الغاز الطبيعي يلبّي احتياجات طفرة النمو الاقتصادي في الإمارات

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتصدر الإمارات دول منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية في استخدام الغاز الطبيعي مصدراً نظيفاً وصديقاً للبيئة ورخيص السعر لتلبية الاحتياجات المتزايدة للنمو السكاني والاقتصادي السريع الذي تشهده.

ويحتل الغاز الطبيعي موقعاً محورياً في التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات باعتباره مصدراً حيوياً للطاقة، وأضحى الغاز بديلاً عن مشتقات النفط في إنتاج وتوليد الكهرباء والمياه وتشغيل المصانع خاصة صناعات الألومنيوم والحديد والصلب الثقيلة والبتروكيماويات، كما ينتشر في غالبية المنازل وقوداً للطهي، ويخطو ليحل محل البنزين وقوداً للمركبات.

ويحظى الغاز بنصيب الأسد في استثمارات الإمارات بالطاقة، وخلال العامين الجاري والماضي (2016-2017) أنجزت الإمارات مشروعين عملاقين للغاز (حقل شاه والغاز المتكامل) بتكلفة تجاوزت 78.2 مليار درهم (22 مليار دولار)، كما تحتل مشاريع الغاز مكانتها في الخطة الاستثمارية الجديدة لشركة بترول أبوظبي الوطنية والبالغ قيمتها 400 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة.

احتياجات متزايدة

وتتوسع الإمارات في استغلال واستخدام الغاز بشكل كبير لتلبية احتياجاتها المتزايدة، ولديها مشاريع عديدة تحت الدراسة والتطوير في الوقت الحالي، ويعود سبب اعتماد الإمارات على الغاز بهذه الدرجة الكبيرة إلى أنه أفضل طاقة نظيفة تتوفر لديها بكميات كبيرة في الوقت الحالي، إذ تبلغ الاحتياطيات المؤكدة لإمارة أبوظبي فقط 6.1 تريليونات متر مكعب لتحتل المركز السابع عالمياً والثالث عربياً في احتياطيات الغاز.

وتحتل الإمارات الترتيب الرابع عربياً في إنتاج الغاز، وزادت إنتاجها من الغاز خلال السنوات الست الماضية بنسبة 12.3% ليصل إلى 93 مليار متر مكعب سنوياً، وتخصص الإمارات جزءاً من غازها للتصدير حيث ترتبط بعقود طويلة الأجل لتصدير الغاز لدول عدة أبرزها اليابان، ولا تفي الكميات المتبقية من الغاز الاحتياجات المتزايدة لطفرة النمو الاقتصادي الذي تشهده الدولة، الأمر الذي يدفعها لاستيراد الغاز لتكون أكبر مستورد عربي للغاز، حيث تستورد 23 مليار متر مكعب سنوياً بمعدل ملياري قدم مكعبة من غاز دولفين القطري.

وتستهلك الإمارات يوميا 1.4 مليون برميل نفط مكافئ من الغاز، وتسجل زيادة غير مسبوقة عربياً في استهلاك الغاز، بلغت نسبتها خلال السنوات 2011-2015 نحو 14.5% لتحتل الترتيب الأول عربياً في زيادة استهلاك الغاز، تليها السعودية بنسبة 12%، ما يدفعها إلى البحث عن مصادر جديدة لاستيراد الغاز خاصة من أميركا وروسيا.

مصادر الطلب

تتنوع مصادر زيادة الطلب على الغاز الطبيعي في الإمارات، ويحتل قطاع الكهرباء والمياه قائمة هذه المصادر، ولدى حكومة الإمارات الاتحادية والحكومات المحلية خطط لمضاعفة عدد محطات إنتاج الكهرباء وتوليد المياه لمواكبة الزيادة السكانية المطردة بمعدلات قياسية وتلبية احتياجات المجتمعات العمرانية الجديدة في مختلف إمارات الدولة.

ويتوقع مكتب التنظيم والرقابة لإمارة أبوظبي أن يتضاعف استهلاك الكهرباء بنسبة 100٪، واستهلاك المياه بنسبة 200% بحلول عام 2020. وزادت الإمارات خلال السنوات العشر الماضية عدد محطات الكهرباء وتحلية المياه لتلبية الاستهلاك المتزايد، ويكشف التقرير السنوي الأخير لوزارة الطاقة والصناعة 2016 عن أن كمية الكهرباء المستهلكة في الإمارات ارتفعت من 69.9 جيجا وات /‏‏ساعة بنهاية 2007 إلى 126.6 جيجاوات /‏‏ ساعة بنهاية 2015 بنسبة زيادة 81%.

