موزة آل مكتوم: التحليق فوق الأرض الأكثر تشويقاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما رغبت في أن أكون في مقصورة الطائرة حينما كنت طفلة صغيرة تسافر مع أفراد عائلتها، لقد اعتدت الجلوس هناك خلال إقلاع الطائرة وهبوطها، كما أحببت حقيقة وجودي فيها، وكنت في كل مرة أستفيض بطرح أسئلتي على ربان الطائرة، دون أن يرادوني أدنى شعور بالخوف.

وقالت الشيخة موزة بنت مروان آل مكتوم، في حديث لها مع مجلة فوغ البريطانية، إن السفر جزء لا يتجزأ من حياتي، لذلك ليس بجعبتي أي ذكريات بارزة لتجربتي الأولى لركوب الطائرة، برغم تذكري المرات الأولى التي حلّقت فيها بطائرة مروحية بعمر الـ12 عاماً، وزاد اهتمامي بالأمر بعد أول درس تلقيته بالمملكة المتحدة، لأبدأ رحلة التعلّم الفعلي، والانتقال للطيران الاستعراضي في الطائرات صغيرة الحجم.

وأضافت أنها كانت تستمتع دوماً بزخم مشاعر التشويق عند التحليق بالطائرة، وتخصص، خلال الإجازات العائلية، وقتاً للاستمتاع بالأنشطة المليئة بالمغامرات التي تمدّها بشعور الحماسة ذاته، ومن بينها رياضة القفز الحر بالمظلات «سكاي دايف»، وأدركت من خلالها رغبتها المؤكدة في اتخاذ الطيران كمهنة.

دروس

وأوضحت: شرعت في تلقي دروس قيادة الطائرات المروحية، وسجلت في دورة مكثفة في القفز الحرّ بالمظلات، وعلى الرغم من أنني لم أستكمل الدورة تماماً، فإن أعلى قفزة حققتها كانت من ارتفاع 4 آلاف و300 متر.

قبل امتحانات الثانوية العامة، كنت متأكدة من رغبتي في أن أصبح قائدة طائرة، لأختار وفقاً لذلك المواد الضرورية لتؤهلني للقبول في كلية الطيران. اجتزت الامتحانات بنجاح والتحقت بـ«CAE أكاديمية أكسفورد للطيران»، وهي واحدة من أبرز الكليات لتدريب طلبة الطيران.

لم أكن أبلغ عامي الثامن عشر حين التحقت بالأكاديمية، كنت لا أزال بعمر 17 عاماً.

مثلت الأكاديمية المكان الذي التقيت فيه بطلبة «طيران الإمارات»، واكتشفت الكثير عن الشركة، وزاد اهتمامي بالعمل فيها. أنهيت الدراسة الأساسية، وفي منتصف المنهج المقرر لدراستي، عدت إلى دبي لإجراء المقابلات واختبارات الالتحاق بالشركة، وانكببت فيما بعد على القيام بـ200 ساعة تدريب على الطيران.

وكان لزاماً على طلاب الطيران في شركة «طيران الإمارات» أن ينجزوا 118 جزءاً في المجال الجوي، أي التحليق بين من المجال «أ» إلى المجال «ب» لاستكمال عمليات التدريب.

كما يتعين على الطلاب أن يتدربوا على المحاكاة بالطيران بما يتوافق مع أنواع الطائرات التي سيتولى قيادتها فعلياً كطيار محترف. أنهيت الدراسة الأكاديمية عام 2015 وواصلت التدريبات في شركة «طيران الإمارات»، وحصلت العام الماضي على رتبة مساعد طيار.

