لطالما تساءل العالم حول كيفية نجاح دبي في تجاوز الأزمة المالية العالمية التي لا تزال تعصف باقتصاد معظم دول أوروبا القارة العجوز ذات الخبرة الاقتصادية الطويلة.

يتساءلون كيف تمكنت مدينة كانت تقتات من التمر والسمك وصيد اللؤلؤ أن تصبح مدينة عالمية تعطي دروساً في التنمية والتطور للعالم، وكيف نأت عن نفسها من الاضطرابات في المنطقة العربية وانهيار اقتصادات دول عريقة ذات كثافات سكانية عالية.

لمن لا يعلم، تزخر دبي خاصة والإمارات عامة، بدروس تعلمها رجالها من التاريخ، وجنبتهم الوقوع بدوامات الفتن، فأبناء دبي تعلموا الحفاظ على النعم. فقد كانوا يودعون أهلهم ليسافروا في عرض البحر لستة أشهر ويقتاتون على التمر والسمك، ويخاطروا بحياتهم من أجل لقمة عيشهم، فهم رجال تعلموا تجاوز مخاطر أعماق البحار، وعرفوا قيمة النعمة وعلموها لأبنائهم، لذا يستحيل زرع الفتنة في قلوب هكذا رجال، ومن الصعب جمعهم إلا على العمل والبناء.

وكيف لا يساندون بعضهم وقد عملوا بروح الفريق الواحد، وقد تعاونوا لإنجاح مشروع الاتحاد، وعاشوا بنعيمه، وتحولت قصة وحدتهم إلى حكاية يرويها الآباء لأطفالهم قادة المستقبل.

اقتصاديو الغرب لا يعرفون عاداتنا، فهم ولدوا برخاء ونعيم ولم يعرفوا معنى التعب والعمل الدؤوب الذي لا يعرف في قاموسه معنى اليأس، فالمحاولة والبحث عن اللؤلؤ دون كلل، متعتهم اليومية، وجل انتصاراهم إطعام اسرهم.

كما أن التمسك بالعقيدة، والإيمان بما قسم الله لهم، هو قوتهم، بل تعاليم القرآن والأحاديث النبوية، وإكرام وحب الضيف سر نجاحهم، والحفاظ على النعمة ومساعدة المحتاج سلاحهم،

إن أبناء الإمارات شعب أحب أرضه وعمل جاهداً على أن يرفع اسمها عالياً بين شعوب العالم، ليس بالسيف بل بالكلمة الحسنة وبالمثابرة والإصرار على إعلاء كلمة الحق ونبذ الظلم، حتى تحولت الإمارات إلى واحة أمن وأمان يقصدها الناس من مختلف أصقاع الأرض.

إنهم أحفاد الكرماء والحكماء، هم رجال لا يفتون، بل يعطون خبزهم للخبازين، ويتقاسمون رزقهم فيما بينهم، ولهم في رزقهم حقُ للسائل والمحروم، ولأن دبي أدركت أن أمن الإنسان هو الأساس ومشت على نهج آبائها المؤسسين الذين حفروا في قلوب أبنائهم من الحكام والشيوخ والمواطنين والسكان عبارة: "العدل أساس الملك".