اعترف بأنني رجل شديد الغباء، وأن كل من يعيش على أرض الوطن العربي أذكى مني بعصور ضوئية، وأريد من أحدهم أن يشرح لي ما الفرق بين الربيع العربي والربيع الذي عرفته في حمص مدينة سيف الله المسلول.
كنت طفلاً وما زلت، أذكر أن الربيع كان عشباً يغطي كل الساحات، واليوم أرى أن أشلاء أهلي وجيراني وأصدقائي تغطيها. أذكر أن شقائق النعمان تنبت في كل مكان، واليوم أرى الدم غير لون الأرض.
في الربيع كنا نهرب من المدرسة لنتنزه في ربوع الوطن وفي الربيع العربي بتنا نهرب من الوطن. لست مع الحاكم الظالم ولست مع أبناء البلد الواحد الذين يقتلون بعضهم بعضا وينتهكون حرماتهم باسم الحرية، ولست مع التدمير لكي نبني المستقبل، ولست مع أي مفت يأمر بقتل الأبرياء، لكني مع الأسف لما أره في الربيع الذي عرفته.
أرجوك اشرح لي، كيف يقوم الوطن العربي بثورة ويسميها الربيع من أجل رجل أحرق نفسه؟ انتحر؟ وبعده انتحر اقتصاد معظم الوطن، وساد الجوع والخوف؟ وهل المنتحر بطل أم مصيره النار؟
انتحر لأن موظفة أخذت منه الميزان، قال البوعزيزي للموظفة: "إذا أخذته هل أزن بنهديك؟" ثم صفعته الموظفة، ولم يتحمل وقع الصفعة ونسي أثر جملته على الفتاة، وقام صانع الربيع العربي وانتحر.
أخبرني أيها العربي الثائر، أخبرني يا أبو ربيع، يا صاحب النخوة والفزعة، لو كانت هذه الموظفة أمك أو أختك أو ابنتك، وكانت تؤدي عملها في دولة تحترم قوانينها، وتحافظ على نظامها، وأثناء تأدية واجبها يقول لها بائع متجول، هل أزن بنهديك؟ قلي ماذا تفعل؟ علمني أيها العربي الثائر الحكيم ما هو الخلق؟
أجبني أيها التنظيم السري في البلد الذي رباني، هل الثورة تكون على الظلم والتخلف أم على العدل والتطور؟ لماذا تغير نظاماً قدم لك الأمن والأمان والعزة والفخر والرفاهية والحرية لك ولأولادك؟
إن كنت أخاً للمسلمين، دع الآمنين في الإمارات، واذهب ودافع عن المسلمين المظلومين في بلاد الظلم؟ أليسوا إخوانكم؟ أولم تقولوا أنكم أخوان المسلمين؟ ماذا قدمتم لهم؟ هل أرسلتم بعض فتات خبزكم ولم تصل؟ أرجوكم أخبروني أين الصواب؟ كما أرجوكم أن تقتدوا بنبينا الذي أرسل رحمة للعالمين.
