الثروات النائمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت لنا فرصة منذ أكثر من 6 سنوات في الترويج لصندوق استثماري مخصص لأموال السيدات العرب، في مبادرة هدفت يومها إلى استقطاب رؤوس الأموال وتوظيفها في مشاريع استثمارية واعدة من شأنها دفع عجلة الاقتصاد العربي عامة والخليجي بصفة خاصة.

واليوم، تعود قضية الثروات النسائية في منطقة الخليج العربي إلى الواجهة مجدداً مع التقديرات التي تفيد بوصول حجمها إلى نحو 400 مليار دولار أميركي.

ولعلّ هذا الرقم يدفعنا إلى التساؤل حول جدوى الثروات النسائية العربية النائمة في البنوك والبيوت ومدى مساهمتها في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول الخليج.

مما لا شك فيه أنّ المرأة الخليجية باتت اليوم شريكاً فاعلاً في مسيرة التنمية الشاملة، محققةً تقدّماً ملحوظاً في مختلف المجالات الحيوية بدءاً من التعليم والصحة وصولاً إلى التكنولوجيا.

ولا ينطوي دور المرأة في الخليج على كونها قوة بشرية فاعلة، بل برزت أيضاً كقوة مالية لا يُستهان بها في ظل الارتفاع الهائل في الثروات النسائية على مدى السنوات القليلة الماضية، .

وهو ما بات يستوجب العمل لتحويل هذه القوة المالية إلى أداة اقتصادية مؤثرة عبر تبنّي سياسات جديدة واستراتيجيات ممنهجة لرفد الاقتصاد الخليجي برؤوس أموال واستثمارات واعدة من شأنها دعم خطط التنويع الاقتصادي على المدى البعيد.

وعلى مدى الأعوام الفائتة، بقيت الثروات النسائية الخليجية رهينة السندات والودائع النقدية والمصرفية الضامنة لتحقيق عائد مالي ثابت وآمن، وهو ما دفع بعض البنوك والمؤسسات المالية إلى اتخاذ خطوات جدية للاستفادة من هذا النهج. وبالتأكيد كانت.

ولا تزال البنوك المستفيد الأول من إبقاء الثروات النسائية مجمّدة، لا سيّما في ظل عدم وجود خيارات استثمارية مشجعة بالنظر إلى انعدام التسهيلات والحوافز التي من شأنها دفع السيدات الخليجيات نحو المنافسة في عالم الأعمال وخوض غمار الاستثمار.

وعلى الرغم من نجاح الاستثمارات النسائية الخجولة في السوق العقارية والتي تبدو مبشرة على مستوى تفعيل دور المرأة في تنشيط حركة رؤوس الأموال الخليجية، .

إلاّ أننا لا نزال بحاجة ماسة إلى إيجاد مسارات جديدة تستوعب الثروات النسائية الهائلة التي، في حال توجيهها بالشكل المناسب، ستمثل دفعة قوية للوصول بالاقتصاد الخليجي إلى آفاق جديدة من النمو.

ومن هنا، لا بدّ بدايةً من تبني نهج جديد بعيداً عن الصناديق الاستثمارية التي باءت بالفشل، في سبيل نشر المعرفة الاستثمارية ومحو الأمية المالية بين أوساط السيدات وتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في سوق العمل وقطاع الاستثمار وعمليات صنع القرار، لتصبح بذلك شريكاً رئيسياً في تجسيد أهداف التنمية الاقتصادية.

Email