الإمارات تُدخل مشتقات حليب الإبل في الصناعات الدوائية والأغذية الوظيفية للمرة الأولى في التاريخ

محمد بن راشد يهدي العالم منتجاً إماراتياً أصيلاً لخدمة البشرية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال سعيد بن منانة الكتبي، أحد مؤسسي مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته، إن رؤية وتعليمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تشكل العامل الأساسي للإنجاز العالمي الذي حققه المصنع أخيراً، بحصوله على موافقة المفوضية الأوروبية لإدراج الإمارات أول دولة من دول الشرق الأوسط على لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 605/2010 التي تسمح لدول معتمدة بتصدير منتجات الألبان إلى دول الاتحاد.

وأوضح أن هذه مجرد البداية فقط، مؤكداً مواصلة العمل والبحث لتطوير المنتجات والارتقاء بها إلى مستويات أكثر ابتكاراً وتنوعاً، حيث تزداد المسؤولية بنظره على عاتق فريق إدارة المصنع لإثبات تميز وإبداع المنتج الإماراتي وقدرته على المنافسة عالمياً.

ولفت الكتبي إلى أن مقولة سموه: «أنا وشعبي لا نرضى إلا بالمركز الأول»، تتجسد في إنجازات لا تحصى للدولة يدركها القاصي والداني في مختلف مجالات الحياة، وتم ترجمتها أيضاً من خلال تعليمات سموه بتطوير أول منتج في العالم من حليب الإبل وفق أرقى مستويات الجودة، وأكد أن نجاح المشروع المبتكر يرجع لفكر سموه السباق والمبتكر دائماً.

وأوضح أن سموه يستخدم حليب الإبل شخصياً ولديه اطلاع واسع وعلمي على فوائده وخواصه الغذائية المتنوعة، وبناء على ذلك كان قرار بدء العمل على ابتكار منتجات مشتقة من حليب الإبل تدخل في صناعات دوائية وغذائية متخصصة، وتطوير حليب الإبل ليكون منتجاً متكاملاً وفق أعلى مستويات الجودة العالمية ليتسنى للبشرية الاستفادة من فوائده بأقصى ما يمكن.

وكذلك تطوير سلالات الإبل المنتجة للحليب، واستغرقت البداية عدة سنوات من البحث العلمي الحثيث في مختبر أبحاث الطب البيطري المركزي في دبي قبل تأسيس مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته، وتحويل رؤية سموه إلى حقيقة والانطلاق بها نحو العالمية.

إضافة علمية

وبذلك، تهدي دبي العالم منتجاً من صلب إرث الإمارات وبيئتها المحلية، لتقدم إضافة علمية مبتكرة في علوم التغذية والصحة ويحمل الفائدة والصحة للبشرية جمعاء، إذ لا تكمن أهمية المصنع الإماراتي فقط في إنتاج حليب الإبل المبستر، بل تنطلق إلى آفاق علمية واسعة هي الأولى من نوعها.

حيث يتم التعاون مع مجموعة من نخبة الجامعات والمؤسسات البحثية في العالم لتطوير أدوية وحلول طبية باستخدام مصل حليب الإبل، لما يتمتع به من فوائد صحية وغذائية فريدة من نوعها، وبالفعل، تم توقيع اتفاقية تعاون وشراكة مع مركز أبحاث تسهم فيه شركة أدوية عربية مع جامعة كامبردج يديره نخبة من العلماء العرب والأجانب.

حيث ابتكر المركز منتجين دوائيين لمعالجة بكتيريا المعدة وحب الشباب اعتماداً على مصل حليب الإبل يستخلص من إبل يتم تربيتها بعناية فائقة في مزرعة «كاميليشيس» خصيصاً لهذا الهدف بحسب مطشر عوض البدري، مدير تطوير الأعمال ونائب المدير العام لمصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته.

والذي أشار إلى أن المصنع سوف يقوم بإنتاج مسحوق مصل الحليب اللازم والخاص فقط لتطوير المنتجين الدوائيين بالتعاون مع شركة أدوية عربية، يتخصص المنتج الأول بعلاج حب الشباب، والثاني لعلاج بكتيريا المعدة، مؤكداً انتهاء عملية الأبحاث والتطوير والاختبارات الأولية وتسجيل براءة الاختراع في الولايات المتحدة الأميركية من قبل مركز الأبحاث المذكور بالتوازي مع اكتمال الدراسة التسويقية.

