الاتحاد الأوروبي ومعادلة الدول الشرقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء تأسيس الاتحاد الأوروبي ليمثل نقلة نوعية على مستوى إعادة بناء أوروبا وفق أسس متينة قائمة على تعزيز "المواطنة الأوروبية" ودعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي عبر الوحدة الجمركية والعملة الموحدة والسوق المشتركة وقوانين حماية البيئة واحترام الحقوق المدنية والسياسية والتنوع الثقافي واللغوي، مشكلاً بذلك منظومة فريدة من نوعها في العالم.

ولعلّ الحدث الأبرز في تاريخ الاتحاد الأوروبي يتمثل في انضمام 8 دول من الكتلة الشرقية السابقة خلال 2004 في خطوة تهدف إلى توسيع نطاق القوة الاقتصادية والسياسية والنقدية الأوروبية وتحسين المستوى المعيشي والاقتصادي في الدول الشرقية وفتح أسواق جديدة أمام الدول الغربية.

وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المراقبين بأنّ هذه الخطوة جاءت بنتائج إيجابية لا سيّما فيما يتعلق بفرص العمل والاستثمار، تخوّف آخرون من أن التوسع لا يمثل نجاحاً استراتيجياً بقدر ما يشكّل عبئاً اقتصادياً على دول أوروبا الغربية.

وباتت تتطلع غالبية شعوب أوروبا الشرقية، لا سيّما في رومانيا وبلغاريا، إلى الهجرة إلى أوروبا الغربية مع إلغاء الحواجز الجمركية للبحث عن فرص عمل أفضل والتمتع بمستويات معيشية أفضل، وهو ما هدّد القوى العاملة في أوروبا الغربية ومثل عبئاً حقيقياً على أنظمة الرعاية الصحية. وتزداد الأعباء حالياً في ظل بروز ظاهرة "مهاجرو الفقر" التي تنامت خلال الأعوام الخمسة الماضية مع وصول أعداد المهاجرين من رومانيا وبلغاريا إلى 147,000 إلى ألمانيا فقط، وسط مخاوف من عدم القدرة على احتواء الظاهرة مع اقتراب إقرار قانون حق حرية التنقل والعمل في مجال الإتحاد الأوروبي اعتباراً من العام المقبل.

وبالنظر إلى التوسعة الكبرى في العام 2004 عبر إضافة 75 مليون نسمة إلى الاتحاد الأوروبي، ومن ثمّ التحاق رومانيا وبلغاريا في العام 2007 مع 30 مليون نسمة، نجد بأنّ أوروبا نجحت في تطبيق الخطط التوسعية باتجاه الشرق الذي يتمتع بعمالة ماهرة وفرص استثمارية مجزية. ولكن في الوقت ذاته، بدأت تظهر تبعات هذا التوسع غير المدروس على شكل توافد مئات الآلاف من العمالة الشرقية نحو أسواق العمل في أوروبا الغربية مهددةً بذلك بارتقاع معدلات البطالة. وتعيد هذه المعطيات إلى الأذهان التساؤل فيما إذا كانت التحفظات البريطانية حول توسيع السوق الأوروبية بإتجاه الشرق في مكانها أم لا!. ويبقى اليوم السؤال الأبرز "هل فات الأوان لتفادي الأسوأ في المستقبل؟ وهل يمكن لهذا الإتحاد الإستمرار؟.

 

 

Email