وأنهت حديثها قائلة: لم تسهم حقيقة انتمائي للعائلة الملكية في جعل الرحلة أكثر سهولة، حيث خضت كل المعتركات تماماً كالآخرين، دون تمييز أو تفرقة، أما المجتمع الأوسع نطاقاً فقد كان داعماً كذلك، وشكلت التعليقات والمنشورات دوماً مصدر تشجيع لي، إذ كنت أستقي منها الكثير من الإلهام والاندفاع. لقد عملت جاهدةً لأصل إلى حيث أنا اليوم، وآمل أن أشكّل مثالاً تحتذي به نساء أخريات، وتجسيداً لثمار الجهد الدؤوب، يحدوني الأمل بأن تتواصل مسيرة التمكين، وأن أكون جزءاً من سلسلة التغيير الإيجابي المقبل.

تمكين الإماراتيات

لقد كنت محظوظةً بأن أديت دوراً في بلد يقبع في الصفوف الأمامية في المنطقة في مضمار تمكين النساء، وقد منّ الله علينا بقيادة تعي أهمية دمج النساء وتوليتهن أدواراً مركزية تشكّل جزءاً من مستقبل التخطيط والتطوير، وقد سمحت هذه الرؤية للنساء في الاضطلاع بمهن كالطيران، ويعود الأمر اليوم لكل شخص كي يلتحق بركب الحراك الإيجابي وتكريس الوقت والطاقة لإلهام أجيال المستقبل، وتمكين النساء يؤدي إلى تحقيق خير المجتمع كله.

تترسخ دواعي سروري العميق بأني طيارة، أعمل في مجال محسوب نمطياً على الذكور، لكني لم أشعر يوماً بأنه تمت معاملتي بشكل يختلف عن زملائي الذكور، الجميع متساوون في قمرة القيادة. تمثل العائق الأبرز الذي وجب عليّ تخطيه في الانتهاء من مرحلة التعليم النظري، والتكيف مع النظام والروتين الفريدين لمهنتي.

لقد استغرقت مسألة العثور على الاستقرار حيزاً من الوقت، لا سيما لناحية اضطرابات المواقيت والسفر وأسلوب الحياة. ويتطلب، على سبيل المثال، السفر ليلاً بعض الوقت للتكيف، لكني اعتدت الروتين الآن. أمارس التمرينات الرياضية في الأوقات التي لا أعمل فيها، فأركض أو ألعب البولو.

أعشق حرية الطيران في الهواء، وشعور التحليق فوق الأرض ما زال أحد أكثر الأمور تشويقاً في مهنتي. تخيل أن تكون القمرة هي شاشة عرض «أوفيس»، ستضمن بأن تحظى بالمشهد الأجمل على الإطلاق للعالم دوماً.

إحدى أجمل الرحلات التي قمت بها إلى الآن، كانت إلى بنوم بنه في كمبوديا. كان الطاقم رائعاً والأجواء مذهلة. لقد قمنا ببعض التجوال وزرنا المعالم الأثرية. أما في طريق العودة، فصادفنا زخة شهب، واستمتعنا بمشاهدة النيازك طوال الرحلة، لا سيما أنها تخطت العشرين.

القفز بالمظلة

لا أتخيل أني أستطيع قيادة الطائرات الخاصة لأي من أفراد عائلتي قريباً، كما لن تراني أقوم بالقفز الحر بالمظلة أو الأعمال البهلوانية الخطرة في دبي، لكني سأقوم ببعض الطلعات، كما كنت أفعل في بريطانيا، لكن في طائرة ألعاب بهلواني ذات مقعدين، من طراز «إكسترا إيه-آي 300» على سبيل الهواية.

لست واثقة بما يخبئه لي المستقبل، على الرغم من أني لا أحب أن أفرض قيوداً على نفسي. سأتبع مساري المهني في الوقت الحالي، وسأمضي في الطيران وركوب الخيل، ولا أراني أتخلى عن أي منهما. أعتقد بأن على المرء السير دوماً وراء أحلامه، والتحلي بالصبر والمثابرة لتحويلهما إلى حقيقة. لا بد من ألا يتخلى المرء مطلقاً عن أمر يريده.

Email