وقد تم توقيع الاتفاقية بين الطرفين لبدء الإنتاج «قريباً جداً»، وأوضح أن منتجات التجميل تعتمد على مسحوق الحليب، أما الأدوية فتعتمد على مصل الحليب، وأشار إلى أن المصنع يركز على الاستثمار في الأبحاث والتطوير أكثر من الإنفاق على عمليات التوزيع والتسويق التجاري.

الأسواق العالمية

تشكل تجربة مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته الأولى من نوعها في التاريخ لاستخدام حليب الإبل في الصناعات الدوائية بشكل علمي وبناءً على دراسات بحثية بينما كان استخدامه سابقاً بطرق بدائية غير مؤكدة، ما يشكل إضافة غنية ونوعية للعلوم الطبية وأبحاث الصحة بحسب البدري، الذي يشير إلى أن المصنع يتطلع لدخول الأسواق الأوروبية والعالمية من خلال التعاون مع شركات أوروبية وعالمية متخصصة في الصناعات الدوائية والصناعات الغذائية المتخصصة (الوظيفية Functional Foods) فضلاً عن صناعة التجميل، إذ إن حليب الإبل غني بمادة الـ«لانولين» التي تستخدم في ترطيب البشرة وعلاجها.

فضلاً عن خطط لاستخدامه في صناعة الأغذية الوظيفية على غرار «برو بايوتكس Pro-Biotics» التي تحسن نظام الهضم وأغذية تعزيز المناعة (Immune Posters)، حيث يحوي حليب الإبل خمسة أضعاف الحليب العادي من فيتامين «سي»، ويضيف:

«نحرص على التركيز بشكل رئيسي على استخدامات حليب الإبل في الصناعات الدوائية والصناعات الغذائية الوظيفية أكثر من ترويجه كمنتج تجاري أو استهلاكي، وذلك بالتعاون مع مجموعة من نخبة الجامعات الأوروبية ومراكز الأبحاث العالمية للوصول إلى منتجات أخرى في الصناعات الدوائية أو الأغذية الوظيفية، كما بدأنا التعاون مع إحدى الجامعات العربية لبحث مساهمة وتطوير مساهمة حليب الإبل في علاج مرض التوحد، وتم التشاور وتبادل الآراء والبحوث الأولية مع إحدى أعرق كليات الطب الأميركية.

والتي تصنف ضمن أفضل عشر جامعات في العالم في العلوم الطبية، وذلك للدخول في شراكة استراتيجية للبدء في أبحاث استخدام حليب الإبل ومصل حليب الإبل وربما مشتقات أخرى في علاج أمراض شكلت تحدياً كبيراً للعالم، مثل مرض الزهايمر وأمراض الخلايا العصبية والسرطان فضلاً عن متابعة الأبحاث الخاصة بأمراض السمنة والسكري».

نجاح تجاري

بدأ توزيع حليب «كاميليشس» للمرة الأولى في فرع لجمعية الاتحاد التعاونية عام 2006، ويشير حارب بن صبيح مدير عام مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل، إلى أن المنتج الذي كان الأول من نوعه آنذاك شكل نوعاً من المفاجئة للمستهلكين الأجانب، وتدفقت الاستفسارات المشبعة بالفضول للتعرف إليه، حتى إن بعضهم استفسر حول لون الحليب قبل شرائه.

وسرعان ما أثبت «كاميليشس» نجاحاً ساحقاً على المستوى الاستهلاكي، حيث نمت المبيعات منذ انطلاقته لغاية الآن بما يقارب 500 % وبمعدل زيادة سنوية حالياً تصل إلى 20% بحسب بن صبيح الذي يفيد بأن عمليات التوزيع حالياً تشمل الجمعيات التعاونية بالإضافة إلى متاجر «كارفور» و«هايبرباندا» و«جيان» و«لولو» و«أسواق» و«شيوترام» و«سبينيس» وغيرها من متاجر الدرجة الأولى، وتضم منتجات حليب «كاميليشس» المبستر أربع نكهات، هي الشوكولاتة والتمر والزعفران والفراولة، فضلاً عن الحليب الصافي (السادة).

