الديون الأميركية والدولار

ت + ت - الحجم الطبيعي

«من أنفق ولم يحسب، أفلس ولم يدر»، مقولة تبادرت إلى ذهني وسط كثرة التكهنات بشأن الدين العام الأميركي الذي تجاوز حاجز الـ16 تريليون دولار أميركي العام الماضي، .

وما برح يقترب من سقفه القانوني، الأمر الذي سيعيد الولايات المتحدة إلى دائرة الانكماش الاقتصادي ما لم يتم اكتمال جاهزيتها المالية واتخاذ تدابير تقشفية لخفض عجز الميزانية بما يحول دون هبوط قيمة الدولار على المدى البعيد.

ومن شأن هذه الأزمة أن تؤدي إلى آثار سلبية وخيمة على الاقتصاد العالمي وخصوصاً على السياسات الاقتصادية المقوّمة بعملة الدولار الأميركي أمثال الصين التي تعد الدائن الأكبر للولايات المتحدة، .

وتمتلك سندات وأصولاً أميركية تصل قيمتها الإجمالية إلى 1.2 تريليون دولار، وكذلك على الاتحاد الأوروبي الذي تهدد الديون الأميركية علاقاته التجارية مع الولايات المتحدة وسائر الاقتصادات المقوّمة بالدولار.

ومن أجل تفادي الوقوع في فخ الهاوية المالية واحتمال تفعيل الزيادات الضريبية والاقتطاعات التلقائية من الميزانية، على بلاد العم سام أن تعزّز الثقة بالدولار كونه العملة الأساس في السوق الدولية للصرف الأجنبي والرافد الأول لتحقيق التوازن الاقتصادي العالمي.

وفي هذا السياق، لا بد أن يتساءل المرء عن سبب استمرار بعض الأجهزة المالية الخليجية بالاعتماد على الدولار الأميركي في حين لم تتوانَ العديد من دول العالم في فك ارتباط عملاتها بالعملة الأميركية خشية تردي أوضاعها الاقتصادية.

ولعل الجواب الأنسب يعود إلى فعالية السياسة النقدية التي تنتهجها هذه البلدان بغرض حماية الاقتصادات المحلية من التضخم الخارجي والحفاظ على استقرار معدلات الصرف. ولكن ذلك لا يعفيها من الآثار السلبية المترتبة على انخفاض قيمة الدولار.

وقد عمدت عديد من الدول إلى التخلّي عن العملة الأميركية في تحديد معدلات صرف عملاتها من خلال اعتماد التعويم، أو «سلة العملات» على غرار الكويت.

ومن المرجح أن يعود المفهوم الأخير بالنفع على الدول الخليجية التي لا تزال عملاتها مقوّمة بالدولار، سيما أن العملات المختارة في السلة ترتكز على المعاملات التجارية والمالية وعلى الحركة التجارية البينيّة بين هذه الدول.

ومن شأنه أن يسهم بالحفاظ على استقرار معدل الصرف دون المساس بقيمة العملة. ولكن لكل نظام مثالب، فارتكاز التجارة على دولة أو عملة واحدة قد يعيق تحقيق التوازن في معدل الصرف. كما أن «سلة العملات» لا تقي من مخاطر التضخّم المستورد.

Email