ما تحتاجه الهند لتصبح أكبر اقتصاد في العالم

بن تشو

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانوا يتحدثون عن «معدل نمو هندي»، وكانت الفكرة تفيد بأن الاقتصاد الهندي المخطط مركزياً في المرحلة التي تلي التقسيم، مصيره أن يحقق توسعاً في الناتج المحلي الإجمالي لا يزيد عن 3.5% سنوياً بسبب البيروقراطية الخانقة، وقال بعضهم بسبب تخلف أوضاع السكان. وبعد تعديل أخذ في الاعتبار النمو السكاني للهند ذات الخصوبة، كان انعكاس ذلك نسبة نمو بائسة هي 1.5% سنوياً.

وفيما انطلقت اقتصاديات «النمور» الأسيوية الأخرى، الفقيرة سابقا، ككوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ، في الخمسينات والستينات، بدا مصير العملاق الهندي أن يبقى إلى الأبد في مساره البطيء، مع معاناة معظم سكانه من الفقر.

أو هذا ما كان يعتقد، إذ أن معدل النمو الهندي بات الآن من الماضي، في انكشاف لصورة نمطية سخيفة أخرى. وعلى مدى السنوات الـ 25 الماضية، نما الاقتصاد الهندي بمعدل متوسط قدره 6%.

كانوا يتحدثون عن قوى السوق الصاعدة الجديدة في تكتل «البريكس»، البرازيل وروسيا والهند والصين، لكن اقتصادي البرازيل وروسيا سقطا في أزمات خلال السنوات الأخيرة، وحتى الصين العظمى تعثرت على الأقل في معدلات نموها العالية جداً خلال العقود الأخيرة.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن تكون الهند قد تجاوزت الصين في عام 2015 (بنمو معدله 7.9% في مقابل 6.9%) وأن تستمر في تجاوز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لجارتها الشرقية الواسعة على مدى السنوات الخمس المقبلة أيضا.

كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتخطى الاقتصاد الهندي اقتصاد المملكة المتحدة، سيد الاستعمار القديم في عام 2018، مما يجعله خامس أكبر اقتصاد في العالم. ويتحدث بعضهم الآن عن احتمال أن تكون الهند تصعد بدلاً من الصين لتتبوأ الاقتصاد الأكبر في العالم في فترة لاحقة من هذا القرن.

هل يمكن أن يحدث ذلك؟ حققت الهند بلا شك خطوات اقتصادية كبيرة ومدهشة في العقود الأخيرة. وتعد الإصلاحات الاقتصادية لمانموهان سينغ، الذي شغل منصب وزير المالية الهندي في التسعينات، ومن ثم رئيساً للوزراء بين 2004 و2014، السبب الرئيسي في انطلاقة الهند.

وكانت هناك آمال في أن يأخذ خلف سينغ، رئيس الوزراء الهندي، نارندرا مودي (بسمعته كصديق للأعمال) عصا التحرير ويصطحب الهند إلى المرحلة التالية من الإنجازات الاقتصادية، لكن سجل القوميين الهندوس منذ 2014 كان مخيبا للآمال بشكل عام.

فقد تم إلغاء بعض الدعم عن الوقود، وفيما شكل إدخال قانون الإفلاس الجديد العام الماضي مصدر ترحيب وأتاح مساعدة بيئة الأعمال، لم يرشح عنه شيء بعد. وتمثل بالتأكيد ضريبة المبيعات الجديدة على الصعيد الوطني تحسيناً عما ستحل محله، لكنها أيضا فرصة ضائعة كبرى لتبسيط الإجراءات جذرياً. أما التخلص من معظم الأوراق النقدية بين عشية وضحاها فكان عملاً جريئا بلا شك، لكن ما فعله لكبح جماح اقتصاد السوق السوداء كان أقل مما تزعم الحكومة.

وفي غضون ذلك، تبقى سوق الأراضي من دون إصلاح. ولا يزال قانون العمل الوطني كابحاً أمام التوظيف. وتجلس مصارف مهيمنة مملوكة للدولة على جبل من القروض السيئة، فيما النظام التعليمي بحاجة إلى إصلاح شامل. وقد أدى تراجع أسعار النفط عالميا، وتعد الهند مستورداً كبيراً للطاقة، إلى تجميل معدل النمو في البلاد في السنوات الأخيرة، مضعفاً شهية الوزراء على الإصلاحات السياسية الصعبة.

على السطح، تقف الهند، وهي «اللبنة» الأخيرة في جدار (البريكس)، مرفوعة الهامة وشامخة، لكن ما وراء الواجهة، هناك حاجة إلى قدر كبير من الصيانة والتجديد، أكثر مما هو متصور، إذا كان للبلاد أن تحقق إمكانياتها الاقتصادية، ناهيك عن الوصول إلى صدارة الترتيب العالمي.

 

Email