بالإضافة إلى شراب اللبن، وكذلك ثلاثة أصناف من الجبنة تحمل العلامة التجارية «كاميليشيس الذهب الأبيض» وهي «عكاوي» و«نابلسي» الذي يحتوي حبة البركة وجبنة «فيتا»، فيما تعتمد شوكولاتة «النسمة» التي تباع في محالنا الخاصة والأسواق الحرة في المطارات وفنادق فئة الخمس نجوم على حليب الإبل المجفف، ويتم تصنيعها من قبل شركة «مانر» في فيينا بالنمسا التي تتمتع بخبرة عريقة في تصنيع أجود أنواع الشوكولاتة، حيث يمتد تاريخ الشركة لـ130 سنة.

كما ساهم المصنع أخيراً في افتتاح «مقهى مجلس النسيم» في دبي مول كأول مقهى متخصص في الأطعمة والمشروبات التي يستخدم فيها حليب النوق ويجمع بين العراقة والتراث بلمسات عصرية حديثة.

وفي ما يتعلق بقاعدة المستهلكين، يوضح بن صبيح أن الإماراتيين يأتون في المقدمة، بالإضافة إلى تنامي الإقبال من الأوربيين، نظراً لبحثهم الدائم عن كل ما هو جديد والتعرف إلى فوائد أي منتج لم يجربوه من قبل، أما العرب فبعضهم لم يتقبل الفكرة لحد الآن.

ويوضح من جانب آخر أن الحليب المبستر مخصص للأسواق المحلية ولن تتجه الشركة المنتجة إلى تصديره للخارج، بل سيتم تصدير مسحوق ومصل حليب الإبل إلى أوروبا لاستخدامه في الصناعات الدوائية والأغذية المكملة، ما يقدم إضافة صحية أكبر وأوسع انتشاراً. كما يتوقع الحصول على موافقة للتصدير إلى ماليزيا بعد توقيع اتفاقية مع شركة محلية هناك لاستخدام مسحوق الحليب في الأغذية التطبيقية.

جودة المعايير

ويؤكد بن صبيح أن المصنع سيسهم في الارتقاء بسمعة المنتج الإماراتي عالمياً، حيث تكمن أبرز ميزاته في جودة المعايير التي يعتمد عليها سواء في النظم الإدارية أو الإنتاجية، بدءاً من اختيار الإبل وصولاً إلى المرحلة الأخيرة لتعبئة الحليب، وهي سلسلة إجراءات وعمليات خاضعة لنظام الآيزو «2005-22000»، ونظام تحليل المخاطر HACCP، فضلاً عن اعتماده من بلدية دبي ووزارة البيئة والمياه،.

ويؤكد أن المشروع قائم على البحث والتطوير العلمي قبل أن يكون مشروعاً تجارياً، حيث يهدف لخدمة البشرية جمعاء من خلال التطبيقات الغذائية والطبية لحليب الإبل، وحازت المبادرة اهتمام العديد من المنظمات الدولية، حيث استقبل المصنع وفوداً من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية وأساتذة من جامعات عريقة وهيئات علمية وغيرها، وعبر الزوار عن إعجابهم بنجاح وإبداع المشروع، حيث شكل وجود مثل هذا المرفق العلمي والإنتاجي المتكامل في العالم العربي مصدر مفاجأة للعديد منهم.

كما يستقبل المصنع وفوداً طلابية من المدارس والجامعات، ويسمح لبعض الطلاب باستخدام المختبرات لمشاريع البحث الأكاديمي. كما تم تزويد أحد طلبة الدكتوراه الإماراتيين، والذي يجري بحوثه ودراسته في بريطانيا بكميات من حليب النوق حديثة الولادة (اللبا)، حيث استخلص منها كمية لا بأس بها من الأنسولين ليفتح آفاقاً جديدة لاستخدام حليب النوق لعلاج مرض السكري.

تكامل العمليات

يكمن التحدي الأبرز وفقاً للكتبي في إيجاد أفضل أنواع الإبل وأجودها من حيث الصحة ونوعية الحليب، حيث تتباين من نوع لآخر، وذلك لضمان الجودة والمواصفات الغذائية للمنتج، ويؤكد أن التميز يكمن في تكامل العمليات.