كما زادت الإمارات إنتاجها من المياه المحلاة خلال نفس الفترة من 377 مليار جالون سنوياً 2011 إلى 441 مليار جالون سنويا عام 2016 بنسبة زيادة 17%، حتى تلبي الطلب المتزايد على المياه المحلاة والذي زاد بنسبة 9.2% خلال نفس الفترة حيث ارتفع من 348 مليار جالون يومياً عام 2011 إلى 415 مليار جالون عام 2015.

وارتفع عدد محطات الكهرباء والمياه في الإمارات بنهاية 2015 وفقاً لأحدث تقرير للهيئة الاتحادية للتنافسية إلى 38 محطة كهرباء ومياه عملاقة منها 11 محطة توليد كهرباء و27 محطة توليد كهرباء وتحلية مياه، تستخدم 28 ألفاً و745 مولداً منها 34 مولدا فقط تعمل بمحركات الديزل بنسبة 0.1 %، ويصل عدد مولدات الغاز لإنتاج المياه وتحلية المياه 1672 مولداً تشكل نسبة 17.9% من مولدات إنتاج الكهرباء وتحلية المياه.

وتستحوذ هيئة كهرباء ومياه الشارقة على العدد الأكبر من مولدات الغاز بنحو 2374 مولداً تليها هيئة كهرباء ومياه دبي بعدد 1926 ثم هيئة كهرباء ومياه أبوظبي بعدد 669 مولداً، وتستحوذ الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه على 703 مولدات من مولدات الغاز.

مولدات الغاز

وتعد مولدات الغاز ثاني أكبر مولدات إنتاج الكهرباء والمياه في الإمارات، ويسبقها مولدات الدورة المشتركة التي يبلغ عددها 20 ألفاً و722 مولداً تشكل نسبة 72.1% من إجمالي المولدات يليها في الترتيب الثالث مولدات البخار بعدد 2257 مولداً وبنسبة 7.9%، بينما لا يزيد عدد مولدات الطاقة الشمسية عن 60 مولداً تشكل نسبة 0.2%.

وأكد حاتم محمد دياب الموسى المدير التنفيذي لمؤسسة نفط الشارقة الوطنية (سنوك) أن الإمارات من الدول الريادية في المنطقة التي استغنت تماماً عن مشتقات النفط في توليد الكهرباء وتحلية المياه، واستعاضت عنها بالغاز الطبيعي.

وذكر أن حكومة الشارقة تسعى للتخلص في أقرب وقت من محركات الديزل في إنتاج الكهرباء لافتاً إلى أن عددها قليل ولايقارن بمولدات الغاز، حيث تستأثر الشارقة بالعدد الأكبر من مولدات الغاز في توليد الكهرباء وتحلية المياه في الدولة، وتسعى حكومة الشارقة إلى زيادة اعتمادها على الغاز في توليد الكهرباء إضافة إلى تعميم الغاز على المنازل وتتجاوز نسبة المنازل المربوطة بشبكة الغاز في الشارقة 85 % من عدد المنازل وهي نسبة مشابهة للإمارات الأخرى.

وستطرح المؤسسة العام المقبل مناقصات إنشاء محطة الحمرية العائمة للغاز الطبيعي، وهي المحطة الأولى من نوعها في الإمارة، ومن المتوقع إنجازها نهاية عام 2019، وهذه المحطة ستقوم بتخزين الغاز الطبيعي المستورد، وتعيد تحويله من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية.

ثم تقوم بضخه في شبكة الأنابيب لتكون قادرة على دعم تلبية متطلبات المستهلكين في كافة أرجاء دولة الإمارات، ومن المتوقع أن تستورد المؤسسة كميات ضخمة من الغاز الطبيعي تتراوح بين 600 مليون قدم إلى مليار قدم يومياً من دول عديدة.

وينوه ديتمار سيرسدورفر، الرئيس التنفيذي لشركة «سيمنس» في الشرق الأوسط وفي دولة الإمارات بأن الإمارات تستخدم تقنيات متطورة جدا في توربينات الغاز الطبيعي المولدة للطاقة الكهربية تعد الأحدث والأكفأ والأمن على مستوى العالم مشيراً إلى أن استخدام التوربينات الغازية بدلا من محركات الديزل (مشتقات النفط) توفر مالا يقل عن 30% من تكلفة المحطات».

الصناعة

الصناعة هي مصدر الطلب الثالث المتزايد للغاز الطبيعي في الإمارات، وتطبق الإمارات حالياً استراتيجية صناعية تسعى إلى جذب استثمارات وطنية وأجنبية بأكثر من 257 مليار درهم (70 مليار دولار) بحلول 2025 ترفع بها نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 12.5% إلى 25%، كما أعلنت حكومتا أبوظبي ودبي عن استراتيجيات لتطوير قطاع الصناعة بحلول 2030، وتركز هذه الاستراتيجيات على تنويع الصناعات مع التركيز على الصناعات الثقيلة وعلى رأسها الألومنيوم.

