معادلة المياه والنفط العربية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود موضوع الثروة المائية في العالم العربي إلى الواجهة من جديد مع صدور تقرير «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» تحت عنوان «حوكمة المياه في المنطقة العربية بين تأمين العجز وضمان المستقبل»، طارحاً تساؤلات عدة حول الثروة المائية التي سترسم ملامح مستقبل المنطقة العربية.

وفي الوقت الذي شكّل فيه النفط عصب النهضة الشاملة في العالم العربي على مدى العقود القليلة الماضية، تفيد المؤشرات بأنّ التنمية المستدامة ستكون مرهونة بمدى توافر الثروة المائية التي باتت أكثر أهمية من الثروة النفطية في الوقت الراهن لا سيّما في ظل استنزاف المياه الجوفية ..

وارتفاع معدلات استهلاك المياه بالتزامن مع النمو المطّرد في التعداد السكاني في الدول العربية التي تتمتع بأكبر مخزون نفطي وأدنى مخزون مائي في الوقت ذاته.

وبرزت قضية الأمن المائي في الآونة الأخيرة باعتبارها تحدّياً حقيقياً في وجه الخطط التنموية في العالم العربي الذي بات في حاجة ملحّة لتطوير استراتيجيات متكاملة لتعزيز ممارسات الحوكمة الفاعلة والإدارة الرشيدة للموارد المائية في سبيل تحقيق الأمن المائي. وتكتسب الأزمة المائية حالياً بعداً جديداً بالنظر إلى طبيعة العلاقة المتداخلة بين المياه والقطاعات الحيوية الرئيسية.

وفي سبيل إحداث تغيير إيجابي على صعيد تحقيق الأمن المائي في المستقبل، لا بدّ من التحوّل نحو تبني منهجية «حوكمة المياه» القائمة على تحقيق التوازن بين الموارد المائية والمتطلبات التنموية دون المساس بالاستدامة البيئية والاقتصادية، فضلاً عن اعتماد مفهوم «فعالية الكلفة» باعتباره أداة اقتصادية مهمة لصنع قرارات الحوكمة الفاعلة للموارد المائية.

ويتوجب على الدول العربية الأخذ بعين الاعتبار توصيات تقرير «الأمم المتحدة المذكور» الذي يوفر مصدراً مرجعياً في مناقشة التحديات التي ستواجه معظم الدول العربية في المستقبل في حال لم يتم اتخاذ تدابير صارمة لمواجهة ضعف الموارد المائية.

ولَئن بات العالم العربي أكثر عرضة لأزمات مائية حقيقية في ظل التغيرات المناخية والنمو السكاني والمتطلبات التنموية، تبرز الحاجة الملحّة لوضع أُسس استراتيجية متينة لاستخدام المياه على نحو أكثر إنصافاً وفاعلية واستدامة.

ولكن يبقى التعامل مع قضية المياه كأولوية استراتيجية الخطوة الأولى للوصول إلى حلول تضمن مستقبل الثروة المائية التي ستضاهي النفط أهميةً خلال العقود المقبلة.

Email