حيث يضم المصنع الذي تفوق كلفته 250 مليون درهم مزرعة مخصصة لتربية الإبل وفق أحدث المعايير المتبعة في هذا الحقل، فيما يلجأ منتجون لموردين خارجيين من أجل الحصول على الحليب، ويضيف: «إن عملية اختيار الإبل انتقائية جداً وتعتمد على معايير صحية صارمة، إذ يجب أن تكون صغيرة السن ومن أنواع وسلالات محددة فقط وتتمتع بصحة ممتازة للحصول على أفضل نوع من الحليب صحياً وغذائياً».

وقال إن الناقة لا يتم إحضارها إلى المزرعة إلا بعد إخضاعها مرتين لفحص طبي شامل، لتوضع لاحقاً ضمن حجر صحي في المزرعة للتأكد من خلوها من الأمراض، ومن أجل أن تعتاد تدريجياً على نظام التغذية المتبع لضمان تجانس حليب كل ناقة مع نظيراتها، كما تتميز المزرعة بالاعتماد على العلف الطبيعي بنسبة 100 % .

حيث يخضع لمراقبة دقيقة ولا يتم استخدام أي إضافات أخرى على غرار المركزات العلفية المستخدمة في مزارع الأبقار. ويلفت الكتبي إلى أن المزرعة بدأت بعشر نوق فقط، ليبلغ عددها الآن أكثر من 3 آلاف جمل وناقة، ويوضح أن الإبل الإماراتية والخليجية عموماً تعد الأفضل مقارنة مع أنواع الإبل الموجودة في مناطق أخرى من العالم.

 وكشف البدري عن وجود فكرة لإضافة أكاديمية متخصصة بالعلوم والأبحاث المرتبطة بالإبل بالاستفادة مما اكتسبه المصنع من خبرة واسعة في هذا المجال، وقال: «نهدف أيضاً إلى أن يكون مصنع الإمارات لحليب الإبل ومشتقاته نواة لتأسيس جهة اعتماد رسمية بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه وبلدية دبي، ليتولى الإشراف والاستشارات وتقديم الاعتماد المطلوب لإنشاء مصانع أو مزارع جديدة متخصصة في حليب الإبل ضمن الدولة من أجل ضمان الجودة والحفاظ على سمعة المنتج الإماراتي عالمياً وضمان استمرارية الوفاء بمتطلبات المفوضية الأوروبية والمعايير الدولية،

وستسمح هذه المبادرة بمشاركة خبراتنا مع باقي المنتجين، وكذلك تدريب وتأهيل القائمين على تلك المشاريع الجديدة أو القائمة حالياً».

إحصاء متطور

يصل عدد الجمال في الإمارات إلى 480 ألفاً بحسب إحصائيات رسمية صدرت في الدولة أخيراً، وكانت إحصائية منظمة الـفاو عام 2008 قد أشارت إلى وجود 260 ألف رأس إبل في الدولة، ويوضح البدري أن ارتفاع العدد في تلك الفترة الوجيزة يرجع إلى الزيادة الطبيعية أولاً وإلى دقة الإحصاءات ثانياً.

حيث طورت الإمارات من أنظمة إحصاء الجمال على أرضها وباتت أكثر دقة وشمولية، حيث تم إصدار تعميم خاص بضرورة تزويد كل جمل بشريحة إلكترونية خاصة، وذلك لمراقبة تحرك كل جمل وتحديد موقعه، ويسهم هذا النظام أيضاً في مواجهة أي مرض أو وباء قد تتعرض لها قطعان الجمال.

ويلفت البدري إلى أن كلفة إنتاج لتر من حليب الإبل تفوق بمعدل 5 أضعاف كلفة إنتاج لتر من حليب البقر، حيث تدر البقرة الحليب بشكل دائم على مدار العام وحتى خلال فترة الحمل، لكن الناقة تدر الحليب بعد الولادة فقط بمعدل 7 ليترات من خلال عمليتي حلب في اليوم على مدار 400 يوم فترة حلب الناقة منذ الولادة لتعاود فترة التلقيح والتوالد مجدداً،

وتنتج البقرة 30 35 لتراً من الحليب يومياً ويصل إنتاج بعض سلاسات البقر المحسنة إلى 50 لتراً يومياً، ويتم استخدام المركزات العلفية لزيادة إدرار الحليب لدى البقر، بينما لا يسمح المصنع باستعمال أي مركزات أو بروتينات حيوانية أو أية إضافات، فضلاً عن ارتفاع كلفة الرعاية الصحية والعناية بالإبل، بالإضافة إلى تكاليف البحث والتطوير. كما يبلغ متوسط عمر الناقة 25 عاماً وتلد خلال حياتها 5 7 مرات.

مصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته : مشروع إماراتي متميز عالمياً

أثناء توجه فريق «البيان» لزيارة المصنع والمزرعة على طريق دبي ــ العين، لم نكن نتخيل أننا سندخل وسط الصحراء مترامية الأطراف إلى واحة خضراء أشبه بالمنتجع الراقي، وكانت المفاجأة بعد الدخول من البوابة الرئيسية.

حيث تضطر السيارة للدخول في بركة متوسطة العمق من المواد المعقمة، لمنع دخول أي تلوث عبر الإطارات، لتبدو الصورة واضحة لاحقاً، إذ لم نكن بصدد زيارة مزرعة تقليدية للجمال، بل اطلعنا من الداخل على مرافق لصرح علمي وإنتاجي تفخر به الإمارات، فعندما اتجهنا بصحبة فريق الإدارة للدخول إلى مبنى الإنتاج، كان الأمر أشبه بزيارة لمحطة للطاقة النووية، إذ اضطررنا لارتداء أغطية خاصة من الرأس حتى أخمص القدم لمنع نقل أي جراثيم إلى الداخل.

فضلاً عن تعقيم اليدين بمعقم خاص أيضاً، وتجولنا في المصنع من خلال ممرات خاصة بالزوار تتيح لنا الاطلاع على عمليات الإنتاج دون أي تداخل أو تماس مع العاملين أو الآلات لوجود حواجز زجاجية ولم يكن في الداخل أي رائحة للحليب كما توقعنا، بل كانت البيئة محايدة طغت عليها رائحة النظافة والتعقيم.

وزودت جميع المعدات بلوحات خاصة تفصل مراحل الإنتاج وتفاصيلها. وعند انتقالنا للمزرعة واجهتنا إجراءات أشد صرامة ووجدنا لوحات تشير إلى إجراءات السلامة البيولوجية وفصل المناطق حسب الخطورة البيولوجية، فضلاً عن التوزيع المدروس والعلمي لحظائر الإبل. ولم يكن قسم مراقبة الجودة والمختبرات ببعيد عن تلك الإجراءات، فلم يسمح لنا بالدخول للمختبرات بل تم السماح لنا بالاطلاع على أنشطتها من خلال حواجز زجاجية أتاحت لنا الاطلاع عن بعد على عمليات مراقبة الجودة واختبارات المطابقة وتحليل العينات.

عمليات انتاجية متكاملة

 يشير الدكتور بيتر ناجي، مدير المزرعة إلى عدم اقتناع الكثيرين في البداية بإمكانية حلب النوق بطريقة آلية، لكن تم تطوير خط الحلب الآلي بالتعاون مع الشركة المصنعة بالتزامن مع تدريب النوق للتعود على العملية، كما يتم مراقبة إنتاج الحليب لكل ناقة من خلال نظام إلكتروني متطور، فضلاً عن رصد عملية الإنتاج بأكملها وأخذ وفحص العينات بشكل دائم ومنتظم لضمان الجودة وعدم وجود أي خلل.

ومن جانبها، تقول الدكتورة يودكا يوهاز، رئيس البيطريين، إن المزرعة توفر بيئة مثالية لتربية الإبل، حيث يحرص فريق الإدارة على حسن معاملة جميع النوق وعدم فصل المواليد الصغار عن أمهاتهم لفترة زمنية محددة،.

كما يتم الحفاظ على صحة الجمال الجسدية والنفسية بعناية، فعلى سبيل المثال تؤخذ كل ناقة بعد عملية الحلب للمشي لمسافة 4 كيلومترات للحفاظ على صحتها، وتشير إلى أن المزرعة تشكل نموذجاً مثالياً للرفق بالحيوان وفق أرقى الممارسات العالمية في هذا المجال.

وتصف يوهاز أن أحد كبار الزوار للمزرعة وصف المشروع بجوهرة التاج بالنسبة لإنجازات دبي، إذ نظر إليه كابتكار قائم على دمج مكون مهم من الثقافة العربية والإماراتية ألا وهو الجمل مع أحدث التقنيات العلمية والإنتاجية، ما وفر منتجاً هو الأول من نوعه للعالم وعلى قدر كبير من الفائدة لصحة الإنسان.