ويتوسع قطاع الصناعة في الاعتماد على الغاز الطبيعي وقوداً نظيفاً لفوائده الاقتصادية والبيئية، وكما يؤكد جمال سالم الظاهري الرئيس التنفيذي لشركة صناعات أضخم الشركات القابضة في مجال الاستثمار الصناعي في الإمارات فإن جميع شركات المجموعة تخلت نهائياً عن استخدام مشتقات النفط في عملها وتعتمد على الغاز الطبيعي بصورة رئيسية بسبب فوائده البيئية والاقتصادية.

الصناعات الثقيلة

وتبرز الإمارات في استخدام الغاز الطبيعي في الصناعات الثقيلة خاصة في صناعة الألومنيوم التي حققت فيها الدولة مكانة عالمية مرموقة حيث تعد الإمارات رابع أكبر منتج للألومنيوم في العالم، وتنتج الإمارات 2.5 مليون طن من الألومنيوم تشكل نسبة 4.4% من الإنتاج العالمي و51.6% من الإنتاج الخليجي للألومنيوم، كما أن شركة الإمارات العالمية للألومنيوم تعد خامس أكبر شركة في العالم، وتمثل ثالث أكبر منتج للطاقة في الإمارات بعد هيئة كهرباء ومياه دبي وهيئة مياه وكهرباء أبوظبي.

يؤكد لنا الدكتور علي الزرعوني نائب الرئيس التنفيذي لعمليات الإنتاج في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم أن الغاز الطبيعي هو مصدر الطاقة للشركة حيث تعمل به محطات الطاقة بها سواء في دبي أو أبوظبي.

وقال، «الغاز الطبيعي هو مصدر الطاقة الأكثر فعالية للشركة من حيث التكلفة، كما أنه أكثر استدامة بيئياً من بعض المصادر المحتملة الأخرى للطاقة». وتعتمد صناعة الحديد والصلب في الإمارات على الغاز الطبيعي مصدراً وحيداً لإنتاج الكهرباء لمصانعها.

وكما يؤكد المهندس سعيد الرميثي الرئيس التنفيذي لشركة حديد الإمارات أكبر مصنع خليجي للحديد والصلب بطاقة إنتاجية 3.5 ملايين طن سنوياً فإن المصنع يطبق تقنيات متطورة ترشد وتزيد من كفاءة استخدام الكهرباء المنتجة بالغاز الطبيعي والتي تمده بها هيئة كهرباء ومياه أبوظبي.

ولفت إلى أن شركة حديد الإمارات أطلقت أول منشأة من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق تجاري بالتعاون مع شركتي أدنوك ومصدر(منشأة ريادة).

حيث تستخدم المنــشأة غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مصانع الشركة من أجل حقنه بديلاً عن الغاز المشبع بالسوائل في حقول النفط في أبوظبي لتعزيز الإنتاجية، كما تسهم المنشأة في التقاط ما يصل إلى 800 ألف طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، ويجري العمل على رفعها إلى 5 ملايين طن خلال الأعوام العشرة المقبلة.

صناعة النفط

المصدر الثالث لزيادة الطلب على الغاز في الإمـــارات هو صــناعة النفط والبـتروكيماويات، ويستخدم الغاز بشكل رئيسي في عمليات إعادة حقن الآبار القـــديمة لزيادة إنـــتاجها، كما تطبق أساليب جديدة لإعادة الحقن بهدف تقليل اعتمادها على الغاز، وأبرز وسيلة في الوقت الحاضر هي طريقة حقن النيتروجين ليحل محل الميــثان وسيلة لتعزيز استعادة النفط.

وقال حاتم نسيبة رئيس توتال للاستكشاف والإنتاج وممثل شركة توتال في الامارات: إن الطب على الغاز في عمليات حقن الآبار «كبير جداً». وتستهدف الإمارات رفع أعلى نسبة لاسترداد النفط بأقل تكلفة، حيث إن حقول النفــط يسترد منها كميات معينه، وسياسة الإمارات تستهدف تحقيق أعلى نسبة استرداد في مخزون النفط. مشيرا إلى ضرورة ترشيد استخدام الغاز في حقن الآبار لافتاً إلى أن شركة توتال بدأت في حقل توتال أبو البخوش بضخ مواد كيماوية في الآبار لزيادة نسبة الاسترداد.

Email