائق قد يجعل حياة هذه الفئة المجتمعية بها بعض المتاعب، ولذلك نرى كل فترة وأخرى الإعفاءات المالية والمنح وغيرها الكثير.

وأكد أن بعد تطبيق الضريبة، انتاب الكثيرين بعض القلق من أن تشكل هذه الالتزامات المالية الجديدة صعوبة عليهم في سدادها، لكن سرعان ما انتبهت الدولة لهذا الأمر، وأصدرت مؤسساتها المعنية قرارات تسعى لعدم تحمل المستفيدين من القروض الإسكانية أي أعباء نتيجة تطبيق هذه الضريبة، بحيث أن هناك من الإجراءات وبالتوافق مع هيئة الضرائب لاسترداد أي مبالغ للضريبة من قبلها، وبالتالي تلاشى أي سلبيات فيما يتعلق بهذا الخصوص.


وقال عبد الرحمن الفيلي إن بناء مساكنهم والذين حصلوا عليها من المؤسسات الحكومية لم تتأثر بعد تطبيق الضريبة لأن هذه المؤسسات تدرك دورها المهم في التيسير على المواطنين، وخاصة إذا تعلق الأمر بشأن حياتي رئيسي كالمسكن، ولذلك بادرت وبالتنسيق مع هيئة الضرائب، بعدم تحميل المستفيدين من أي تبعات مالية جراء تطبيق هذه الضريبة، بل أن الامر وصل إلى أن من يريد أن يبني مسكنه بمقاولين خارجيين، يمكنه أن يسترجع قيمة ما انفق نتيجة شراء مواد البناء وغير ذلك، بعد الانتهاء من بناء مسكنه، وتقديم فواتير الشراء.


وأبان أن الضرائب هي وسيلة للارتقاء بالخدمات التي تقدم للمجتمع، ولذلك فإن النسب البسيطة التي تفرض حاليا لا تشكل عبئا ماديا على الاغلب الاعم من المجتمع الاماراتي، غير أن هناك بعض الفئات التي يجب على الدولة حمايتهم ومساعدتهم على العيش بكرامة.

 

مراقبة

آلية لرد الضريبة في قروض الإسكان

أفادت مؤسسة محمد بن راشد للإسكان بأنه لا توجد أي أعباء مالية أو تأثير سلبي على المستفيدين من خدمات المؤسسة بعد تطبيق الضريبة أو حتى على قيمة أو ما تقدمه المؤسسة من قروض، وأن هناك آلية يتم عن طريقها استرداد المؤسسة لأي مبالغ تدفعها من الهيئة الاتحادية للضرائب، وأنه بشكل عام سيتم مراقبة أي تغيرات قد تحدث خلال العام المقبل بعد تطبيق الضريبة تجنباً لأي سلبيات قد تحدث، وأنه فقط المساكن التي ينفذها المواطنون بأنفسهم هي التي قد تتأثر بذلك، غير أنها ستكون نسبة طفيفة، وسيتم استرجاعها بعد التنسيق من قبل هيئة الضرائب.

قالت إن القرض الذي تقدمه المؤسسة ويبلغ 750 ألف درهم يستفيد منه المتقدم بشكل كامل دون أي نقص، وأن فقط الحالات التي لا تحصل على القرض بشكل كامل، هي تلك التي عليها مديونيات أخرى.

 

دراسة

توصية بتخصيص بدل يغطي نسبة التضخم

قال الدكتور سعيد عبدالله المطوع عضو المجلس الوطني الاتحادي، إن المجلس تبنى توصية مرتبطة بضريبة القيمة المضافة لرفعها إلى مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنه تقدم بهذه التوصية والتي تنص على العمل على دراسة إحصائية لحساب معدل الاستهلاك والإنفاق الشهري للمواطن ورفعها إلى مجلس الوزراء، وبناء على النتائج يتم دراسة رفع الرواتب أو تخصيص بدل ليغطي نسبة التضخم الذي سوف ينتج عن فرض ضريبة القيمة المضافة، منوهاً بأن الأولوية ستكون للمنتفعين من مساعدات وزارة تنمية المجتمع والمتقاعدين من المدنيين والعسكريين.

وأضاف أن الجهة التي ستقوم بدراسة معدل الاستهلاك والإنفاق الشهري للمواطن بطريقة علمية سوف يتبين لها من خلال نتائج الدراسة الجزء الذي تقع عليه أعباء إضافية نتيجة الضريبة بعد تحديد الحد الأدنى من الاستهلاك وهؤلاء هم من يستحقون النظر في زيادة رواتبهم، لافتاً إلى أن تطبيق الضريبة شيء إيجابي ويسهم في جودة الخدمات، حيث تشكل مصدر دخل جديداً للدولة، يساهم في ضمان استمرارية توفير الخدمات الحكومية عالية الجودة.

كما تساعد على تحقيق رؤية الإمارات. وتابع: «سوف ينتج تضخم عن الضريبة وهذا الأمر طبيعي»، مبيناً أن الضريبة في الإمارات أقل مقارنة مع بقية الدول الأخرى.

Email