وبدورها أورسوليا ماركو، مدير مراقبة الجودة، إلى أن الحليب بشكل عام يحوي بعض أنواع البكتيريا لكن بعدد محدود صالح للاستهلاك البشري، ويبلغ المعدل العالمي المسموح به 100 ألف وحدة دولية لكل ليتر، بينما يبلغ في «كاميليشيس» 5 آلاف وحدة دولية لكل لتر فقط، وهو من أقل المعدلات على المستوى الدولي، نظراً لتكامل نظام التربية والحلب والإنتاج وفق أعلى معايير الجودة والنظافة.

 شهادات عالمية تعكس الالتزام بالجودة

ومن مؤشرات حرص الإدارة على أعلى مستويات الجودة في الإنتاج، فقد حاز كل من المصنع والمزرعة شهادتي «إيزو 2005-22000» وشهادة نظام تحليل المخاطر HACCP بشكل منفصل لكل منهما، وبذلك تكون علاقة العمل وتبادل الموارد بينهما على أساس حيادي ودقيق كمرفقين مستقلين لمطابقة المواصفات والمعايير العالمية.

ويضم المصنع تجهيزات إنتاج متطورة في مقدمتها خط إنتاج الحليب المجفف وهو الوحيد في المنطقة،

وهنا يشرح البدري أن تصنيع مسحوق حليب الإبل يتم بطريقة التجفيف باستخدام التجميدFreeze Drying وهي طريقة صيدلانية تضمن الحفاظ على 99.9 % من المكونات والعناصر الغذائية لحليب الإبل، ولا يتم إدخال أي إضافات صناعية ولا مواد حافظة، ويستغرق تجفيف كل 500 لتر من الحليب 36 ساعة.

فيما تنتج عملية التجفيف باستخدام الرش Spray Drying التي تستخدم في إنتاج حليب البقر المجفف 500 لتر في الساعة الواحدة وقد تصل إلى 5000 لتر بالساعة، لكنها تتسبب في فقدان العديد من البروتينات والفيتامينات الطبيعية في الحليب لذا تلجأ الشركات المنتجة إلى إضافتها لاحقاً كإضافات صناعية، وعليه فإن مسحوق حليب «كاميليشيس» يعد من أفضل أنواع الحليب المجفف عالمياً.

 إكسبو وحليب الإبل

 طالما شكلت معارض إكسبو الدولية منصة تعرض من خلالها الدول المشاركة نخبة نتاجها العلمي والحضاري لتفاخر به أمام العالم، ويمكن أن تشكل تجربة مصنع الإمارات لحليب الإبل ومشتقاته إضافة نوعية لمشاركة الإمارات في هذه المعارض في السنوات المقبلة، إذ يمثل أول استخدام لمشتقات حليب الإبل في الصناعات الدوائية والغذائية مساهمة إماراتية بامتياز لإغناء علوم وأبحاث صحة الإنسان لما يحتويه من خصائص غذائية فريدة من نوعها.

ويمكن أن توفر الخطوة الأولى من نوعها في العالم مصدر فخر واعتزاز للدولة في معارض إكسبو الدولية، خصوصاً وأنه منتج إماراتي بامتياز يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعادات والتراث المحلي الأصيل سيسهم في فتح آفاق علمية جديدة لأول مرة بالاعتماد على حليب الإبل.

متطلبات

 تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع الإمارات لإنتاج حليب الإبل ومشتقاته 6 آلاف لتر من الحليب يومياً، ويقول مطشر عوض البدري إن الخطط المستقبلية وبعد موافقة الاتحاد الأوروبي على تصدير بعض المنتجات تفرض زيادة الطاقة الإنتاجية بمعدل 50 % إلى 9000 لتر يومياً للسنة الحالية وتتم زيادتها تدريجياً لاحقاً، تماشياً مع متطلبات السوق الذي لايزال بحاجة إلى أضعاف الكمية.

ويتميز المصنع بأنه الأول من نوعه للحلب الآلي للإبل في العالم، وتم تطويره بالتعاون مع شركة عالمية لتلبية المتطلبات الخاصة لعملية حلب الإبل، ويصل عدد الموظفين الإجمالي إلى 320 موظفاً من مختلف الاختصاصات.

Email